قدم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بحضورهما التاريخي الى طرابلس وبنغازي الخميس دعما عسكريا وسياسيا للسلطات الليبية الجديدة التي تسعى الى تعزيز شرعيتها الدولية بعد امساكها بالعاصمة في موازاة معاركها المستمرة للسيطرة على المعاقل المتبقية لمعمر القذافي.
وميدانيا، اعلن المجلس العسكري في مصراتة التابع للمجلس الانتقالي ان مقاتليه دخلوا الخميس مدينة سرت معقل القوات الموالية لمعمر القذافي.
واكد ساركوزي في بنغازي امام حشود من الليبيين تجمعوا في ساحة التحرير، انه يؤمن "بليبيا موحدة وليس بليبيا مقسمة".
واعلن رئيس الوزراء البريطاني الذي كان معه "انه امر استثنائي ان نكون في ليبيا حرة". واستقبلت المسؤولين حشود ضمت مئات الليبيين وهم يلوحون بالاعلام الفرنسية والبريطانية.
وقبل بنغازي مهد الثورة الليبية، زار ساركوزي وكاميرون في الصباح طرابلس بعد سبعة اشهر على بدء الثورة التي دعمها بلداهما ضد نظام القذافي، علما انها الزيارة الاولى لمسؤولين اجانب رفيعي المستوى الى العاصمة منذ سقوطها في ايدي الثوار في 23 اب/اغسطس.
ووصل المسؤولان اللذان كان بلداهما اول دولتين شاركتا في العملية العسكرية للحلف الاطلسي ضد قوات القذافي، في طائرتين بعيد الساعة 10,30 (08,30 تغ) الى مطار طرابلس حيث كان بانتظارهما رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل ورئيس وزرائه محمود جبريل.
وقاما فور وصولهما بزيارة استمرت ساعة الى مستشفى طرابلس حيث استقبلا بالترحاب والتقيا بعض الجرحى.
وقال ساركوزي مرات عدة للصحافيين الذين كانوا يرافقونه "من المؤثر رؤية شباب عرب يلتفتون نحو دولتين غربيتين كبريين للتوجه بالشكر اليهما"، مضيفا ان "هذا يثبت ان الصراع بين الغرب والشرق ليس حتميا".
وعقد ساركوزي وكاميرون بعد ذلك مؤتمرا صحافيا مشتركا مع عبد الجليل وجبريل في فندق "كورنثيا" الراقي في منطقة باب البحر وسط طرابلس، في ظل حضور امني كثيف شمل المروحيات التي ظلت تحلق في اجواء المدينة حتى بعيد مغادرتهما الفندق لحوالى الساعة.
وقال ساركوزي ان "التدخل في ليبيا لم ينته بعد وفرنسا ستبقى الى جانب الليبيين"، معتبرا ان "القذافي يعتبر خطرا، وهناك عمل يجب انجازه" في ليبيا.
وتابع "التزام حلف الاطلسي لم ينته بعد".
بدوره اعلن كاميرون ان المهمة العسكرية لحلف شمال الاطلسي "يجب ان تستمر حتى تامين حماية المدنيين (...) وهناك اماكن لا تزال تحت سيطرة القذافي الذي يبقى طليقا"، في اشارة الى مدن سرت وسبها وبني وليد التي تدور حولها معارك بين الثوار وقوات القذافي.
وقال جبريل ان المسؤولين الفرنسي والبريطاني "طلبا ان تستمر عملية حماية المدنيين (...) اذ ان هناك ثلاث جبهات مشتعلة، ونحن بالفعل نحتاج اليهم لحماية المدنيين".
وشدد عبد الجليل من جهته على انه "لولا مساندة الحلفاء وعلى راسهما فرنسا وبريطانيا لما تمكن الثوار الابطال من تحقيق ما حققوه"، مشيرا الى ان موقف باريس ولندن "لم تكن خلفه مصلحة سياسية".
وذكر ردا على سؤال انه "حتى الآن لم تعط اي عقود (...) وهذه العقود (الاقتصادية) ستمنح بحسب الدور الذي قدمته الدول".
