ذكرى تأسيس مجلس التعاون في عيون الخليجيين

تاريخ النشر: 04 يونيو 2014 - 07:12 GMT
البوابة
البوابة

فريد أحمد حسن

 

في مناسبة ذكرى تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي احتفل بها الأسبوع الماضي نشرت مختلف الصحف الخليجية ووكالات الأنباء استطلاعات رأي شارك فيها خليجيون من مختلف الأطياف حيث استغلوا الفرصة للتعبير عن مدى رضاهم عما تحقق خلال الثلاث وثلاثين سنة التي هي عمر المجلس . وبطبيعة الحال انقسم الخليجيون فيما يخص إنجازات المجلس إلى فريقين ؛ فريق اعتبر أن الإنجازات كثيرة وكبيرة وأشاد بها ، وفريق اعتبرها محدودة ولا تلبي الطموح ورأى أن المجلس لم يقدم للمواطن الخليجي ما يمكن أن يلمسه باليد .. المجردة (المتابعون لمسيرة المجلس وتطوراته والمهتمون يقدرون إنجازاته وهم عكس الآخرين يعلمون أن ما تحقق يؤكد إيمان قادة المجلس بأهمية التعاون ويرون أن بعض ما قاموا به يصب في خانة المنجزات غير العادية. هؤلاء يعتبرون توحيد الأنظمة والقوانين في بعض المجالات في دول التعاون إنجازا لا يدركه غير المتابعين لأحوال المجلس من الذين يعتبرونه ناجحا فقط إن عاد عليهم بالمنفعة المباشرة).

وكالة الأنباء البحرينية استطلعت آراء مجموعة من الأكاديميين وأساتذة في جامعات بحرينية وأصدرت تقريرا يستحق الإشادة كون الآراء التي احتواها جاءت بعيدة عن المجاملة وبعيدة عن التقليل من شأن المجلس وإنجازاته ، هؤلاء أجمعوا على أن المجلس استطاع أن يحقق الكثير من الإنجازات في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية والبيئية والتشريعية والإعلامية والثقافية وغيرها ، ورأوا أن مواطني التعاون يتطلعون الآن إلى الوحدة الخليجية من أجل المزيد من الإنجازات في مختلف المجالات معتبرين هذا الأمر ضرورة ملحة في ظل التحديات والتهديدات التي تواجه دول الخليج قاطبة .

الأكاديميون الذين تم استطلاع آرائهم رأوا أن إنجازات المجلس ستظل راسخة في ذاكرة التاريخ باعتبار أنه استطاع أن ينجح في إثبات وجوده كنموذج يحتذى به بين المنظمات الإقليمية والدولية ، ورأوا أن المجلس أرسى أسسا متينة للتكامل بين دوله وعمل على تعميق الاندماج والمواطنة الخليجية بين شعوب المجلس ، واهتموا بالإشارة إلى أهمية الوصول إلى الاتحاد الخليجي لبلوغ غايات أرحب في التكامل والاندماج، معتبرين هذه الخطوة تعضيدا لقوة المجلس في المستقبل وحفظا لأمن دول التعاون وضمانا للاستقرار والتنمية والازدهار على المستويين الوطني والخليجي.

فيما يخص الاقتصاد اهتم الأكاديميون ممن تم استطلاع آرائهم بالتأكيد على أن هذا الجانب يمثل محورا أساسا من العمل الخليجي المشترك مع نمو الاقتصاد الخليجي الذي بلغ حجمه بنهاية العام 2012 نحو تريليوني دولار بعد أن كان بنصف هذا الحجم قبل عشر سنوات متوقعين أن يقفز إلى ثلاثة تريليونات دولار بنهاية العام 2020 ، ودعوا إلى استكمال متطلبات إصدار العملة الخليجية الموحدة والاتحاد الجمركي ، معتبرين أن اختلاف بعض الرؤى أحيانا داخل دول المجلس تجاه قضايا محددة تعطيه مناعة في المستقبل من أجل إيجاد تنسيق وتشاور أكبر وأكثر عمقا عبر آليات عمل وقنوات اتصال وتنسيق للسياسات والتحركات إقليميا ودوليا وعلى مختلف المستويات.

أيضا اهتم الأكاديميون بالإشارة إلى أن مجلس التعاون حافظ على تماسكه وقوة الدفع الإيجابية له وقالوا إنه يعد أفضل منظمة عربية وحدوية في ظروف وتحديات بالغة الصعوبة بينها ضغوط إقليمية ودولية تعمل على إعاقة عمله لأنها تعتبره يضر بمصالحها وأن هذا الوضع يؤكد أنه لا يمكن لدول التعاون التعامل معه منفردة . كما اهتموا ببيان أن ما يجمع بين دول المجلس أكثر مما يمكن أن يفرق بينها وأن العلاقات التاريخية والمصير المشترك قادرة على إذابة أية خلافات في الرأي ، منبهين إلى أن الخلافات في السياسة الخارجية بين بعض دول المجلس كان يتم التعامل معها عبر تقاليد دول المجلس بعيدا عن المواقف الصارخة .

نقطة أخرى حظيت باهتمام الأكاديميين في هذا التقرير المتميز هي البعد العربي للمجلس حيث قالوا إن مجلس التعاون وقف منذ إنشائه طودا شامخا معبرا عن إرادة الشعب العربي وواضعا قدراته وطاقاته في خدمة الأمة العربية . أما فيما يخص الجانب الإعلامي فدعا المشاركون في الاستطلاع إلى بلورة استراتيجية إعلامية خليجية فاعلة تتميز بمزيد من التنسيق والتعاون والاحترافية وذلك بحكم التحديات التي تواجهها دول المجلس وتنطلق من الثوابت التي أسس عليها مجلس التعاون .

في المناسبة نفسها اهتم رئيس مجلس الشورى البحريني علي صالح الصالح بالتأكيد على أن مجلس التعاون حفظ التوازن الإقليمي بالشرق الأوسط وعزز فرص الأمن والاستقرار فيها وأسهم في ازدهارها ونموها الاقتصادي ، معتبرا المجلس أحد أهم التكتلات السياسية والاقتصادية على مستوى العالم .

اللافت في هذا التقرير وغيره من التقارير واستطلاعات الرأي التي نشرتها الصحف في البحرين - على سبيل المثال - بمناسبة مرور 33 عاما على تأسيس مجلس التعاون أن أغلب المشاركين من المسئولين والمواطنين اهتموا بالدعوة إلى تفعيل مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود الانتقال من صيغة التعاون إلى صيغة الاتحاد وهو ما يعكس ترحيب مملكة البحرين بهذه المبادرة ورغبتها في أن ترى النور سريعا ، على العكس من دول خليجية أخرى بعضها حسم موقفه منها باتخاذ موقف واضح منها ورفضها علانية وبعضه رفضها ولكن على استحياء ، وهو ما استنتج منه أن الاتحاد الخليجي لن يزيد عدد أعضائه عن اثنين أو ثلاثة لو أريد إنشاؤه في هذه المرحلة التي تمر بتغيرات إقليمية ودولية كثيرة وعنيفة .

ربما الأهم في هذه المرحلة هو المحافظة على مجلس التعاون الذي يعتبر في كل الأحوال ظاهرة تستحق البحث والدرس ويستحق قادته عليه كل الشكر والتقدير.

• كاتب بحريني

 

اقرأ أيضاُ: 

دول الخليج تدعو إيران لإزالة اسباب التوتر مع دول المنطقة

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن