دمشق متورطة بدعم ”فتح الإسلام”: حقيقة أم إدعاء؟

تاريخ النشر: 14 مارس 2007 - 08:49 GMT

اتهم مسؤولون ووسائل إعلام لبنانية دمشق بدعم مجموعة "فتح الإسلام"، التي كان أعلن الثلاثاء انها تقف خلف تفجيرات "عين علق" والتخطيط لاغتيال 36 شخصية لبنانية معارضة. غير ان موالين لدمشق تسالوا عن مغزى توقيت الاعلان.

اتهامات رسمية

اعلنت مصادر امنية لبنانية، الثلاثاء، عن اعتقال مجموعة تابعة لـ "فتح الاسلام" تورطت بتفجير حافلتين في منطقة عين علق شرق بيروت.

وقالت المصادر ان المعتقلين اعترفوا بانهم قاموا في 13 شباط/فبراير بتفجير حافلتين للنقل المشترك في منطقة مسيحية شمال بيروت واضاف المصدر الذي طلب عدم كشف هويته ان الشبكة التي نفذت الاعتداءين تضم ثمانية أشخاص فر اثنان منهما فيما ادلى الستة الباقون وبينهم سوريون باعترافات كاملة ابرزها انهم كلفوا التحضير لاعتداءات ضد قوة الامم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل).

على ان الامر لم يتوقف عند حد الاعلان عن مسؤولية "فتح الاسلام"، عن التفجيرات فقد اعلن وزير الداخلية اللبناني حسن السبع ان الاستخبارات السورية متورطة في التفجيرات وان هذا التنظيم هو من صنيعة هذه الاجهزة.

ووفقا لوسائل الاعلام اللبنانية،الاربعاء، فقد قال السبع بعد جلسة لمجلس الوزراء اللبناني الثلاثاء، "ان ثمة فرعاً داخل "فتح الاسلام" مكلفاً "الشأن اللبناني يعمل بتنسيق كامل مع المخابرات السورية".

وكشف السبع أن "الجهة التي طلبت التفجيرات أصرّت على حصولها قبل ذكرى 14 شباط(فبراير) وفي مناطق ذات صفة سياسية معيّنة"، وقال السبع "إن الجميع يعرف من هي الجهة التي تقف وراء ما يسمى فتح الإسلام أو فتح الانتفاضة التي هي جزء من الجهاز الاستخباراتي السوري"، وأعرب عن اعتقاده "بوجود رابط بين التفجيرات على مستوى القرار السياسي".

ودعم السبع اتهامه لدمشق بالاعلان عن اعتقال اربعة، جميعهم سوريون، فيما تجري ملاحقة خامس فر الى مخيم نهر البارد. واشار الى ان المجموعة المتورطة كانت تنوي تفجير دراجة نارية مفخخة قبل 14 آذار/مارس، اي اليوم، امام بيت الكتائب في بكفيا.

ولفت الى أن الأجهزة الأمنية عثرت في ثلاث شقق متفرقة كان يستخدمها الموقوفون، في مناطق الدورة، الأشرفية وقرنة شهوان، على كميات من المتفجرات، وأشار الى أن هناك فاراً واحداً من عناصر المجموعة لا تزال الأجهزة الأمنية تعمل على توقيفه، معلناً أن هذه المجموعة كانت تخطط لتفجير أمام بيت حزب "الكتائب" في بكفيا من خلال تفجير دراجة نارية.

واتهامات اعلامية ايضا

ووفقا للصحف اللبنانية ايضا، فقد شارك السبع في عرض معطيات ملف التفجيرات امام مجلس الوزراء، كل من المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي، ورئيس جهاز المعلومات في قوى الامن الداخلي المقدم وسام الحسن.

وعلم ان المعطيات التي كشفها فرع المعلومات في قوى الامن واستحق عليها تهنئة المجلس تضمنت محاولة لتفجير ثالث مع تفجيري الحافلتين، لكنها باءت بالفشل. وكانت التعليمات الى المنفذين تقضي باختيار هدف سياسي قبل ذكرى 14 شباط/فبراير، فكانت عين علق.

واوضح اللواء ريفي ان ملف القضية الذي يعد بالتعاون مع مخابرات الجيش، سيرفع الى لجنة التحقيق الدولية، فيما توقعت مصادر وزارية ان ينتهي الملف في المحكمة ذات الطابع الدولي عند انشائها.