وقال ساركوزي ان المنفعة لم تكن دافعا ولم تكن لدى فرنسا "اية حسابات" بشأن ثروات ليبيا وراء المساعدة التي قدمتها.
واوضح "ليس هناك اية منفعة او حسابات ولا اي اتفاق ونحن لا نطلب اي معاملة تفضيلية، لقد قمنا بذلك لانه الامر الصواب"، مشيرا الى ان كل ما قيل في بعض وسائل الاعلام "خاطىء".
وشدد كاميرون على ضرورة مساعدة السلطات الجديدة عبر الافراج عن المزيد من الارصدة الليبية المجمدة في الخارج، علما انه اعلن قبيل الزيارة ان بلاده مستعدة للافراج عن 12 مليار جنيه اخرى لليبيا حال موافقة الامم المتحدة.
من جانب اخر دعا ساركوزي الى عدم القيام "باعمال انتقامية او تصفية حسابات" في ليبيا، كما دعا "كل الدول التي لديها على اراضيها اشخاص (ليبيون) ملاحقون الى العمل مع الهيئات الدولية لكي تتسنى محاسبة كل منهم على ما فعله".
وفي هذا الصدد اكد ساركوزي انه "يثق" بالنيجر التي لجأ اليها عدد من المقربين من القذافي بينهم نجله الساعدي، وان ليس هناك "اي داع للتشكيك" في ما اذا كان قادتها سيحترمون القانون الدولي.
واعلن ساركوزي انه يهدي زيارته لطرابلس الى كل "الذين يتطلعون الى سوريا حرة"، موضحا "اتمنى ان يحظى الشبان السوريون بنفس الفرص مثل شباب ليبيا" وان يحصلوا على الديموقراطية.
وكان وزير الاقتصاد الفرنسي فرنسوا باروان قال لاذاعة "فرانس اينفو" ان زيارة ساركوزي وكاميرون "اشارة قوية وهي لحظة تاريخية، تماما كاللحظة التي حلقت فيها الطائرات الاولى فوق قوات القذافي والثوار معا".
وجاءت زيارة ساركوزي وكاميرون بعد يوم على زيارة مماثلة قام بها مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى جيفري فيلتمان، وهو المسؤول الاميركي الارفع مستوى الذي يزور طرابلس منذ سيطرة الثوار عليها.
ومن المتوقع ان يزور طرابلس مساء الخميس وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان صباح الجمعة.
في هذا الوقت، تواصلت المعارك بين الثوار وقوات القذافي على عدة جبهات.
واعلن المجلس العسكري في مصراته ان مقاتلي المجلس الانتقالي دخلوا الى سرت بعد ظهر الخميس.
واعلن المجلس العسكري في مصراتة ان مقاتليه دخلوا مدينة سرت من ثلاثة محاور رئيسية، ووصلوا الى "كوبري الغربيات" قبل ان "يتفرعوا داخل المدينة".
وتحدث المجلس في بيان عن سقوط جرحى دون مزيد من التفاصيل.
وصباحا، قال مراسل لفرانس برس ان قافلة من القوات الموالية للمجلس الانتقالي تعرضت لنيران كثيفة اثناء تقدمها باتجاه سرت، مسقط رأس الزعيم القذافي.
واوضح المراسل ان القتال اندلع بينما اقتربت القافلة من منازل بعد دخولها بلدة وادي بيه الصحراوية التي تبعد 130 كيلومترا جنوب غربي سرت.
وفي بني وليد (170 كلم جنوب شرق طرابلس)، استمرت المناوشات بين الثوار ومقاتلين موالين للقذافي، بحسب ما افاد مسؤول التفاوض عن جانب الثوار عبدالله كنشيل لوكالة فرانس برس.
وكان القذافي اتهم الحلف الاطلسي في رسالته الاخيرة ب"ارتكاب اعمال ارهابية وبعمليات تدمير في سرت"، فيما اتهم المتحدث باسم القذافي موسى ابراهيم مقاتلي المجلس الانتقالي ب"تجويع مناطق بكاملها لارغامها على الاستسلام".