العالم ينعي مانديلا

تاريخ النشر: 05 ديسمبر 2013 - 10:53 GMT
رحيل نيلسون مانديلا
رحيل نيلسون مانديلا

أشاد عدد من قادة العالم بالرئيس السابق لجنوب افريقيا الرمز العالمي نيلسون مانديلا الذي توفي أمس الخميس عن 95 عاما، واعتبره الامين العام للامم المتحدة بان كي مون "مصدر إلهام" للعالم.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ان مانديلا كان "مصدر إلهام" للعالم. واكد للصحافيين في مقر الامم المتحدة في نيويورك أن "علينا ان نستلهم من حكمته وتصميمه والتزامه لنسعى الى جعل العالم افضل".

وفي واشنطن، نعى الرئيس الاميركي باراك اوباما مانديلا، معتبرا انه كان رجلا "شجاعا وطيبا". واشاد اوباما في كلمة مقتضبة بعد الاعلان عن وفاة مانديلا "بارادته القوية للتضحية بحريته من اجل حرية الآخرين".

أما الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، فوصف مانديلا بـ"بطل الكرامة الانسانية والحرية". وقال ان "التاريخ سيذكر مانديلا كبطل من اجل الكرامة الانسانية والحرية والسلام والمصالحة". وأضاف: "نحن نعيش جميعا في عالم افضل بفضل مانديلا".

وفي باريس، أشاد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بمانديلا معتبرا انه "مقاوم استثنائي" و"مقاتل رائع". وفي بيان اصدره قصر الاليزيه، قال الرئيس الفرنسي ان مانديلا "كان يجسد شعب جنوب افريقيا واساس وحدة وعزة افريقيا باكملها".

أما وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس، فرأى في مانديلا "عملاقا كان يتمتع بحضور قوي" و"أباً لجنوب افريقيا". وقال في بيان: "مع نيلسون مانديلا يرحل ابو جنوب افريقيا، عماد النضال من اجل الحرية المستعادة ومن اجل المصالحة".

من جهته، اعتبر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن "نوراً كبيراً خبا". وقال على حسابه على "تويتر" ان "نلسون مانديلا كان بطل عصرنا". وتابع: "طلبت تنكيس العلم امام مقر رئاسة الحكومة"، بعد وفاة اول رئيس اسود لجنوب افريقيا.

وأشادت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل بنيلسون مانديلا معتبرة انه "اسم اسهم الى الابد في المعركة ضد قمع شعبه"، بحسب ما جاء في بيان.

واضافت في هذا البيان "نحن مع شعب جنوب افريقيا في حالة حداد بألمانيا على نيلسون مانديلا" مضيفة ان "اسمه سيبقى الى الابد ملازما للمعركة ضد قمع شعبه والنصر على نظام الفصل العنصري".

وقالت ايضا "كل السنين في السجن لم تستطع كسر نيلسون مانديلا او تغييره" مضيفة "ومن رسالته للمصالحة ولدت جنوب افريقيا جديدة".

واوضحت "شخصيا، سأفكر بامتنان بلقائنا في بلاده. المثل الساطع لنيلسون مانديلا والارث السياسي لمعركته غير العنيفة وكذلك رفضه لكل اشكال العنصرية ستبقى الى زمن طويل مصدر وحي لشعوب العالم باسره".

وأشادت بكين اليوم بنيلسون مانديلا "صديقا مخلصا للشعب الصيني" الذي عرف ان "يربح احترام واعجاب الاشخاص في العالم اجمع".

وجاء في بيان لوزارة الخارجية الصينية ان بطل الكفاح ضد الفصل العنصري ارسى "مساهمة تاريخية في اقامة وتطوير العلاقات بين الصين وجنوب افريقيا".

وكانت وفاة نيلسون مانديلا صباح اليوم احد المواضيع الاكثر تناولا في شبكات التواصل الاجتماعي الصينية.

