خبر عاجل

أكد جيش الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ ضربات جوية دقيقة استهدفت قيادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في العاصمة القطرية الدوحة. من جهتها، أفادت مصادر قيادية في الحركة لوكالة الجزيرة بأن الاحتلال الإسرائيلي ...

العراق: زواج المتعة ظاهرة مرفوضة أضفى عليها بعض رجال الدين الشرعية!

تاريخ النشر: 05 مايو 2014 - 07:40 GMT
البوابة
البوابة

ليس صحيحا ما يقال عن شيوع زواج المتعة بالعراق والمجاهرة به الى حد تحول معه الى ظاهرة اجتماعية، وليس صحيحا أيضاً أن هذا النوع من الزواج لم تتسع مساحته في السنوات التي اعقبت الاحتلال، الصحيح أن هناك رجال دين يشرعون هذا النوع الزواج، وان هناك نسبة من النساء والرجال، من الشبان والشابات، تستهويهم تلك الفتاوى لأأنها تفتح لهم بابا أوصدته الشرائع والأعراف وهم بأمس الحاجة اليه!.

في منتصف عقد التسعينيات من القرن الماضي ومع الخناق الاقتصادي الذي شح معه كل شيء انتشرت بين أوساط الشباب ظاهرة أطلق عليها (الزواج السري)، وهو، بكل المعايير، زنا يبحث له طرفاه عن غطاء شرعي، وهذا الغطاء يوفره بعض رجال الدين الذين لايفقهون شيئا عن فحوى زواج المتعة عند الشيعة، ولا الهدف منه، ولا عن فلسفته التي فصل فيها فقهاء الشيعة وتعمقوا واسهبوا!.

بصرف النظر عن الجوانب الدينية والشرعية لزواج المتعة الا أن المجتمع العراقي بعامته ينظر اليه بعين مستنكرة رافضة مستهجنة، غير أن هذا لا يعني ان الظاهرة قد أصبحت منبوذة بل العكس هو الصحيح احيانا، اذ شهدت السنوات العشر الأخيرة إقبالاً على هذا النوع من الزواج بأسباب كثيرة لا تقتصر على حالة الفوضى التي يعيشها المجتمع، وضعف الدولة، وسلطة رجال الدين التي تعاظمت كثيرا، ناهيكم عن التصدعات الخطيرة التي شهدها المجتمع ومن بينها انتاج الملايين من الأرامل والعوانس والمطلقات، يقابلهن ملايين من الشباب العاطلين وغير القادرين على توفير مستلزمات الزواج، يعزز ذلك وجود من يشجع على زواج المتعة ويضفي عليه غطاء شرعيا ودينيا وهو ما يشجع الشبان والشابات، الارامل والعانسات، المطلقات وغيرهن على القبول بهذا النوع من الزواج ولو على مضض.

زواج المتعة كما عرفه الشيخ محمد الحامد هو أن ينكح الرجل المرأة بشيء من المال مدة معينة، ينتهي النكاح بانتهائها من غير طلاق، وليس فيه وجوب نفقة ولا سكن، وعلى المرأة استبراء رحمها بحيضتين، ولا توارث يجري بينهما، إن مات أحدهما قبل انتهاء النكاح.

اما شروط زواج المتعة كما حددها بعض رجال الدين فهي:  "إذن ولي الأمر للبكر والقاصر أما الثيب والأرملة فلا إذن ولي الأمر لهما تعيين الزوجة ويشترط ان يكون مالا أو ذا قيمة مالية، أما ضوابط زواج المتعة فلا يوجد طلاق في هذا الزواج، لكن للزوج أن يهب الزوجة بقية المدة وليس للزوجة حق في الميراث لكن لأبنائها من زواج المتعة جميع حقوق أبناء الزوج من الزواج الدائم وينسبون اليه.

لا غرابة إذا عرفنا أن هناك مكاتب علنية في بغداد وبعض المناطق العراقية تتولى الاجراءات (الشرعية) للزواج المؤقت بكل اشكاله، ومن بينه الزواج المؤقت أو زواج المتعة او زواج المسيار، وهؤلاء انصاف رجال دين يطلق عليهم (السادة) الذين يتلون ديباجة يحفظونها عن ظهر قلب أمام الرجل والمرأة الراغبين بزواج المتعة، وهي بمثابة صيغة عقد واقرار بالزواج وموافقة الطرفين عليه.

