حمد بن خليفة... وضع بلاده على الخارطة

تاريخ النشر: 25 يونيو 2013 - 05:56 GMT
الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني
الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني

عندما وصل الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني الى الحكم في قطر بعد انقلاب غير دموي على والده، تسلم بلدا مغمورا شبه مفلس، اما الآن، فهو يترك بلدا ثريا حوله الى اكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم والى لاعب اساسي على الخارطة العالمية.
وسلم الشيخ حمد (61 عاما) الحكم لنجله ولي العهد الشيخ تميم في خطاب للشعب القطري صباح الثلاثاء مسطرا سابقة في منطقة يتمسك بها الحكام عموما بالسلطة حتى الرمق الاخير.
وقد دعا الديوان الاميري الشعب القطري الى مبايعة الشيخ تميم اميرا جديدا للبلاد يومي الثلاثاء والاربعاء.
وباتت قطر في عهد الشيخ حمد اكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال وصاحبة اعلى دخل للفرد في العالم، فيما يبلغ عدد مواطنيها ربع مليون نسمة بالكاد ومساحتها 11437 كيلومترا مربعا.
واوجد الشيخ حمد ماكينة اقتصادية ضخمة تحول الاحتياطي الغازي في الرمال ومياه البحر (ثالث احتياطي بعد روسيا وايران)، الى مال، الكثير من المال.
وفي 27 حزيران/يونيو 1995 انقلب الشيخ حمد على والده بدون اراقة قطرة دم، وتسلم خزينة شبه فارغة، وذلك في وقت كانت العائدات النفطية منخفضة.
وعزز الشيخ حمد التحالف مع الولايات المتحدة التي لديها في قطر احدى اكبر قواعدها الجوية في العالم، ومقر القيادة الوسطى لجيشها.
وحمد الاسمر ذو النظرة الجدية والذي كان مكتنزا قبل ان يخسر الكثير من وزنه الزائد في السنوات الاخيرة، شخص مثير للجدل.
فمن انفتاحه على اسرائيل في بداية الالفية الى دعمه لحزب الله وحماس وعدائه للسعودية، ثم الى المصالحة معها ودعمه الكبير لانتفاضات الربيع العربي وللاخوان المسلمين وابتعاده عن ايران في الملف السوري، ادار الشيخ حمد حراكا لا يهدأ وحول الدوحة الى العاصمة السياسية للخليج، وربما للعالم العربي، في ظل ضمور دور القوى الاقليمية التقليدية مثل مصر وسوريا وحتى السعودية.
وغالبا ما يقدم حمد بن خليفة على انه "بطل الربيع العربي" الذي دعمه شتى انواع الدعم، بما في ذلك عسكريا في ليبيا، وبالسلاح في سوريا.
اما الدعم القطري الابرز فقد يكون الدعم الاعلامي من خلال قناة الجزيرة التي اطلقها الشيخ حمد بعيد وصوله الى الحكم مؤسسا لمرحلة جديدة من الاعلام الاخباري العابر للدول العربية.
وقال الكاتب اوليفييه دالاج صاحب كتاب "قطر، سادة اللعبة الجدد"، ان "الشيخ حمد عندما تسلم السلطة في 1995، كان لديه هدف وحيد هو وضع قطر على الخارطة، ولذلك استخدم موارد الغاز الذي كان والده يرفض تطويرها خوفا من تغيير طبيعة المجتمع القطري".
وبعد 18 سنة، قال دالاج ان الشيخ حمد حقق هدفه.
وقال ان "قطر تملك ترسانة مالية ضخمة تجبر دول الجوار والعالم على احترامها، وبات دورها الدبلوماسي المدعوم بالثروة معترفا به، كما ان الحس الاستراتيجي الذي يتمتع به الشيخ حمد سمح له بالا تباغته احداث الربيع العربي، وقام بدعم الاحتجاجات في تونس ومصر وليبيا وسوريا".
ولطالما اعتمد الشيخ حمد على دعم شخصين محوريين: زوجته الشيخ موزا بنت ناصر المسند البالغة التاثير والاناقة في آن واحد، ووزير خارجيته ورئيس وزرائه المحنك الشيخ حمد بن جاسم الذي يتوقع ان يغادر منصبه مع تسلم الشيخ تميم الحكم.
ولد الشيخ حمد في 1952، وتابع دروسه في مدرسة ساندهيرست العسكرية البريطانية الشهيرة التي تخرج منها في 1977 وعين في 1977 وليا للعهد ووزيرا للدفاع.
وكان يصعب على كثيرين فهم التوجهات المتعددة والتي تبدو احيانا متناقضة في السياسة القطرية تحت قيادة حمد.
فهو كان حليفا قويا للغرب، ومنفتحا على ايران، وفتح مكتبا تجاريا لاسرائيل (اغلق في 2008) ودعم حزب الله بعد حربه مع اسرائيل في 2006 وخاض مواجهة محتدمة مع السعودية ثم صالحها، ثم مارس دورا قياديا في الربيع العربي ودعم خصوصا الاسلاميين السنة، ولاسيما الاخوان المسلمين، رغم حساسية شركائه الخليجيين وبالتحديد السعوديين والاماراتيين.
في المقابل، ادخل الشيخ حمد اصلاحات محدودة على النظام السياسي، ورغم وعود متكررة بتنظيم انتخابات برلمانية، ما زالت قطر لا تحظى بمجلس تمثيلي منتخب مع صلاحيات حقيقية.
وتقتصر التجربة الانتخابية في قطر حتى الآن على الانتخابات البلدية.
وقال مصدر دبلوماسي غربي لوكالة فرانس برس "لم يكن الشيخ حمد ابدا مرتاحا الى فكرة كونه انقلب على والده. ربما اراد ان يذكره التاريخ بانه الحاكم الذي سلم الحكم طوعا وليس الذي انقلب على والده".