واصل الجيش الاسرائيلي منذ الليلة الماضية قصفه وغاراته الجوية المكثفة على قطاع غزة، ما اسفر عن سقوط ثلاثة شهداء على الاقل، فيما استمرت المقاومة في الرد عبر اطلاق رشقات متتالية من الصواريخ التي ادت الى مقتل اسرائيليين اثنين بحسب مصادر اعلامية.
ويأتي هذا التصعيد غداة عملية نفذتها القوات الخاصة الاسرائيلية داخل القطاع المحاصر يوم الاحد، وأسفرت عن استشهاد سبعة فلسطينيين ومقتل ضابط اسرائيلي.
وأطلقت مئات الصواريخ عصر الإثنين من القطاع على جنوب إسرائيل حيث دوّت صفارات الإنذار ما أجبر الاسرائيليين على التوجه الى الملاجئ في العديد من البلدات المحاذية للقطاع المحاصر.
وأحصى الجيش الاسرائيلي اطلاق نحو مئتي صاروخ مصدرها غزة، تم اعتراض ستين منها. لكن العدد ارتفع خلال الليل الى ما يزيد عن اربعمئة صاروخ ما ادى الى مقتل إسرائيليين واصابة 60 باصابات مختلفة بحسب ما ذكرته وكالة انباء "معا" الفلسطينية المستقلة.
وقال الجيش الاسرائيلي إن غالبية الصواريخ سقطت في مناطق غير مأهولة، لكنّ قنوات تلفزيونية إسرائيلية قالت إن قذيفة مورتر فلسطينية أطلقت من قطاع غزة دمرت حافلة على الجانب الإسرائيلي من الحدود مما أسفر عن إصابة شخص على الأقل.
وعرضت القنوات التلفزيونية لقطات للحافلة التي اشتعلت بها النيران وأعمدة الدخان المتصاعدة منها إلى السماء وومضات ضوء في مكان انفجارات تمثل اعتراض منظومة الدفاع الإسرائيلية القبة الحديدية لصواريخ.
وايضا طاولت إصابات مباشرة منزلين في عسقلان ونيتيفوت. كما ضرب صاروخ مضادّ للدبابات مباشرة سيارة صغيرة كانت مركونة قرب كيبوتز كفر عزة الواقع شمال قطاع غزة. وايضا نشرت قناة الاقصى الفضائية فيديو يظهر لحظة استهداف فصائل المقاومة لحافلة تقل جنود الاحتلال على مقربة من حدود قطاع غزة.
وردّاً على ذلك، أفاد الجيش أنّ "مقاتلات ومروحيات هجومية ودبابات ردّت باستهداف أكثر من سبعين موقعاً لحركتي حماس والجهاد الإسلامي في غزة".
وأضاف أن جندياً اسرائيلياً أصيب بجروح بالغة بإطلاق صاروخ مضادّ للدبابات على سيارة صغيرة كانت مركونة قرب كيبوتز كفر عزة الواقع شمال قطاع غزة. وأورد الإسعاف أنّ الجندي عمره 19 عاما وهو في وضع حرج.
واستشهد ثلاثة فلسطينيين في الضربات الإسرائيلية، اثنان في شمال القطاع وثالث في جنوبه، بحسب ما نقلت وزارة الصحة في القطاع لافتةً أيضاً إلى سقوط تسعة جرحى.
ودمّرت غارة إسرائيلية مساء الاثنين مبنى "قناة الاقصى"، التلفزيون التابع لحركة حماس، ولم تفد تقارير عن وقوع إصابات.
وسبقت الضربة الإسرائيلية صواريخ تحذيرية يستخدمها الجيش الإسرائيلي عادةً لإنذار شاغلي مبنى مدني بضرورة إخلائه كونه سيتعرض للقصف.
وبرّر الجيش الاسرائيلي تدمير مبنى القناة بالهجمات الصاروخية التي استهدفت إسرائيل. وقال الجيش في بيان إن قناة الأقصى "هي ملك حماس وأداتها. إنّها تساهم في التحركات العسكرية لحماس وخصوصاً عبر بث رسائل عملانية للناشطين وعبر الدعوة علنًا إلى أعمال ارهابية ضد إسرائيل وتوضيح كيفية تنفيذ هذه الأعمال الإرهابية".
