عباس يمضي في مسعاه متسلحا بنبرة تحد جديدة عليه

تاريخ النشر: 23 سبتمبر 2011 - 03:18 GMT
لرئيس الفلسطيني محمود عباس
لرئيس الفلسطيني محمود عباس

 

من حكم المؤكد تقريبا أن يفشل مسعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس لمنح الفلسطينيين عضوية كاملة في الامم المتحدة لكن الخطوة ألهبت مشاعر الاعجاب به في الاراضي الفلسطينية لانها كشفت عن جانب من التحدي في شخصية الرجل الذي كثيرا ما يجري التقليل من شأنه.
وتواجه المبادرة الفلسطينية في الامم المتحدة معارضة شرسة من الولايات المتحدة وجعل قرار عباس المضي قدما القضية الفلسطينية تتصدر جدول أعمال الامم المتحدة وتفند نظرة منتقديه الذين يتهمونه بالرضوخ سريعا للضغوط الخارجية.
ويعتقد بعض المراقبين أن عباس الذي يبلغ من العمر 76 عاما يضع نصب عينيه ما سيذكره به التاريخ خاصة مع دنو أجل حياته السياسية التي شملت جهودا فاشلة للتفاوض حول اقامة دولة فلسطينية في الاراضي التي احتلتها اسرائيل في حرب عام 1967 .
وقال بسام الصالحي الامين العام لحزب الشعب الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية ان عباس بدأ في تطوير شخصية عامة تختلف عن شخصيته السائدة ويظهر فيها في صورة القادر على تحدي موقف الولايات المتحدة نفسها اذا لم يكن يخدم المصالح الفلسطينية.
ودخل عباس الساحة السياسية الفلسطينية في الخمسينيات من القرن الماضي ضمن جيل قاده الزعيم الراحل ياسر عرفات الذي خلفه عباس في منصب الرئيس عام 2005 .
وكان عرفات يحب الظهور أمام العالم بالزي العسكري والكوفية الفلسطينية المميزة أما عباس فلا يحب الظهور كثيرا ويفضل ارتداء ربطات العنق والملابس الحديثة ويقدم وجها معتدلا بدرجة أكبر للقومية الفلسطينية.
كان عباس من مهندسي اتفاقات السلام في أوسلو التي ساعدت على اطلاق عملية السلام في التسعينيات لكن جولات متكررة من المفاوضات المباشرة مع مختلف الزعماء الاسرائيليين وبوساطة واشنطن جعلت منح الفلسطينيين حق اقامة دولة حلما بعيد المنال.
ويقول الفلسطينيون ان توسيع المستوطنات اليهودية في الاراضي التي يريدون اقامة دولتهم عليها من بين الاسباب الرئيسية في ابتعاد حلمهم. ويرد مسؤولون اسرائيليون بالقول ان الفلسطينيين رفضوا عروضا سخية طوال سنوات.
وبعد فشل أحدث جولات المحادثات في سبتمبر أيلول 2010 وضع عباس الاستراتيجية الجديدة لطلب منح العضوية الكاملة للفلسطينيين في الامم المتحدة.
وقال عباس في كلمة وجهها للشعب الفلسطيني ونقلها التلفزيون يوم الجمعة الماضي انه يعتزم المضي في مسعاه بالامم المتحدة واستطرد "نحن أمام مهمة صعبة وتاريخية ولا يجوز الاستهانة بها."
وأضاف مازحا ان البعض لن يصدقه لانه يعلم ما يتردد عنه بشأن ميله الى التراجع عندما يتعرض للضغوط.
وعباس لاجيء من بلدة تقع الان داخل اسرائيل لكن رؤيته لانهاء الصراع في المنطقة تستند الى فكرة اقامة دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة تعيش الى جانب اسرائيل.
ويعارض عباس استخدام العنف مما أذكى مشاعر كره تجاهه لدى البعض وأجج المنافسة بين حركة فتح التي يتزعمها وحركة المقاومة الاسلامية (حماس) التي سيطرت على قطاع غزة عام 2007 .
ووصف عباس اطلاق نشطاء فلسطينيين الصواريخ على اسرائيل بأنه غير مجدي وتدربت قوات الامن التي شكلها في الضفة الغربية على التعاون مع اسرائيل وليس محاربتها.
وقوبل تولي عباس الرئاسة الفلسطينية بالترحيب من الولايات المتحدة واسرائيل التي كانت قد اتهمت عرفات بالتحريض على العنف الذي تصاعد في السنوات الاخيرة من حياته. وعمل عباس على وقف العنف.
لكن الشعب الفلسطيني يتساءل اليوم عما في جعبة عباس حتى ينجح مسعاه في الامم المتحدة. ولم يخف عباس نفسه خيبة أمله في الرئيس الامريكي باراك أوباما خاصة لفشله في اقناع اسرائيل بوقف البناء في المستوطنات.
وألقى أوباما كلمته في الامم المتحدة يوم الاربعاء ووصف مسعى الفلسطينيين في المنظمة الدولية بأنه مهمة جانبها الصواب وكان عباس يضع يده على رأسه كلما قال أوباما شيئا يتعارض مع الرؤية الفلسطينية وبعد ذلك أمطر الوفد الفلسطيني الموقف الامريكي بالانتقادات.
ويقول فلسطينيون على دراية بعباس انه مازال متأثرا بالجدل الذي أثير حول مواجهة سابقة له مع ادارة أوباما.
واعتقد على نطاق واسع أن عباس رضخ لضغوط أمريكية عندما وافق عام 2009 على قرار للامم المتحدة بتأجيل اتخاذ تحرك ما ازاء تقرير حول حرب اسرائيل في غزة عامي 2008 و2009 . ووجه هذا التقرير كثيرا من الانتقادات لاسرائيل.
وعدل عباس موقفه في وقت لاحق لكن صورته كانت قد اهتزت بالفعل. وشدت هذه التجربة من عزمه.
وقال مسؤول في منظمة التحرير الفلسطينية في تعليق على الدوافع وراء مسعى الفلسطينيين في الامم المتحدة ان عباس "اتخذ الكثير من القرارات التي لا تحظى بشعبية.. لذا يقول.. ماذا يمكن أن أقدم للشعب..
"قلنا جميعا.. نذهب الى الامم المتحدة."
وزادت صلابة عزيمة عباس بعد ما حدث عام 2009 دون شك.
ولم يقبل عباس ضغوطا غربية للتنازل عن شروطه لاستئناف المفاوضات مع اسرائيل بما في ذلك الوقف الكامل للبناء في المستوطنات.
وتحدى الرئيس الفلسطيني الضغط الامريكي أيضا عندما تقدم بمشروع قرار الى مجلس الامن الدولي في وقت سابق من العام الحالي يدين المستوطنات لكن الولايات المتحدة استخدمت حق النقض (الفيتو) لمنع صدوره.
وعززت نبرة العناد الجديدة في لغة عباس موقفه في استطلاعات الرأي حيث أظهر مسح أجراه هذا الاسبوع المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية ان 83 في المئة من الفلسطينيين يؤيدون مسعى الحصول على عضوية كاملة في الامم المتحدة.
وقال خليل الشقاقي مدير المركز انه ليس هناك شك في أن شعبية عباس تحسنت لكن التغيرات ليست كبيرة فهو لا يتمتع بجاذبية شخصية كزعيم كما أن الشعب الفلسطيني يتجاوب مع الرسالة نفسها وليس مع عباس.