عاشت حميدة أم فارس معظم سنوات عمرها السبعين كلاجئة و اليوم تقطعت بها السبل من جديد في خيمة على الحدود بين العراق وسوريا حيث يقيم مئات من الفلسطينيين هربا من العنف في بغداد.
وقالت وهي تحبس دموع الغضب من الدول العربية التي تطالبها بتقديم العون "فررنا خوفا على ارواحنا. ضرب عنق حفيدتي في هجوم صاروخي وقتل ابناؤنا. فررنا من العراق لننجو بأرواحنا."
ويلعب الاطفال في الطرق المتربة بين الخيام البيضاء بينما تتدلى قطع الملابس من الحبال التي مدت بينها فيما تضيف أم فارس "نعيش في حالة بائسة في هذا المخيم."
وفر علاء (25 عاما) الذي اكتفى بذكر اسمه الاول الى المخيم في نقطة التنف الحدودية بعدما قتل مسلحون احد اشقائه ويقول "تفرقت عائلتي كلها. لا اعلم شيئا عن اشقائي او عن مكانهم."
وتقول المفوضية العليا لشؤون اللاجئين إن العنف الطائفي والهجمات بالقنابل تدفع ما يصل الى 50 الف عراقي للرحيل من ديارهم شهريا وتضيف أن نحو مليوني عراقي نزحوا داخل العراق وأن نفس العدد فر الى الخارج.
وقالت استريد فان جندرن شتورت المتحدثة باسم المفوضية إنه كان في العراق 34 الف فلسطيني في عام 2003 قبل الغزو الاميركي الذي اطاح بالرئيس الراحل صدام حسين وإن حوالي 15 الفا لا يزالون هناك.
وجاء الفلسطينيون على ثلاث دفعات في عام 1948 و1967 وفي التسعينات حيث منحوا مساكن مدعومة والحق العمل وهي مزايا مقارنة بمعاملة لاجئين اخرين الا انها كانت مصدر توتر مع بعض العراقيين الذي سحبت منهم هذه المزايا لتمنح للفلسطينيين.
وقدم صدام مساعدات للفلسطينيين مصورا نفسه كمدافع عن القضية الفلسطينية.
وتقول فان جندرن شتورت انه رغم صغر الأعداد الا ان الفلسطينيين في وضع صعب فريد لتعذر فرارهم الى سوريا او الاردن او اي دول مجاورة كما فعل العراقيون لعدم امتلاكهم جوازات سفر.
وتضيف "الامر مختلف بالنسبة للفلسطينيين نظرا لأنهم لا يستطيعون الذهاب لأي مكان. لم تعد اوراق هويتهم سارية ولا يجددها العراقيون لان الامر ليس ضمن اولوياتهم."
وتابعت "انهم مستهدفون يتلقون تهديدا بالقتل ومعرضون لحملات ولكن لا يمكنهم الفرار وحين يفرون فإما يكون بوسائل غير شرعية او تتقطع بهم السبل عن الحدود."
وينظر كثير من العراقيين وبصفة خاصة في المناطق الشيعية بريبة شديدة للعرب من جنسيات اخرى.
وتقول فان جندرن "ينظر للفلسطينيين على انهم مسلحون او يثيرون مشاكل لأنهم من السنة."
ويوم الجمعة قالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين انها "منزعجة للغاية" بسبب الإغارة على مجمع سكني يقطنه فلسطينيون في بغداد يوم الاربعاء الماضي مما اسفر عن مقتل فلسطيني واعتقال آخرين.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية العميد عبد الكريم خلف ان الغارة شنت استجابة لمعلومات عن وجود سيارة ملغومة في المجمع. وأضاف انه جرى تبادل اطلاق النار مما اسفر عن مقتل ثلاثة مسلحين والقبض على 25 من بينهم عراقيون وفلسطينيون.
ورفض المتحدث في تصريحات لتلفزيون الحرة الاتهامات باستهداف الفلسطينيين عن عمد وقال ان العنف في العراق يمس الجميع وان الغارة استندت لمعلومات مخابرات محددة.
وفي مؤتمر صحفي في جنيف يوم الجمعة قال رون ردموند المتحدث باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ان مقاومة الفلسطينيين للغارة نابعة من الخوف نتيجة استهدافهم من جانب ميليشيات وجماعات اخرى لشهور.
وتابع انه لدى المفوضية تقارير عن اضطرار الفلسطينيين لدفع الاف الدولارات لقوات الامن لحماية افراد أسرهم المعتقلين من التعذيب.
وتواترت تقارير عن تسلل ميليشيات لقوات الشرطة العراقية الا ان وزارة الداخلية اعلنت في الآونة الأخيرة انها تتخذ اجراءات للتخلص من مثل هذه العناصر.
وابدت المفوضية العليا قلقها تجاه المنظمات غير الحكومية التي تعمل مع الفلسطينيين اثر اختطاف عامل بإحداها يوم الثلاثاء والعثور عليه مقتولا في اليوم التالي.
وقالت المفوضية ان غارة يوم الاربعاء دفعت ما لا يقل عن 41 فلسطينيا للفرار لينضموا الى نحو 850 تقطعت بهم السبل على الحدود السورية منذ مايو ايار الماضي.
ويقول ابو رامي الذي يشرف على المخيم ان زعماء العشائر في محافظة الانبار التي تقطنها اغلبية سنية يساعدون اللاجئين ولكنهم يحتاجون مكانا يذهبون اليه. وقال "عشنا في العراق كلاجئين والان نبحث عن ملجأ في بلد اخر. من الصعب الانتقال من ملجا لآخر ...تقطعت بنا السبل هنا في انتظار مساعدة الدول العربية والامم المتحدة."