وافادت مصادر قضائية ان الموقوفين سوريون، لكن عدد افراد المجموعة كبير وبينهم اشخاص من جنسيات عربية.

وأكدت المعلومات المتوافرة أن المجموعة الإرهابية تتكون من أربعة أشخاص سوريين بزعامة سوريّ يدعى مصطفى سيّو، يقيم في شقة في منطقة كرم الزيتون في منطقة الأشرفية شرق بيروت، وقد اعترفت هذه المجموعة بارتباطها بأجهزة المخابرات السورية وتلقيها الأوامر والأموال والتدريبات منها مباشرة، وعرف من الموقوفين المدعو حسام محمد صيام المعروف باسم أبو محمد السوري، والأردني من أصل فلسطيني شاكر عبسي.

وأضافت المعلومات أنه تمّ العثور في شقة المدعو سيّو وهو زعيم المجموعة على كميّة كبيرة من العبوات المعدّة للتفجير مشابهة لتلك التي استخدمت في تفجير عين علق.

وتابعت المعلومات أن السلطات المختصة، وفي مقدمها فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، تمكنت من وضع اليد على هذه المجموعة نتيجة تحريات واستقصاءات وتحقيقات وعمليات رصد ومتابعة موسعة امتدت على مدى أسابيع عدة.

وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة "المستقبل" بانها كانت كشفت في عددها الصادر في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2006 عن توقيف مخابرات الجيش اللبناني لعنصرين من "المجموعة السورية" التخريبية المذكورة، اللذين اعترافا بالسعي لتنفيذ مخطط تخريبي بتكليف من رئيس النظام السوري بشّار الأسد ويهدف الى زعزعة الاستقرار والقيام بعمليات إرهابية وقتل 36 شخصية سياسية لبنانية واستهداف قوات "اليونيفيل".

وقالت الصحيفة بلغة جازمة ان "جماعة "فتح الإسلام" مجموعة تتبع الاستخبارات السورية وقد روّج أواخر العام الفائت أنها منشقة عن جماعة "فتح الانتفاضة" التي يتزعمها أبو خالد العملة الموجود في مخيم اليرموك في دمشق وقد انتقل عدد من عناصرها للإقامة في مخيمي نهر البارد والبداوي في شمال لبنان".

وبدورها قالت صحيفة "النهار" ان مصادر أمنية رفيعة المستوى كشفت لها عن المراحل التي مرت على استخدام المخابرات السورية الاداة التي حملت عنوان "فتح الاسلام"، فقالت ان قائد هذه المجموعة ويدعى شاكر العبسي محكوم عليه بالاعدام في الاردن لارتكابه جريمة اغتيال ديبلوماسي اميركي هو لورنس فولي باطلاق النار عليه امام منزله في عمان في 28 تشرين الأول/اكتوبر 2002.

وكان الدبلوماسي الاميركي يعمل في الوكالة الاميركية للتنمية الدولية هناك.

ثم ظهر العبسي في سوريا حيث ادخل السجن.

وقد طالبت عمان دمشق بتسليمه اليها، لكن السلطات السورية لم تستجب للطلب، بل عمدت الى اخراجه من السجن عام 2005 ونقلته الى معسكر تدريب لـ"فتح – الانتفاضة" التابعة لسوريا في منطقة حلوة قرب راشيا ثم الى معسكر آخر في منطقة قوسايا في البقاع الاوسط حيث تولى العبسي تدريب المجموعة التي حملت لاحقاً اسم "فتح الاسلام".

وفي 9 تموز/يوليو 2006 انتقل العبسي الى مخيم برج البراجنة في ضاحية بيروت الجنوبية لينتقل منها في تشرين الأول الى مخيم البداوي. واثر الحوادث التي حصلت في المخيم، انكشف امر المجموعة، بعد اعتراف اثنين من الموقوفين اللذين رويا تفاصيل علاقات هذا التنظيم بالمخابرات السورية.

وأشارت المصادر الى ان التطورات اللاحقة، من اجبار المسؤول عن "فتح – الانتفاضة" في دمشق ابو خالد العملة على الاستقالة ثم ايداعه السجن ليطلق بعد ذلك ويوضع في الاقامة الجبرية – ان تلك التطورات كانت مقصودة من المسؤولين السوريين للايحاء بان "فتح الاسلام" تنظيم مختلف عن "فتح الانتفاضة"، وتالياً ان لا علاقة لدمشق به، لكن معطيات جريمة عين علق المزدوجة دحضتها.

"فتح الاسلام" تنفي

وفي مخيم نهر البارد، عقد الناطق الرسمي باسم حركة "فتح الاسلام" ابو سليم" طه مؤتمرا صحافيا مساء امس نفى فيه الاتهامات الموجهة الى الحركة وقال: "من الان فصاعدا لن نسكت عن مثل هذه الاتهامات وسنرد ولن يكون الرد متوقعا".

شكوك وتساؤولات

في المقابل شككت قوى وشخصيات في الاعلان الحكومي، وفي توقيته ايضا، وتساءلت قناة "المنار" التلفزيونية التابعة لـ"حزب الله" عن توقيت كشف هذا الملف، وهل له صلة بتقرير برامرتس، او بـ"خطوط الاتصال" التي فتحت بين اميركا وسوريا، او بين اوروبا وسوريا؟ ولفتت الى ان "فتح الاسلام ملاحقة لدى السلطات السورية"، مشيرة الى ما اورده الصحافي الاميركي سيمور هيرش في مجلة "نيويوركر" في عددها الاخير من ان "فتح الاسلام" تلقت "عرضا سريعا من الحكومة اللبنانية لتسليحها واستخدامها".

وقالت صحيفة "السفير" كان لافتا للانتباه، أن التوقيت جاء ايضا عشية وصول المنسق الاعلى للخارجية والامن في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا الى العاصمة السورية، في أول اتصال اوروبي رفيع المستوى بدمشق منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط/فبراير 2005 ، خاصة وأنه سينقل لائحة مطالب لبنانية الى دمشق تدعو الى وقف أعمال تهريب السلاح والمسلحين الى لبنان وإقامة علاقات دبلوماسية والموافقة على المحكمة الدولية وتنفيذ الشق السوري من القرار 1559، وهي المطالب التي قالت مصادر حكومية لبنانية انها ستكون "المدخل إما لشراكة اوروبية مع سوريا او اتخاذ قرار أوروبي بالمقاطعة بالاجماع" على حد تعبير المصادر اللبنانية، وهو الامر الذي قلّلت من أهميته بعض المصادر السورية.

واضافت الصحيفة ، وفيما لاحظت مصادر حكومية وأمنية لبنانية وجود ما أسمتها "شبهة تسريب معلومات مشوهة حول شبكة "فتح الاسلام" وارتباطها بـ"القاعدة" (أكدت أن هذا الامر لا أساس له من الصحة جملة وتفصيلا استنادا الى التحقيقات!)، خاصة أنه لم يكن قد اتخذ القرار حتى عصر يوم امس بالاعلان عن هذا "الانجاز الامني" الذي "مضى عليه حوالى الاسبوع"، فان بعض المراقبين طرحوا اسئلة حول ما اذا كانت هناك ملامح عودة متجددة لصراع أجهزة استخباراتية وأمنية داخلية وخارجية لم يتوقف طيلة السنوات الأخيرة.

وقالت الصحيفة انه لوحظ ان بعض العائدين من العاصمة السورية، وضعوا مسألة اتهام دمشق رسميا بالضلوع في جريمة عين علق "في خانة التشويش على المساعي الهادفة الى اعادة تطبيع العلاقات السورية السعودية والسورية المصرية"، وسألوا "هل تساعد هكذا خطوة زيارة خافيير سولانا الى دمشق أم تقطع الطريق عليه، خاصة وان الاوروبيين مهتمون أكثر من دمشق بتوقيع اتفاقية الشراكة الاوروبية السورية الموقعة بالأحرف الأولى منذ ثماني سنوات"؟.

تقرير برامرتس

ويأتي هذا التطور، فيما يستعد الاربعاء رئيس لجنة التحقيق الدولية سيرج برامرتس الموجود في نيويورك لتسليم الامين العام للامم المتحدة بان كي – مون التقرير الفصلي الثالث للجنة.

وتتوقع اوساط دبلوماسية ان ينظر مجلس الامن في امكان اصدار قرار جديد عن مجريات تطبيق القرار 1701 يتناول مسألة استمرار تهريب السلاح عبر الحدود السورية الى لبنان، وضرورة وضع حد له.