اكد الخبير في الشؤون الإيرانية الدكتور مجيد رافي زاده أن طهران تبدو مستثمرة في الترويج لسرديتها الخاصة لمسار الحرب في سورية
وفي مقال نشرته صحيفة "ذي اراب نيوز" السعودية، كتب أن إيران مركزة على أنها حققت الانتصار مع الرئيس السوري بشار الأسد بعد حوالي ثمانية أعوام من النزاع الدموي في سوريا.
"النصر للشعب السوري"
وتضمنت الصحف الفارسية عناوين مثل "النصر للشعب السوري والحكومة" و "الدول العربية مصطفة للعودة إلى سوريا". كذلك، كانت طهران تحتفل بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب قواته من سوريا، ورأت أنه حول ميزان القوى لمصلحة الأسد.
تحاول طهران توجيه رسالة إلى الشعب الإيراني مفادها أن الكلفة الاقتصادية والبشرية لتورطها في سوريا لم تذهب سدى. هذه الرسالة متناسقة ومتوافق عليها بين القادة الإيرانيين على امتداد المشهد السياسي لأن جميع الأحزاب الإيرانية دافعت عن السياسات نفسها في سوريا.
تجاهل مآسي شعبها
وفي الوقت الذي يكافح فيه أكثر الإيرانيين لتلبية الحد الأدنى من حاجاتهم الأساسية، فإنهم يشاهدون كيف زادت حكومتهم تدريجياً تدخلاتها السياسية والاقتصادية في سوريا، وتتجاهل مآسيهم.
في بداية الحرب، قالت طهران إنها تؤمن فقط الدعم المعنوي والاستشاري والديبلوماسي للأسد. لكنها أرسلت الحرس الثوري بعد ذلك وأمنت له المساعدة العسكرية والاستخبارية والاقتصادية.
وفي وقت لاحق، أرسل الحرس جنوداً من الرتب الدنيا وجنرالات عسكريين بارزين واستخدم ميليشياته ووكلاءه من أنحاء مختلفة من المنطقة بمن فيهم حزب الله، وجند مقاتلين من دول مثل أفغانستان للقتال إلى جانب قوات الأسد.
خط ائتمان مفتوح
ووُجّه قسم بارز من الثروة الإيرانية لمساعدة الأسد على الإمساك بالسلطة عوض استخدامها لمساعدة المواطنين الإيرانيين. وأنشأت طهران خط ائتمان لنظام الأسد وراحت توسعه حتى بلغ مليارات الدولارات.
و بدأت إيران تنفق حوالي 16 مليار دولار سنوياً على دعم الأسد.
وبإظهار أنها خرجت منتصرة في سوريا، يُحاول قادةإيران أن يمدوا ميليشياتهم ووكلاءهم بالقوة لتيعزيز ولائهم لطهران.
ويساعدها هذا الأمر على الدفع بأهداف الهيمنة التي تسعى إليها عبر تصوير نفسها قوةً إقليميةً لا غنى عنها، وكانت قادرة على إبقاء الأسد في السلطة رغم جميع العوائق.
إن نشر فكرة انتصار طهران في سوريا يخدم أيضاً دعامة أساسية للسياسة الخارجية الإيرانية: إحباط سياسة الولايات المتحدة في المنطقة.
للنظر إلى الصورة الكبيرة
يرى رافي زاده الذي يرأس المجلس الأمريكي الدولي أنه من وجهة نظر استراتيجية وجيوسياسية يمكن اعتبار إيران ناجحة في سوريا بما أنها تمكنت من إبقاء الأسد في السلطة، وعززت قوة وكلائها، وعطلت أهداف الغرب في المنطقة، وعدلت ميزان القوة في الشرق الأوسط.
ولكن، عندما ينظر المرء إلى الصورة الكبيرة يجد أن إيران عانت أكثر مما كسبت في النزاع السوري، إذ أثار إنفاق مليارات الدولارات على تلك الحرب أزمة اقتصادية في إيران أدت إلى مظاهرات شاملة في البلاد قد تهدد سيطرة رجال الدين على السلطة في المدى البعيد.