حصل الصحفي الإرلندي المخضرم ، روبرت فيسك ، مراسل "الإندبندت" البريطانية في بيروت، على إذن خاص من النظام السوري لدخول حلب وتغطية المواجهات الدائرة فيها بين الجيش السوري ومسلحي "لواء التوحيد" التابع للأخوان المسلمين ، وبقية المنظمات الأخرى التي تقاتل تحت اسم "الجيش الحر" مثل "جبهة النصرة" التي أصبحت تنشر المئات من مقاتليها علنا في حلب ، بعد ستة أشهر من التخفي والاكتفاء بالعمليات التفجيرية الانتحارية والسيارات المفخخة. ويقول فيسك في تقريره الذي أرسله من حلب، ونشرته "الإندبندنت" يوم أمس، إن الانطباع هنا(في حلب) هو أن المسلحين يطلقون النار على الجيش ثم يهربون ويختبئون في المصارف الصحية (البالوعات) مثل الفئران. ويؤكد فيسك ، استنادا إلى جوازات سفر مصادرة من القتلى وإلى إفادات مواطنين من حلب أدلوا له بإفاداتهم دون معرفة السلطة ، أن المقاتلين الأجانب في حلب ينتمون لأكثر من خمس جنسيات أجنبية ، أبرزها الشيشانية والتركية والأفغانية والسودانية والليبية ، فضلا عن السوريين بطبيعة الحال. وبشأن الأسلحة والمعدات القتالية الأخرى، بما في ذلك المتفجرات نفسها، واستنادا إلى مشاهدته ما صودر منها من قتلى المسلحين، يؤكد فيسك أنها من بلجيكا وإسبانيا والسويد وسويسرا والولايات المتحدة وتركيا . ويورد في تقاريره نماذج عن أرقامها الصناعية التسلسلية للتأكيد على مصدرها والجهات المصنة لها.
وعن مشاهداته خلال جولة في شوارع المدينة ، يقول فسيك إنه رأى بأم عينه المسلحين الذين احتلوا بيوت المواطنين وأخذوا يطلقون منها النار على الجيش قبل اختفائهم مع وصول دوريات للجيش السوري. كما رأى المسلحين وهم يطلقون النار من "مسجد الهدى" في حي سيف الدولة الذي "حرر من قبضة المسلحين باستثناء كتلتين من الأبنية السكنية" ، وفق ما يذكره. ويضيف القول نقلا عن عشرة على الأقل من أصحاب البيوت والمتاجر في المنطقة، الذين تحدثوا إليه دون وجود جنود سوريين أو أي من عناصر السلطة بعد أن عرفوا أنه صحفي أجنبي، إن المقاتلين الأجانب احتلوا المساكن واستخدموها لإطلاق النار على الجيش ، كما أن المسلحين في أغلبيتهم كانوا "يتحدثون التركية ولهجات عربية غريبة ويرتدون سراويل قصيرة ويطلقون لحى طويلة شبيهة بلحى(الوهابيين) السعوديين". ويتابع القول" تحدثت إلى الكثير من مواطني حلب بعيدا عن مسامع جنود السلطة، حول المسلحين الأجانب. وقد أكد لي هؤلاء المواطنون انتشار أعداد كبيرة من المسلحين الأجانب في الشوارع جنبا إلى جنب مع المسلحين السوريين القادمين من ريف حلب . ويبدو أن تواجد أعداد كبيرة من المقاتلين الأجانب في صفوف المسلحين السوريين هو أمر حقيقي". وقال فيسك إنه ، وفي الوقت الذي لا يزال فيه الكثير من الأهالي عالقين بين نيران الجيش والمسلحين ، فإن السلطة عمدت إلى إخلاء ما تيسر من المدنيين وأسكنتهم في منشآت جامعة حلب. كما أن الجنود كانوا يعطون تنبيهات وتحذيرات للمواطنين بمكبرات الصوت لإخلاء المنطقة التي يريدون مداهمة المسلحين فيها والاشتباك معهم، في دلالة على حرصهم على عدم سقوط أبرياء.