"رهاب الاسلام" يتعمّق في فرنسا

تاريخ النشر: 09 يناير 2015 - 02:53 GMT
البوابة
البوابة

من شبه المؤكد، أن يعطي الهجوم على مجلة فرنسية ساخرة نشرت رسوماً كاريكاتورية اعتبرت مسيئة للإسلام، زخماً للحركات المناهضة للهجرة الصاعدة في أوروبا ويلهب "حرباً ثقافية" بشأن مكانة الدين والهوية العرقية في المجتمع.

وكان أول رد فعل في فرنسا، على واقعة أمس في "شارلي إيبدو" على أيدي مسلّحين ملثمين رددوا شعارات إسلامية، هو الدعوة للوحدة الوطنية وحرية الرأي.

ولكن يبدو أن هذا لن يعدو كونه هدنة لحظية، في بلد يعاني من المصاعب الاقتصادية والبطالة، حيث تعيش في فرنسا أكبر جالية مسلمة في أوروبا، وتشهد البلاد جدلاً محتدماً بشأن الهوية الوطنية ودور الإسلام.

وقال الباحث في العلوم السياسية المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في معهد الجامعة الأوروبية في فلورنسا أوليفييه روي إن "هذا الهجوم سيؤدي إلى تفاقم رهاب الإسلام المتنامي في فرنسا."

وكان كتاب للصحافي إيريك زيمور بعنوان "الانتحار الفرنسي"، الذي يدفع فيه الكاتب بأن هجرة المسلمين بأعداد كبيرة إلى فرنسا من العوامل التي تهدم القيم العلمانية الفرنسية، هو أفضل الكتب مبيعاً في العام 2014.

 أما أهم حدث في عالم النشر خلال العام الجديد، فهو رواية للكاتب المثير للجدل ميشيل ويلبيك تدور أحداثها حول صعود رئيس مسلم للسلطة في العام 2022 وفرض التعليم الديني وتعدد الزوجات في فرنسا ومنع النساء من العمل.

وتمتزج هذه الثورة الفكرية بقلق الجماهير بشأن تبني مئات المسلمين الفرنسيين للأفكار المتشددة، وسفرهم للانضمام إلى مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" - "داعش"، ويخشى مسؤولو أمن من أن يعود هؤلاء لشن هجمات في فرنسا.

من جهة أخرى، سارع حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف إلى ربط الهجوم بالهجرة، داعياً إلى إجراء استفتاء على العودة للعمل بعقوبة الإعدام، على الرغم من أن الإمام الفرنسي الشهير حسن الشلقومي قال إن "النهج السليم للتصدي لما حدث في شارلي إيبدو ليس عن طريق إراقة الدم أو الكراهية".

ومن جهة ثانية، قالت زعيمة الحزب مارين لوبان إن "الإسلام الأصولي" أعلن الحرب على فرنسا وهذا يتطلب تحركاً قوياً وفعالاً.

لكن في الوقت الذي التزمت فيه الحذر وسعت للتمييز بين المواطنين المسلمين الذين يتبنون القيم الفرنسية وبين "من يقتلون باسم الإسلام"، فإن والدها جان ماري لوبان مؤسس الحزب ونائبها فلوريان فيليبو كانا أقل حذراً.

وقال فيليبو لإذاعة "آر تي إل" إن "أي شخص يقول إن الإسلام الأصولي لا علاقة له بالهجرة يعيش على كوكب آخر."

من جهتها، حثّت قيادات مسلمة، المسلمين على الانضمام إلى الحداد الوطني على القتلى الذين أثارت رسومهم الكاريكاتيرية للنبي محمد غضب الكثير من المسلمين فيما مضى.

وفيما وصفها مسؤولون في السلطة القضائية بأنها هجمات انتقامية، أطلق الرصاص الليلة الماضية على مسجد في مدينة لو مان غرب البلاد، كما هز انفجار مطعماً قرب مسجد في بلدة وسط فرنسا.

وعلى الرغم من أن فرنسا لا تقوم بإحصاءات عرقية أو دينية، فإن مركز "بيو" للأبحاث نشر تقريراً ذكر فيه أن نسبة المسلمين في فرنسا هي 7.5 في المئة تقريباً.

وفي السياق، حذرت حركة تطلق على نفسها اسم "أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب" من تزايد أعداد المسلمين في ألمانيا، وتنظم تجمعات حاشدة أسبوعياً يشارك فيها ما يصل إلى 18 ألف شخص في دريسدن، فيما دعت المستشارة أنجيلا ميركل وزعماء سياسيون آخرون الألمان إلى تجاهل الاحتجاجات التي قالت إن منظميها "تملأ قلوبهم الكراهية".

وأظهر استطلاع للرأي نشر في تشرين الثاني/نوفمبر العام الماضي، أن 57 في المئة من الألمان من غير المسلمين يشعرون بالتهديد من الإسلام.

* عن صحيفة "السفير" اللبنانية.