يقول (م.ص) وهو شيخ يملك دفترا للزواج الدائم بأنه لا يعقد الزيجات المؤقتة ولكنه يقول في زواج المتعة، يحق للمرأة أن تحصل على أموال طوال مدة الزواج، ولا يمكن للمرأة إنهاء الزواج المؤقت، قبل انتهاء صلاحيته المتفق عليها سلفا أو ما لم يوافق الرجل.

بعد أن ينتهي الزواج المؤقت الأول يجب أن تنتظر المرأة ما لا يقل عن (دورتين شهريتين) قبل أن تكون لها علاقة أخرى، كي تتمكن من تحديد الأبوة بصورة سهلة في حال أصبحت حاملا.

فيما يقول صاحب مكتب الزواج الذي يجاوره انه يشجع على الزواج الدائم، ولكنه يعطي الموافقة لزواج المتعة عندما تكون هناك «أسباب خاصة».

رجل الدين يذكر بأنه منح تراخيص للمتعة في الحالات التي يكون فيها نساء أرامل والمطلقات أو للمرأة الباكر التي لديها موافقة من أبيها. المؤيدون للفكرة ينتقدون منع صدام للزواج المؤقت خلال حكمه، ويقول احد الشباب لم تكن هناك حرية دينية في العراق، وهذا الزواج المؤقت هو مثال على حقنا في اختيار طريقنا في الإسلام بحسب تعبيره!!.

الجهات التي تبيح زواج المتعة تدعي أنها تحافظ على الشابات من ممارسة الجنس خارج إطار الزواج، ويمنع النساء الأرامل أو المطلقات من الحاجة إلى اللجوء إلى ممارسة الدعارة - وفقا لأنصار زواج المتعة- ويضيف شاب جامعي متحمس لزواج المتعة هذه الزيجات المؤقتة ليست بعيدة كل البعد عن الزواج التقليدي بالنظر إلى أنه يتم دفع مهر من نوع ما، وتتم تغطية احتياجات المرأة المالية.

فقهاء المذاهب الأربعة يحرمون زواج المتعة، لكن فقهاء المذهب الشيعي يبيحونه مستندين في ذلك الى بعض النصوص، وبما ان غالبية المجتمع العراقي يتشكل من الشيعة، ولان كلمة رجل الدين الشيعي باتت هي المسموعة والمطاعة في العراق تهيمن عليه الاحزاب والقوى الشيعية، فان الصيحات والفتاوى التي تحرم هذا النوع من الزواج تكاد تكون مخنوقة او غير مسموعة.

يقول رئيس قسم العقيدة في كلية أصول الدين في الجامعة الإسلامية ببغداد د. الشيخ عبد الجليل الفهداوي: (إن زواج المتعة كان موجوداً في المجتمع الجاهلي وقد حرمته الشريعة الاسلامية للأبد عند فتح مكة). وانتقد الشيخ الفهداوي: «زواج المتعة» واصفاً إياه بـ«الزنا المغطى بغطاء شرعي، واعتبره «اخطر من الزنى»، «ذلك أن الزاني يزني وهو يعتقد أن فعله حرام، فيما المتمتع يزني ولكنه يعتقد انه يصنع حلالاً، وفي ذلك تشريع للفواحش والمنكرات والمحرمات.

الشيخ الفهداوي لم يخفِ قلقه من «زواج المتعة»، منبها الى أنه زواج يجيز تقلب النساء بين أحضان الرجال، ويضيع الأطفال، وتكثر فيه نسب الإجهاض، وتنتشر معه أمراض خطرة كالسيلان والزهري والايدز، ويدفع للحد من الزواج الدائم الشرعي وغيرها من الآثار كثيرة.

يتداول المجتمع الشيعي فتاوى منشورة في كتب المرجع الديني السيد علي السيستاني يجيز فيها زواج المتعة ومن بينها مثلا اجاباته حول بعض الاسئلة المتعلقة بهذا النوع من الزواج: السؤال: هل يشترط الشاهد في عقد الزواج المؤقت؟ الجواب: لا يجب ولا اشتراط.

السؤال: هل زواج المتعة حلال أم حرام، وما مصير الطفل الذي ينتج عنه؟ الجواب: حلال ويكون الطفل ولداً شرعياً لهما كالطفل الناتج عن الزواج الدائم.

