رفض إلغاء قاعدة اقتصادية تمنح حكومة الجزائر ميزة بالشراكة

تاريخ النشر: 01 فبراير 2018 - 04:27 GMT
بوتفليقة
بوتفليقة

وجه السفير الياباني في الجزائر، ماسايا فوجيوارا، الأربعاء، إنتقادات شديدة للحكومة الجزائرية، على خلفية عدم ملائمة مناخ الإستثمار في البلاد، بحسبه، متحدثا عن "نقص في الشفافية و كثرة العراقيل البيروقراطية وعدم استقرار الإطار القانوني".

 

وقال ماسايا فوجيوارا، على هامش مؤتمر إقتصادي نظم بالمدرسة العليا للعلوم السياسية، بالعاصمة الجزائر، بمناسبة مرور 55 عاما على إقامة علاقات دبلوماسية بين الجزائر و اليابان، أن "مناخ الأعمال في الجزائر يتسم بعدم الشفافية و ووجود معوقات بيروقراطية و كثرة مراجعة القوانين في فترات وجيزة".

 

وانتقد السفير الياباني قاعدة الإستثمار التي تنتهجها الحكومة الجزائرية مع الشركاء الأجانب، المعروفة بـ"قاعدة 51/49 بالمائة" و اعتبرها "نقطة سلبية لا تبعث الثقة في نفوس المتعاملين اليابانيين" . وتابع "القوانين الجزائرية تتعرض لتغييرات ، مما يعقد مهمة الشركات اليابانية عند وضع استراتيجياتها".

 

 

ماهي قاعدة 51/49 بالمائة؟ 

واعتمدت الحكومة الجزائرية القاعدة الإقتصادية 51/49 بالمائة، بمجال الإستثمار مع الشركاء الأجانب بقانون الموازنة العامة للعام 2009، وأبقت عليها بقوانين الموازنة للأعوام التالية، وتنص على ضرورة إمتلاك الشريك الجزائري، حكومي كان أم خاصا، نسبة لا تنقص عن 51 بالمائة، من أصول أسهم

الاستثمار، بينما لا يجوز للشريك الأجنبي أن تتجاوز حصته 49 بالمائة.

 

وتبعا لهذه القاعدة، ألزمت الحكومة الجزائرية، التي كان يرأسها الوزير الأول الحالي أحمد أويحي، قبل إقالته العام 2012، الشركات الأجنبية بإقامة إستثمار محلي بإدخال شركاء جزائريين بأصول شركاتهم.
وأثار هذا التوجه الإقتصادي المرتبطة بالشراكة مع الأجانب بالجزائر، غضب حكومات أوروبية ورؤساء مؤسسات أجنبية، وانسحب عدد منها من سوق الإستثمار بالجزائر، على غرار شركات فرنسية وإسبانية، بين عامي 2010 و2013. بيد أن أغلب الشركات المختلطة الأصول، فضلت البقاء بالجزائر.

 

هاجس النزاعات

وقال الخبير الإقتصادي الجزائري، سيد علي صواف بتصريح لصحيفة "عربي21"، الأربعاء أن الحكومة الجزائرية" إعتمدت هذه القاعدة بالإستثمار، حتى يكون للدولة الحق بالتصرف في الشركات المختلطة في حال نشوب نزاع مع الشريك الأجنبي".

 

وتابع صواف " بفضل هذه القاعدة تمكنت الجزائر من إسترجاع شركة أوراسكوم تيليكوم للإتصالات العام 2012، التي كان يمتلكها رجل الأعمال المصري نجيب ساوريس بعد نزاع مع الشركة التي لم تحترم دفتر الشروط المبرم بين وزارة الإتصالات وهذه الشركة"، بحسب الحكومة الجزائرية.

 

ولجأ ساوريس إلى التحكيم الدولي، لكنه خسر القضية، لإرتكاز قرار إسترجاع الشركة التي يمتلك فيها ساوريس أصولا، على القاعدة 49/51 بالمائة المكرسة قانونا بالجزائر.

 

مطالبات بإلغاء القاعدة 

وأثار تبني الحكومة الجزائرية لهذه القاعدة، غضب المتعاملين الأجانب الذين يطالبون منذ إعتمادها بإلغائها وترك الحرية للجزائريين وشركائهم، التفاوض حول نسبة الحصول على الأسهم و الأصول، ومن ثمة الفوائد و الأرباح.

