يأتي هذا التطور بعد أسبوع من سيطرة قوات النظام على مدينة معرة النعمان، ثاني أكبر مدن محافظة إدلب.
دخلت قوات النظام السوري الأربعاء مدينة سراقب ذات الموقع الاستراتيجي في شمال غرب سوريا، كونها تشكل نقطة التقاء بين طريقين دوليين يربطان محافظات سورية عدة، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وذكر مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس أن “قوات النظام دخلت المدينة وبدأت تمشيط أحيائها بعد انسحاب مئات مقاتلي هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل متحالفة معها”، وذلك بعد أسبوع من سيطرة قوات النظام على مدينة معرة النعمان، ثاني أكبر مدن محافظة إدلب.
- مهلة اردوغان -
وفي وقت سابق الاربعاء، أمهل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان النظام السوري حتى نهاية شباط/فبراير لسحب قواته من محيط نقاط المراقبة التي أقامتها أنقرة في شمال غرب سوريا، بعد مواجهات غير مسبوقة أججت التوتر مع موسكو.
ويخشى أن يؤدي التصعيد بين تركيا والنظام السوري بعد تبادل لإطلاق النار خلف أكثر من 20 قتيلاً الاثنين إلى تدهور أكبر للوضع المضطرب في محافظة إدلب، آخر معقل كبير تهيمن عليه الفصائل الإسلامية المتطرفة وفصائل أخرى معارضة وحيث الوضع الإنساني حرج.
في نيويورك، افاد دبلوماسيون ان مجلس الامن سيعقد اجتماعا طارئا بعد ظهر الخميس لمناقشة اخر التطورات في شمال غرب سوريا.
والاجتماع الذي طلبته الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا سيعرض فيه الموفد الاممي الى سوريا غير بيدرسون الوضع في محافظة ادلب.
يحاول النظام السوري بإسناد من الطيران الروسي منذ كانون الأول/ديسمبر التقدم ميدانياً في إدلب وذهب إلى حد محاصرة نقطتي مراقبة أنشأتهما أنقرة في إطار اتفاق أبرم في عام 2018 مع موسكو .
لكن التوتر ازداد الاثنين عندما قصفت القوات السورية موقعين تركيين موقعة ثمانية قتلى. وردت أنقرة بقصف مواقع سورية موقعة 13 قتيلاً.
وقال اردوغان في خطاب في أنقرة "تقع اثنتان من نقاط المراقبة الاثنتي عشرة التابعة لنا خلف خطوط النظام. نأمل في أن ينسحب بعيداً عن مراكز المراقبة هذه قبل نهاية شباط/فبراير. وإذا لم ينسحب النظام، فان تركيا ستتكفل ملزمة بذلك".
وتقع نقطتا المراقبة هاتان في موريك وسرنام، جنوب شرق مدينة إدلب.
وأعلن الرئيس التركي أنه نقل فحوى رسالته خلال اتصال هاتفي الثلاثاء مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين.
- "لن نسمح" -
ووصف اردوغان الاربعاء هجوم النظام السوري على القوات التركية بانه يشكل "منعطفا" في النزاع السوري، مضيفا "لن نسمح للأمور بان تستمر كما كانت في السابق، بعدما تمت اراقة دماء جنود أتراك".
وحذر الرئيس التركي بالقول "سنرد بدون أي انذار على أي هجوم جديد ضد عسكريينا أو ضد المقاتلين (السوريين) الذين نتعاون معهم".
وفي دمشق، ندد مصدر رسمي في وزارة الخارجية السورية بتصريحات اردوغان، ونقل عنه الاعلام الرسمي ان "ما يقوم به أردوغان هو حماية أدواته من المجموعات الإرهابية التي قدم لها وما يزال مختلف أشكال الدعم".
واعتبر أن تصريحات "رأس النظام التركي تؤكد مجدداً نهج الكذب والتضليل والمراوغة الذي يحكم سياساته وعدم احترامه لأي التزام أو اتفاق سواء في إطار استانا أو تفاهمات سوتشي أو موجبات اتفاق اضنه".
ورغم التحذيرات التركية، واصلت قوات النظام السوري التقدم في شمال غرب سوريا الأربعاء، حيث سيطرت على مدار الـ 24 ساعة الماضية على أكثر من 20 قرية وبلدة في جنوب محافظة إدلب، وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان ووكالة الأنباء السورية (سانا).
وافاد المرصد ان غارات جوية روسية اسفرت عن مقتل ثلاثة افراد في عائلة واحدة عند اطراف ادلب.
وفي ريف حلب الغربي، قتل مدني بقذائف اطلقتها قوات النظام على قرية عينجارة وفق المصدر نفسه.
أودى النزاع في سوريا بأكثر من 380 ألف شخص منذ عام 2011، وأرغم أكثر من نصف سكان البلاد الذين كانوا يعدون أكثر من 20 مليون نسمة قبل الحرب على النزوح أو اللجوء خارج البلاد.
ورغم أن تركيا تدعم الفصائل المعارضة فيما تساند روسيا النظام، فقد عززت الدولتان تعاونهما منذ عام 2016، لتثبتا أنهما لاعبان رئيسيان في سوريا.
ووقعت أنقرة وموسكو العديد من الاتفاقيات التي يُفترض أن توقف إطلاق النار في محافظة إدلب. لكن هذه الاتفاقات تُنتهك بصورة متكررة، وهو ما تندد به تركيا الآن علناً.
- توتر روسي تركي -
منذ الهجوم على القوات التركية الاثنين، انتقد اردوغان مرارًا روسيا لعدم ممارسة ضغوط كافية على حكومة الأسد.
والأربعاء، دعا اردوغان روسيا إلى "فهم حساسياتنا في سوريا بصورة أفضل".
وإذا كانت المواجهة التركية السورية قد تسببت في توتير العلاقات بين أنقرة وموسكو، فإن المحللين يرون أن البلدين سيكونان قادرين على تجنب أزمة مفتوحة.
وقالت جنى جبور المتخصصة في الدبلوماسية التركية في معهد العلوم السياسية "سيانس بو" في باريس لوكالة فرانس برس "سيكون البلدان قادرين على التفريق بين التوترات العرضية والحفاظ على تعاونهما في المجالات الرئيسية، ولا سيما الطاقة والدفاع".
يشكل الوضع في إدلب مصدر قلق خاص لأنقرة بسبب قربها من الحدود التركية. وتخشى أنقرة من أن يؤدي هجوم واسع النطاق إلى موجة جديدة من اللجوء إلى تركيا التي تستضيف أكثر من 3,5 مليون سوري.
وبحسب الأمم المتحدة فقد نزح أكثر من نصف مليون شخص جراء المعارك في شمال غرب سوريا، في ما يعد إحدى أكبر موجات النزوح منذ بدء النزاع الذي يقترب من اتمام عامه التاسع.