وفي بروكسل، قال رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو انه "يوم حزين، ليس لأفريقيا وحدها بل للأسرة الدولية بأكملها. نبكي وفاة واحدة من اعظم الشخصيات في عصرنا".

اما رئيس البرلمان الاوروبي مارتن شولتز، فقال إن "جنوب افريقيا فقدت أباها، والعالم فقد بطلا. اشيد بواحد من اكثر الرجال انسانية في عصرنا".

وأكد باروزو وشولتز ان نيلسون مانديلا "لم يلعب دورا اساسيا في التحول في جنوب افريقيا الى الشعب الديموقراطي الذي نراه اليوم، بل يمثل المعركة ضد العنصرية والعنف السياسي وعدم التسامح".

وقال رئيس الوزراء الأسترالي، طوني أبوت، ان العالم سيذكر الرئيس الجنوب أفريقي السابق، نيلسون مانديلا، بأنه زعيم أخلاقي وليس زعيماً سياسياً فقط.

ونقلت وكالة الأنباء الأسترالية (آي آي بي) اليوم الجمعة عن ابوت قوله في بيان ان "العالم لن يتذكر مانديلا كزعيم سياسي فقط، وإنما كزعيم اخلاقي".

وأضاف ان مانديلا "أمضى قسماً كبيراً من حياته يقف ضد ظلم التمييز العنصري، وعند الفوز بتلك المعركة، ألهمنا من جديد بمقدرته على المسامحة والمصالحة مع بلاده". وتابع انه "على رغم ان العالم قد لا يشهد أبداً نيلسون مانديلا جديداً، إلا انه ألهم عدد لا يحصى من الرجال والنساء في العالم ليعيشوا بشجاعة أكبر وأكثر صدقاً".

وتقدم بالتعازي باسم الحكومة الأسترالية والمجتمع الاسترالي من عائلة مانديلا، وشعب جنوب افريقيا.

وقال أبوت في تصريحات إذاعية ان مانديلا "كان بالفعل رجلاً عظيماً"، مشيراً إلى انه على رغم انه لم يلتقه شخصياً إلا انه كان يرى فيه شخصاً استثنائياً. وشدد على ان مانديلا كان "أحد أعظم الشخصيات في أفريقيا.. وأحد أعظم شخصيات القرن".

ووصف رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، الرئيس الجنوب افريقي السابق نيلسون مانديلا، بالقائد العظيم الذي حقق إنجازات كبيرة.

ونقلت وسائل إعلام يابانية اليوم عن آبي، قوله للصحافيين ان مانديلا حارب للقضاء على التمييز العنصري بعزيمة قوية.

ووصف مانديلا بأنه كان "قائداً عظيماً حقق إنجازات عظيمة في بناء الدولة، فيما كانت المصالحة الوطنية ركناً أساسياً". وختم متمنياً لمانديلا بأن يرقد بسلام.

وفي رام الله، نعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس الرئيس السابق لجنوب افريقيا الذي وصفه بانه "فقيد شعوب العالم اجمع (...) وفقيد فلسطين الكبير الذي وقف معنا وكان اشجع وأهم رجالات العالم الذين وقفوا معنا". واضاف "جمعتنا مع الزعيم الاممي مانديلا علاقات نضالية وتاريخية ستبقى راسخة الى الابد بين الشعبين الفلسطيني والجنوب افريقي"، مؤكدا ان "مانديلا قائدا ومقاتلا من اجل حرية شعبه وكان رمزا للتحرر من الاستعمار والاحتلال لكافة الشعوب من اجل حريتها".

وتابع عباس: "لن ننسى ولن ينسى الشعب الفلسطيني مقولته التاريخية حين قال ان ثورة جنوب افريقيا لن تكتمل اهدافها قبل حصول الشعب الفلسطيني على حريته".وفي البرازيل، عبرت الرئيسة ديلما روسيف عن حزنها لوفاة مانديلا "المثل الذي سيقود كل الذين يناضلون من اجل العدالة الاجتماعية والسلام في العالم". ووصف رئيس نيجيريا غودلاك جوناثان في برقية تعزية وجهها الى جنوب افريقيا ان مانديلا واحد من "اكبر المحررين في التاريخ" و"ايقونة للديموقراطية الحقيقية".