وفي تغريدة على تويتر وصف الموفد الدولي نيكولاي ملادينوف، الذي يبذل مع مصر جهوداً لإرساء هدنة بين إسرائيل وحماس، التصعيد بأنه "خطير للغاية" داعياً "جميع الأطراف إلى ضبط النفس".
وشنت طائرات الاحتلال غارتين على مبنى للامن الفلسطيني في مدينة غزة والمعروف بمبنى "فندق الامل"ودمرته بالكامل.
وسبق هذا القصف قصف عمارة الرحمة السكنية في منطقة حي النصر وسط مدينة غزة وسوتها ايضا في الارض، ولم يبلغ عن وقوع اصابات جراء هذه الاستهدافات.
وقال مكتب الإعلام الحكومي بغزة ان طائرات الاحتلال دمرت منزلا يعود لعائلة محمد ظهير في رفح، ومنزلا لعائلة البريم في بني سهيلا، ومنزلا لعائلة الناجي في أرض الشنطي، ومبنى فضائية الأقصى في حي النصر، وعمارة الرحمة في الشيخ رضوان، وبناية فندق الامل غرب غزة.
وقالت طواقم الهلال الاحمر انها نقلت عدة اصابات جراء هذا القصف.
واعلنت وزارة التربية والتعليم تعليق الدراسة في مدارس القطاع نظرا للاحداث الامنية والتصعيد الاسرائيلي كما علقت الجامعات الفلسطنية الدوام غدا، كما اعلنت سلطة النقد عن تعليق عمل البنوك بسبب الاوضاع في قطاع غزة.
- قرار اسرائيلي بالتصعيد
وقالت وسائل الاعلام الاسرائيلية ان قيادة الجيش قررت مواصلة قصف قطاع غزة. وقالت مصادر اسرائيلية ان جيش الاحتلال سيبدأ بالجولة الثانية من الضربات على القطاع.
واكد مصدر سياسي اسرائيلي وفقا لوسائل الاعلام الاسرائيلية ان المشاروات الأمنية انتهت برئاسة نتنياهو ووزير جيش الاحتلال وبحضور قادة الأمن والجيش واتخذت قرارات عملية تنفيذية والاجتماع غدا لبحث تطورات الموقف على حدود غزة.
وقالت القناة الثانية الاسرائيلية ان اوامر أعطيت للجيش بتوجيه ضربات قاسية ضد حماس والجهاد الاسلامي ونحن امام ايام من القصف والجيش حشد قوات برية كبيرة في محيط قطاع غزة تضم دبابات ومجنزرات وهو جاهز للتصعيد.
وفي المقابل قال الناطق باسم كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس ان فصائل المقاومة في حالة تشاور جدي لتوسيع دائرة النار مع اسرائيل.
واضاف ابوعبيدة في تغريدة له عبر تويتر، ان بداية الصواريخ كانت في عسقلان، مضيفا ان نحو مليون اسرائيلي سيكونون بانتظار الدخول في دائرة صواريخ المقاومة إذا كان قرار الاحتلال تصعيد العدوان.
- دعوات لضبط النفس
وذكر متحدث باسم الأمم المتحدة أن الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو جوتيريش حث كل الأطراف يوم الاثنين على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس.
وقال فرحان حق نائب المتحدث باسم جوتيريش في بيان ”يحث جميع الأطراف على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس. منسق الأمم المتحدة الخاص نيكولاي ملادينوف يعمل عن كثب مع مصر وكل الأطراف المعنية لاستعادة الهدوء“.
وفي تغريدة على تويتر وصف الموفد الدولي نيكولاي ملادينوف، الذي يبذل مع مصر جهوداً لإرساء هدنة بين إسرائيل وحماس، التصعيد بأنه "خطير للغاية" داعياً "جميع الأطراف إلى ضبط النفس".
وذكر التلفزيون المصري نقلا عن مصادر قولها إن مصر أبلغت السلطات الإسرائيلية يوم الاثنين بضرورة وقف عملياتها التصعيدية في قطاع غزة.
وأضافت المصادر أن مصر أبلغت السلطات الإسرائيلية بضرورة الالتزام بمسار التهدئة، وكثفت كذلك مساعيها مع الفلسطينيين في هذا الإطار.

- مقتل ضابط -
ومساء الاحد، قتل ضابط إسرائيلي وسبعة فلسطينيين أحدهم قيادي محلي في كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، في عملية خاصة للقوات الإسرائيلية داخل قطاع غزة.
وتبنّت كتائب القسام في بيان مساء الاثنين اطلاق الصواريخ وقالت إنّ "الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة تعلن عن بدء قصف مواقع ومغتصبات (مستوطنات) العدو بعشرات الصواريخ (...) ردا على جريمة الامس"، في إشارة إلى العملية العسكرية الإسرائيلية ليل الأحد الإثنين.
والضابط الإسرائيلي الذي قتل الأحد هو ثاني عسكري إسرائيلي يقتل منذ تصاعد التوتر بين الدولة العبرية وغزّة نهاية آذار/مارس.
ومذاك، قتل 231 فلسطينياً على الأقلّ بنيران إسرائيلية.
وأجبرت عملية الأحد وما أعقبها من تطوّرات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على تقصير زيارته إلى باريس والعودة إلى إسرائيل. وترأّس الاخير اجتماعاً الإثنين ضمّ وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان ومسؤولين أمنيين.
واعلنت إسرائيل أنّ هدف العملية في غزّة كان "جمع معلومات استخباراتية وليس عملية اغتيال أو اختطاف"، وقال المتحدث العسكري رونين مانليس في بيان الإثنين إنّ "المهمة لم تجر كما كان مخططاً لها وأسفرت عن الاشتباكات".
من جانبها، أكدت كتائب عز الدين القسام أنّ الأمر يتعلق بعملية للقوات الخاصة الاسرائيلية قبل أن يتم رصدها وتندلع اشتباكات بين عناصرها ومقاتلي القسام.
وأفاد بيان للقسام الاثنين "تسللت مساء الأحد قوةٌ صهيونيةٌ خاصة مستخدمة مركبة مدنية في المناطق الشرقية من خان يونس، حيث اكتشفتها قوةٌ أمنية تابعة للقسام وقامت بتثبيت المركبة والتحقق منها".
وتابع البيان "حضر إلى المكان القائد الميداني نور الدين بركة للوقوف على الحدث، وإثر انكشاف القوة بدأ مجاهدونا بالتعامل معها ودار اشتباك مسلح أدى إلى استشهاد القائد الميداني القسامي نور الدين محمد بركة، وحاولت المركبة الفرار بعد ان تم إفشال عمليتها".
واشار الى ان "الطيران الصهيوني بكافة أنواعه تدخل في محاولة لتشكيل غطاء ناري للقوة الهاربة، حيث كثف غاراته الجوية لتوفير غطاء لانقاذ القوة الاسرائيلية بمروحيات عسكرية".
وكان الجيش الاسرائيلي تحدث أولا في بيان مقتضب عن تبادل لإطلاق النار. وقال "خلال عملية (عسكرية اسرائيلية) في قطاع غزة جرى تبادل إطلاق نار".
- 17 صاروخا -
واضاف انه بعد تبادل إطلاق النار "أطلق 17 صاروخا من قطاع غزة على إسرائيل". وأضاف أن نظام الدفاع المضاد للصواريخ تمكن من اعتراض ثلاثة منها، لكنه لم يذكر أي تفاصيل عن الصواريخ الأخرى.
وتأتي هذه التطورات الميدانية بينما كان يبدو أن الوضع في غزة يستقر بعد أشهر من المواجهات العنيفة بين الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين بالقرب من السياج الذي يفصل بين القطاع والدولة العبرية.
وفي هذا الإطار سمحت اسرائيل لقطر بتسليم غزة 15 مليون دولار من أجل دفع رواتب الموظفين في القطاع.
وبرر نتانياهو هذا القرار مساء السبت، مؤكدا أنه قد يساهم في إعادة الهدوء.
ويشهد السياج الفاصل بين إسرائيل وقطاع غزة منذ 30 آذار/مارس "مسيرات العودة" التي ينظّمها الفلسطينيون رفضاً للحصار المفروض على القطاع منذ أكثر من عشرة أعوام وتأكيداً على حقّهم في العودة إلى أراضيهم التي غادروها او هجّروا منها عند قيام دولة إسرائيل في 1948.
ولكنّ حدة التظاهرات تراجعت أخيراً بعدما كثّفت مصر وساطتها بين الفلسطينيين والإسرائيليين للتوصّل إلى هدنة في القطاع ووقف أعمال العنف التي يشهدها منذ شهور.
وتبرر إسرائيل إطلاق النار على المحتجّين الفلسطينيين باعتباره ضرورياً لحماية الحدود ومنع التسلّل والهجمات التي تتّهم حماس بالسعي إلى تنفيذها.