 

وتسري هذه القاعدة على كل القطاعات بما في ذلك قطاع النفط الحساس بالجزائر، إذ ترتبط شركة النفط الجزائرية (سونطراك( بشراكة مع شركات أجنبية بنفس القاعدة ، ومنها ستاتويل النرويجية وبريتش بيتروليوم البريطانية وتوتال الفرنسية.

 

وفي آيار / مايو 2017، وجه مجموعة من رجال الأعمال الفرنسيين، رسالة إلى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، تتضمن دعوته إلى "مراجعة القاعدة الإستثمارية المذكورة، وتبني بنود أكثر مرونة بقانون الإستثمار في البلاد".

 

وجاء برسالة رجال الأعمال الفرنسيين، أن "قاعدة 49 /51 بالمائة ، تسببت بعزوف العديد من المستثمرين الأوروبيين عموما و الفرنسيين على وجه التحديد"، ودعا المستثمرون الفرنسيين الحكومة الجزائرية إلى " تقديم تحفيزات للمستثمرين الأجانب للتمكن من إقامة فرص شراكة رابحة لكلا الطرفين".

 

غير أن الرئاسة بالجزائر، شددت على الإبقاء على القاعدة الإقتصادية محل الشكوى، من خلال مصادقة الرئيس بوتفليقة على قانون الموازنة العامة للعام الجاري 2018. والذي يتضمن تكريسا لهذه القاعدة.

 

غضب بوتفليقة 

وجدير بالذكر أن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، كان ألقى خطابا أمام رجال أعمال بلاده، شهر يوليو / تموز العام 2008 ، تساءل خلاله " كيف لمستثمر أجنبي أتى للجزائر باستثمار لا يتجاوز الـ 700 مليون دولار، وفي غضون 3 سنوات حصل على 2 مليار دولار كأرباح صافية في حين لم تحصل الجزائر على أي شيء ".

 

وشكل هذا الخطاب مرجعا أساسيا في إقرار الحكومة الجزائرية قاعدة 49/51 بالمائة وحيازة الشركاء الجزائريين على الأفضلية بالأصول و الأسهم بالشركات المختلطة.

 

ويعتقد المحلل الإقتصادي الجزائري حفيظ صواليلي، أن " رفض الحكومة الجزائرية إلغاء القاعدة مرده المخاوف من فقدان المؤسسات الوطنية لاسيما الإستراتيجية منها، وجه الاعتراض لدى الأجانب في حال الإخلال بدفاتر الشروط المبرمة بين الطرفين".

 

كما أكد صواليلي بتصريح لصحيفة "عربي21"، الأربعاء، أن " من الأسباب أيضا، صعوبة إيجاد شركاء يتماشون مع الاستراتيجيات الاقتصادية و التسييرية و أهدافها و غياب الضمانات الكافية، وهذه القاعدة تجعل الطرف الجزائري في راحة من أمره، في حال وقوع سوء تفاهم أو إنسداد، مع ما لاحظناه من لجوء بعض الشركات الأجنبية إلى التحكيم الدولي كشركة أوراسكوم تيليكوم لصاحبها نجيب ساوريس ".

 

وأيد رجال أعمال جزائريون العمل بالقاعدة الإقتصادية التي تعطيهم الأفضلية في أصول الشركات المختلطة، وقال رئيس منتدى رؤساء المؤسسات الجزائرية، علي حداد، للصحفيين على هامش لقاء تم مع الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، الحاكم في البلاد، الخميس الماضي " نحن مع ما قررته الحكومة في هذا الجانب، هذا قرار سيادي وحمائي لإقتصاد الجزائر، ولا أظن أن هذه القاعدة مضرة بالشركات الأجنبية وإلا كيف نفسر بقاءها بالجزائر طيلة هذه السنوات؟.

 

لكن السفير الياباني، أكد بتصريحه الأربعاء، بالعاصمة الجزائر، أن"هذه القاعدة أدت إلى زهد رجال الإعمال و المستثمرين اليابانيين من السوق الجزائرية".


وأواخر العام 2016، فجر إلغاء عقد شركة " كوجال" اليابانية التي كانت تتولى إنجاز شطر من الطريق السيار" شرق غرب" بالجزائر، توترا في العلاقات بين البلدين، بسبب الطريقة التي تم فيها معالجة الملف الذي طرح على التحكيم الدولي، بعدما إعتبره اليابانيون خسائر تكبدتها شركتهم.