اما الزعيم التاريخي لحركة تضامن البولندية ليش فاليسا، فوصف مانديلا بأنه "رمز للنضال ضد الفصل العنصري والعنصرية".

وقال ديسموند توتو احد اهم المناضلين ضد نظام الفصل العنصري ان مانديلا "علمنا كيف نعيش معا ونؤمن بانفسنا وبكل واحد". واضاف ان مانديلا "كان موحدا منذ ان خرج من السجن في العام 1990".

وأعلن رئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما أن الزعيم نيلسون مانديلا توفي الخميس في منزله في جوهانسبرج بعد صراع طويل مع المرض.

وقال زوما خلال كلمة مقتضبة وجهها عبر التلفزيون الرسمي مباشرة على الهواء إلى شعب جنوب افريقيا إن نيلسون مانديلا بطل الكفاح ضد التمييز العنصري، توفي عن عمر 95 عاما في منزله في جوهانسبورغ.

وأشاد زوما مطولا بالرئيس السابق لجنوب إفريقيا المناهض لسياسة الفصل العنصري التي كانت سائدة في بلده. وأكد أنه "سيكون للغالي ماديبا (تعني الرجل العظيم والمبجل وتستخدمها عشيرة مانديلا على الارفع شأناً فيها) مراسم دفن رسمية"، معلنا أن الأعلام ستنكس اعتبارا من الجمعة وحتى الدفن.

وكان مانديلا يعاني من مشاكل صحية والتهابات في الرئة ربما كان سببها إصابته بالسل خلال فترة سجنه 27 عاماً في جزيرة روبن أيلاند قبالة كيب تاون.

وقال الرئيس الاميركي باراك اوباما بعد اعلان وفاة الرئيس السابق لجنوب افريقيا نيلسون مانديلا ان "العالم خسر أحد اكثر الناس تأثيراً وشجاعة ونقاء"، موضحاً ان "أعمق ميراث لمانديلا هو جنوب افريقيا حرة وفي سلام مع العالم".

ولد نيلسون مانديلا في قرية مغيزو، في منطقة ترانسكي جنوب جوهانسبورغ، في 18 تموز (يوليو) 1918، واسمه الأصلي روليهلاهلا.

كان والده زعيماً قبلياً، ورث الزعامة عن أجداده الذين كانوا يعتبرون ملوكاً، غير أن مانديلا لم يعش عيشة الملوك، بل على العكس منها عاش طفولة قلقة بعد طرد والده من منصبه كشيخ للقبيلة.

قضى مانديلا طفولته متنقلاً بين منزل والدته، ومنازل زوجات أبيه، ربما كان ذلك سبب قوله لاحقاً إنه "في جميع مراحل حياته، كان يشعر بالراحة مع النساء".

كان مانديلا يسمع أخبار أجداده ملوك شعب التمبو، فيشعر أنه في زمن لا يعترف بالملكيات الغابرة، خصوصاً في ظل وجود التمييز العنصري وانهيار المجتمع الزراعي التقليدي.

أما سبب اعتماده اسم نيلسون بدلاً من اسمه الاصلي، فيعود إلى معلمه في المدرسة التبشيرية الذي أطلق عليه اسم نيلسون، في سياق اختيار البعثات التبشيرية للتلاميذ السود أسماء أبطال إنكليز. وحين أنهى دراساته العليا، كانت الحياة الجامعية أعطته تجربة قيادية من خلال النشاط الطالبي ذات البعد السياسي، لينتقل بعدها إلى جوهانسبورغ المدينة الرئيسية في البلاد.