السؤال: فتاة عمرها 18 سنة توفي والدها وجدها هل تملك امرها في زواج متعة علماً انها عاقلة باكر رشيدة ؟ الجواب: نعم تملك أمرها في الزواج ولا ولاية لأحد عليها، وان كان الأحوط استحباباً أن تستأذن أخاها الكبير.

ما هي اقسام الزواج في الاسلام؟ الجواب: الزواج في الشريعة الإسلامية قسمان: زواج دائم وزواج مؤقت. فالزواج الدائم: هو عقد لا تعيَّن فيه مدة الزواج، وتسمى الزوجة فيه بـ (الزوجة الدائمة). والزواج المؤقت: هو زواج تتعين فيه المدة سنة أو أكثر أو أقل، وتسمى الزوجة فيه بـ (الزوجة المؤقتة) وهناك الكثير من الفتاوى الخاصة بزواج المتعة لمعظم مراجع الشيعة لاتخرج بمجملها عن هذا الاطار.

زواج المتعة ينتشر في الجامعات والمعاهد العراقية اكثر من اي وسط آخر لكونها تشكل بيئة خصبة للعلاقات العاطفية بين الشبان والشابات قد تنتهي بزواج مؤقت بصرف النظر عن مسمياته، لكن المهم في الأمر ان يجد هؤلاء من يضفي شرعية على زواجهما.

لقد اظهر استطلاع للرأي أجرته منظمة تعنى بشؤون المرأة في محافظة بابل (100 كم جنوب بغداد) شملت به عينة عشوائية من الفتيات، ممن تتراوح أعمارهن بين (20- 35) عاما، وشمل طالبات في معاهد وكليات المحافظة وموظفات وربات بيوت اظهر أن مالا يقل عن 30% من الطالبات في المعاهد والجامعات تزوجن بهذه الطريقة و30% من الموظفات ولاسيما المطلقات والارامل قد تزوجن بعقد مؤقت في حين أن 20% من ربات البيوت اللاتي يمارسن الجنس من دون أي عقد شرعي و50% منهن على استعداد إذا ما توافرت الفرصة أن يرتبطن بشباب عن طريق عقد زواج مؤقت.

وعلى الرغم من ان زواج المتعة جائز من الناحية الشرعية عند مذهب الإمامية الاثنى عشرية، أي (الجعفرية) وبشروط معينة، الا ان قانون الاحوال الشخصية العراقي النافذ لايجيز هذا النوع من الزواج.

ويوضح أحد القضاة في محكمة استئناف الحلة ذلك بالقول: لم يرد في قانون الاحوال الشخصية العراقي نص يحمل ضمنا أو صراحة اي شيء يتعلق بالزواج المنقطع، وعند الرجوع الى نص المادة الاولى من قانون الاحوال الشخصية نجد ان الفقرة 2 منها تشير الى انه اذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه على الواقعة المتنازع عليها يرجع في الحكم الى مبادئ الشريعة الاسلامية الاكثر ملاءمة لنصوص هذا القانون، ولكن مع قضية الزواج يستحيل الرجوع الى الشريعة الاسلامية لأن الفقرة الاولى من المادة الثالثة عرفت الزواج على أنه (عقد بين رجل وأمراة تحل له شرعا غايته انشاء رابطة للحياة المشتركة والنسل) وفي الزواج المنقطع يتوافر العقد لكن لا يتوافر الشرطان الاخران وهما الرابطة الزوجية المشتركة ومسألة النسل اذ أن الزواج المنقطع، زواج يعقد لغرض الاستمتاع ولا يهدف الى اقامة رابطة مشتركة، ذلك لانه ينتهي بانتهاء مدة العقد، كما أن العقد المؤقت لا يهدف الى انجاب الاولاد وبذلك يكون الزواج المؤقت منافيا للتعريف الوارد في القانون، وبذلك لا يضفي القانون العراقي الصفة القانونية على الزواج المنقطع.!

يبقى زواج المتعة انحرافا في نظر المجتمع، لكن اضفاء شرعية دينية عليه من قبل بعض رجال الدين استنادا الى فتاوى من فقهاء ينتمون الى مذهب معين يبقي هذا الانحراف مسكوتا عنه في انتظار المناسبة التي تجعل هذه الظاهرة مرفوضة، وتصنف هذا الزواج في خانة الانحراف الذي لا يمكن التغاضي عنه او تجاهله!