أعلنت “لجنة أطباء السودان المركزية” وفاة أحد محتجي اعتصام الخرطوم متأثرا بإصابته بطلق ناري في الرأس، في وقت سابق من السبت.
وقالت اللجنة، المنضوية تحت “تجمع المهنيين السودانيين”، وهو الجهة الأبرز التي تقود الحراك الاحتجاجي، “أرتقت روح شهيد عشريني، تعرض لإصابة بالرصاص الحي في الرأس”، دون الكشف عن اسم الضحية.
وكانت اللجنة أعلنت قبل ذلك عن إصابة 11 محتجا، السبت، جراء اعتداء قوات نظامية على معتصمين أمام مقر الجيش بالخرطوم. وقالت إنه “إثر إطلاق نار من قبل القوات النظامية (لم تحددها) حدثت إصابات في شارع النيل بالقرب من منطقة الاعتصام”.
وأضافت أن من بين تلك الإصابات 4 إصابات بالرصاص هي إصابة حرجة بالرأس نُقل صاحبها للعناية المكثفة وحالته غير مستقرة، وإصابتان في القدم، وإصابة في البطن. أما الإصابات الأخرى- حسب المصدر ذاته- فهي عبارة عن 3 بعقب البندقية، و3 إصابات مختلفة بالأقدام، وحالة دهس في القدم بسيارة تتبع قوات نظامية.
واتهم تجمع المهنيين السودانيين المجلس العسكري بـ”التخطيط لفض الاعتصام” المتواصل أمام مقر قيادة الجيش بالعاصمة الخرطوم بـ”القوة والعنف المفرطين”.
وقال التجمع، في بيان، “لدينا ما يحملنا على الاعتقاد أن المجلس العسكري يخطط بصورة منهجية ويعمل من أجل فض الاعتصام السلمي بالقيادة العامة بالقوة والعنف المفرطين”.
وأوضح أن “المجلس يناور من أجل شراء الوقت ويمارس الإلهاء حول المفاوضات للتغطية على النية المبيتة بخصوص فض الاعتصام”.
وأشار إلى “إدخال عناصر معادية للثورة (دون تحديد) إلى ميدان الاعتصام خلال هذا الأسبوع، ونشر عناصر تخريبية بمحيطه بهدف إثارة الفوضى بشارع النيل (قرب مقر الاعتصام بالعاصمة الخرطوم) وإدعاء انتفاء سلمية الثورة”.
وأضاف “نتابع استباحة شارع النيل بمحيط الاعتصام بواسطة العسكريين الذين يطلقون الرصاص الحي بكثافة وفي كل وقت دون انضباط أو مسؤولية ما أدى إلى استشهاد وجرح عدد من المواطنات والمواطنين خلال الأيام الماضية”.
واعتبر أن ما وصفه بـ”القتل والترويع” بشارع النيل” مجرد تمهيد لارتكاب “مجزرة” بغرض فض الاعتصام بالقوة.
وذهب إلى ان استخدام الرصاص الحي في وجه المعتصمين والمواطنين العُزل وفي أماكن تجمعات بشرية مسالمة “يعدُ شروعاً في القتل”.
وتابع التجمع: “لن نقبل باستخدام الرصاص والقتل في مواجهة مدنيين عُزل مهما كان جرمهم”.
وذكر أن “إيقاف البث لبعض القنوات ومنعها من التواجد في ميدان الاعتصام يمثل تهديداً للميدان ويرفع غطاء الحماية عنه ويساهم في إخفاء التجاوزات ومُداراتها بعيداً عن أعين الإعلام”.
وحمل التجمع “المجلس العسكري مسؤولية ضمان سلامة المعتصمين”.
وأكد أن ما سماها “محاولات تنويع الخلفيات الإثنية للمجرمين لن تجدي نفعاً فالمسؤولية عن الجرائم ودماء الضحايا فردية”، دون مزيد من التوضيح.
واستدرك البيان “من هنا نؤكد أن هناك عيون ترقب وترصد، وأن الجرائم لا تسقط بالتقادم وأن المحاسبة قائمة والعدالة ماضية ولو بعد حين”.
*خطة امنية
وفي وقت سابق من السبت، أغلقت قوات من الجيش السوداني والدعم السريع وجهاز الأمن شارع النيل بالعاصمة؛ لتنفيذ خطة أمنية بمحيط مقر الاعتصام، في المنطقة الواقعة أسفل الجسر الحديدي المعروفة إعلاميا بـ”كولومبيا”، وشهدت مؤخرا عمليات قتل وإصابات.
وأفاد شهود عيان بأن القوات الأمنية المشتركة أحاطت بشارع النيل من الجهتين الشرقية والغربية لمحاصرة المنطقة وتنظيفها مما قالت إنها ظواهر شاذة، كالإفطار في نهار رمضان، وشرب الكحول، وتعاطي المخدرات.
وأطلقت القوات الحكومية أعيرة نارية في الهواء لتفريق المتواجدين تحت الجسر، وفق وسائل إعلام محلية.
والخميس، قتل مواطن بطلق ناري في منطقة الصدر؛ “نتيجة تبادل إطلاق نار أسفل جسر النيل الأزرق بالعاصمة (بمحيط مقر الاعتصام)، من قبل القوات النظامية”، حسب ما أعلنه تجمع المهنيين السودانيين.
وفي اليوم ذاته، قال قائد المنطقة العسكرية المركزية بالخرطوم اللواء بحر أحمد بحر، في بيان بثه التليفزيون الرسمي، إن اعتصام الخرطوم بات يشكل خطرا على تماسك الدولة وأمنها القومي. واتهم بحر ما وصفها بالعناصر المنفلتة بمهاجمة مركبة تابعة لقوات الدعم السريع والاستيلاء عليها قرب موقع الاعتصام.
وبالتزامن تقريبا، قال المتحدث باسم قوات الدعم السريع السودانية عثمان حامد إن مكان الاعتصام تحوّل إلى وكر للجريمة وخطر على الثورة السودانية، وتعهد بأن تضع قوات الدعم السريع حدا لهذه التصرفات، على حد تعبيره.
وعقب تلك التصريحات من القادة العسكريين، عبّر المعتصمون أمام مقر قيادة القوات المسلحة في العاصمة السودانية الخرطوم عن خشيتهم من فض اعتصامهم بالقوة.
ويواصل آلاف السودانيين اعتصامهم منذ أبريل/ نيسان الماضي، أمام مقر قيادة الجيش بالخرطوم، للضغط على المجلس العسكري لتسليم السلطة إلى المدنيين، في ظل مخاوف من التفاف الجيش على مطالب التغيير، كما حدث في دول أخرى، حسب محتجين.
وأخفق كل من المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير (الإطار الجامع للقوى المنظمة للاحتجاجات)، الأسبوع الماضي، في التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن نسب التمثيل في أجهزة السلطة، خلال المرحلة الانتقالية.
وتتهم “قوى إعلان الحرية والتغيير” المجلس العسكري بالسعي إلى السيطرة على عضوية ورئاسة مجلس السيادة، فيما يتهمها المجلس بعدم الرغبة في وجود شركاء حقيقيين لها، في الفترة الانتقالية.