عمل مانديلا في جوهانسبورغ مساعداً لأحد المحامين كما مارس نشاطاً سياسياً، فشارك سنة 1942 في حملة ناجحة لمقاطعات الحافلات احتجاجاً على رفع ثمن التذاكر. وشكل ذلك بداية ارتباطه بحزب "المؤتمر الوطني الأفريقي" الذي كان تأسس عام 1912، فشكّل المؤتمر إطاراً لنشاطه السياسي والاجتماعي.

وبسبب حظر "المؤتمر الوطني الأفريقي" بقرار من حكومة الفصل العنصري التي يقودها البيض، والتي قامت بفرض نظام "الفصل العنصري" (الأبارتهايد)، مارس مانديلا عمله سراً مع المؤتمر.

في تلك المرحلة، طرأ تحول على فكر مانديلا، وأصبحت المقاومة السلمية شعاراً ينتمي إلى بدايات النضال، فراح ينظّم مع رفاقه في الحزب حملات عنف لتخريب وتعطيل الدورة الاقتصادية في بلده جنوب أفريقيا. وأدى ذلك إلى اعتقاله وإحالته إلى المحاكمة، بتهمة التآمر لإطاحة نظام الحكم. وفي تشرين الأول (أكتوبر) عام 1963 بدأت المحكمة النظر بقضيته، وسط اهتمام عام وعالمي بهذه القضية.

أثناء المحاكمة، ألقى مانديلا خطاباً دفاعاً عن نفسه، استغرق 5 ساعات، واعتبر الأعمق وقعاً في حياة مانديلا السياسية كلها، إذ أبرزه بوضوح زعيماً ليس فقط للمؤتمر الوطني الافريقي، وإنما للمعارضة متعددة الأعراق والمعادية للتفرقة العنصرية.

ولعل أهم ما جاء في خطابه، هذه العبارة التي عبرت عن أفق واسع وتسامح مارسه في ما بعد مع سجانيه ومضطهديه وأبناء جلدته، حين خرج من السجن وأنهى نظام الفصل العنصري وانتخب رئيساً للبلاد، فقال: "كرّست حياتي لكفاح الشعب الأفريقي وحاربت هيمنة البيض بقدر ما حاربت فكرة هيمنة السود. كنت دائماً أرفع عالياً نموذج المجتمع الديموقراطي الحر، حيث الجميع يعطون فرصاً متعادلة ومنسجمة. وإذا اقتضى الأمر سأموت من أجل هذا الهدف".

في العام 1985 عرضت عليه صفقة تشمل إطلاق سراحه مقابل وقف المقاومة المسلحة، إلاّ أنه رفض العرض، وبقي في السجن حتى 11 شباط (فبراير) 1990، أي نحو 27 سنة، إلى أن أدت الضغوط المحلية والدولية إلى إطلاقه، بأمر من رئيس الجمهورية فردريك دوكليرك، الذي شارك مانديلا في العام 1993 جائزة نوبل للسلام.

أصبح نيلسون مانديلا في 10 أيار (مايو) 1994 أول رئيس أسود لجمهورية جنوب أفريقيا، وذلك بعد فوز حزبه "المؤتمر الوطني الأفريقي"، بأكثرية ساحقة في أول انتخابات متعددة الأعراق، في بلد كان يشكل آخر قلاع التمييز العنصري.

وفي العام 1999 قرر مانديلا التقاعد بعدما انتهت مدة ولايته، ورفض أن يتم التمديد له، فتنحى عن الحكم، لكنه تابع نشاطه مع الجمعيات والحركات المنادية بحقوق الإنسان حول العالم.

وبعد 12 عاماً من تركه الحكم، أدخل مانديلا إلى المستشفى عام 2011 لتعرضه لالتهاب حاد في التنفس، وبدأ صراعاً مع المرض أدخله إلى المستشفى مرات عدة، كانت آخرها في الثامن من حزيران (يونيو) الماضي، عند إصابته مجدداً بعدوى في الرئة.

اليوم رحل نيلسوم مانديلا، وأعلن وفاته رئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن