قالت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون يوم الاربعاء ان تدوينة على موقع فيسبوك اعلنت فيها جماعة إسلامية متشددة مسؤوليتها عن الهجوم على قنصلية الولايات المتحدة في بنغازي لا تعتبر دليلا دامغا على المسؤول عن الهجوم.
وقالت كلينتون في مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية البرازيلي في وزارة الخارجية الأمريكية "نشر شيء على فيسبوك ليس دليلا في حد ذاته. اعتقد ان ذلك يسلط الضوء فقط على مدى سيولة الانباء في هذا الوقت وهو ما استمر عليه الحال لفترة."
وقالت رويترز يوم الثلاثاء ان رسالة رسمية بالبريد الالكتروني اظهرت انه تم اخطار مسؤولين بالبيت الابيض ووزارة الخارجية الامريكية بعد ساعتين من الهجوم على البعثة الدبلوماسية الامريكية في بنغازي يوم 11 سبتمبر ايلول بأن جماعة متشددة اسلامية أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم.
وحصلت رويترز على الرسالة من مصادر حكومية طلبت عدم الكشف عن هويتها وليس لها صلة بوكالات المخابرات الامريكية ولا وزارة الخارجية. وورد في الرسالة بشكل محدد أن جماعة ليبية يطلق عليها اسم أنصار الشريعة أكدت مسؤوليتها عن الهجمات.
كما تبين الرسالة ورسالتان أخريان بالبريد الالكتروني حصلت عليهما رويترز كيف وصف دبلوماسيون امريكيون الهجوم لواشنطن حتى بينما كان لا يزال مستمرا.
وأشارت كلينتون ردا على سؤال بشأن رسائل البريد الالكتروني إلى أن وزارة الخارجية الأمريكية تحقق في الأمر.
وقالت "لجنة المحاسبة المستقلة تعمل بجد بالفعل على فحص كل شيء .. ليس مجرد انتقاء لرواية هنا أو وثيقة هناك .. وإنما تنظر في كل شيء وهذا هو ما أعتبره النهج الملائم لأمر معقد مثل هذا الهجوم."
وقالت "سنعرف ماذا حدث. سنتخذ ما يلزم من اجراءات لاصلاح اي شيء يحتاج لاصلاح.. وسوف نقدم من ارتكبوا جرائم القتل تلك إلى العدالة."
وعندما سئل المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني عن رسائل البريد الالكتروني اشار إلى ان جماعة انصار الشريعة نفت لاحقا مسؤوليتها عن الهجوم.
وقال للصحفيين الذين يسافرون مع الرئيس الامريكي باراك اوباما على متن طائرة الرئاسة إلى أيوا "هذا مصدر مفتوح .. رسالة بريد الكتروني غير سرية بشأن تدوينة على موقع فيسبوك. أود ان اشير أيضا إلى أنني أعتقد انه خلال ساعات قليلة زعمت هذه المنظمة نفسها انها ليست مسؤولة. ولا ينبغي أن يؤخذ أي منهما (التصريحين) على انه حقيقة -- لذلك هناك تحقيق جار."
وقتل السفير الامريكي كريستوفر ستيفنز وثلاثة امريكيين آخرين في هجوم بنغازي الذي أقر الرئيس باراك أوباما ومسؤولون أمريكيون آخرون في نهاية الامر بأنه هجوم "ارهابي" نفذه متشددون يشتبه في ان لهم صلة بجماعات منبثقة عن القاعدة أو متعاطفة معها.
وكان متحدثون باسم الادارة الامريكية بينهم كارني ظلوا يرددون على مدى ايام مستشهدين بتقييم أعدته وكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي.آي.إيه) أن الهجمات كانت على الارجح احتجاجا تلقائيا على الفيلم المسيء للنبي محمد.
وبينما أشار المسؤولون الى احتمال تورط "متطرفين" فانهم لم يوجهوا اللوم لاي جماعات متشددة بعينها أو صلات محتملة بالقاعدة أو بجماعات منبثقة عنها الى ان زعم مسؤولو مخابرات ذلك علانية يوم 28 سبتمبر ايلول.
وقالوا إنه كانت هناك مؤشرات على ان متطرفين لهم صلات محتملة بالقاعدة متورطون لكنهم تحدثوا أيضا عن وجود أدلة على ان الهجمات ربما وقعت تلقائيا. وأضافوا ان خبراء الحكومة أرادوا توخي الحذر قبل الاشارة باصبع الاتهام بطريقة متسرعة.
وأكد مسؤولو مخابرات أمريكيون بعد وقوع الهجوم بوقت قصير ان تقارير المخابرات الاولى بشأن الهجوم كانت متباينة.
وتتكون السجلات التي حصلت عليها رويترز من ثلاث رسائل بريد الكتروني ارسلها مركز العمليات بوزارة الخارجية الى عدة مكاتب حكومية شملت عناوين البيت الابيض ووزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) وأجهزة المخابرات ومكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي) بعد ظهر يوم 11 سبتمبر.
وحملت أول رسالة بالبريد الالكتروني توقيت 4.05 بعد الظهر بتوقيت واشنطن أو 10.05 مساء بتوقيت بنغازي بعد 20 الى 30 دقيقة من الموعد المزعوم لبدء الهجوم على البعثة الدبلوماسية الامريكية وكتب في خانة الموضوع عبارة "البعثة الدبلوماسية الامريكية في بنغازي تتعرض لهجوم" وتأشيرة (إس.بي.يو) التي تعني ان الموضوع حساس لكنه غير سري.
وجاء في النص ان مكتب الامن الاقليمي بوزارة الخارجية الامريكية أبلغ أن البعثة الدبلوماسية في بنغازي "تتعرض لهجوم. وتحدثت تقارير من السفارة في طرابلس عن ان نحو 20 شخصا مسلحا أطلقوا الرصاص وسمعت أصوات انفجارات أيضا."
ومضت الرسالة تقول "السفير ستيفنز الموجود حاليا في بنغازي وأربعة ... أفراد في ملاذ آمن بالمجمع. ميليشيا 17 فبراير توفر دعما أمنيا."
وحملت رسالة ثانية بالبريد الالكتروني تأشيرة "تحديث 1 : البعثة الدبلوماسية الامريكية في بنغازي" وتحمل توقيت 4.54 بعد الظهر بتوقيت واشنطن وذكرت ان السفارة في طرابلس ابلغت أن "اطلاق النار على البعثة الدبلوماسية الامريكية في بنغازي توقف وانه تم اخلاء المجمع." وذكرت ان "فريق رد" موجود في الموقع يحاول تحديد مكان المفقودين.
والرسالة الثالثة عليها تأشيرة "موضوع حساس لكنه غير سري" ارسلت في الساعة 6.07 مساء بتوقيت واشنطن وكتب في خانة الموضوع "تحديث 2 : أنصار الشريعة تعلن المسؤولية عن هجوم بنغازي."
وجاء في الرسالة "سفارة طرابلس تبلغ بأن الجماعة أعلنت المسؤولية على موقع فيسبوك وتويتر ودعت الى الهجوم على سفارة طرابلس."
وبينما حجبت بعض المعلومات التي تحدد من تسلموا هذه الرسالة من النسخ التي حصلت عليها رويترز قال مصدر حكومي ان أحد العناوين التي ارسلت اليها الرسالة كان غرفة المتابعة بالبيت الابيض التي تعد موقع القيادة للرئيس.
وقال المصدر ان العناوين الاخرى تشمل وحدات مخابرات ووحدات عسكرية ومركز قيادة يستخدمه مكتب التحقيقات الاتحادي.
ولم يعرف ما هي الرسائل الاخرى التي تلقتها وكالات في واشنطن من ليبيا في ذلك اليوم بشأن من الذي قد يكون وراء الهجمات.
ويحذر خبراء المخابرات من ان التقارير الاولية من مكان أي هجوم أو كارثة تكون في الغالب غير دقيقة.
وبحلول صباح 12 سبتمبر اليوم التالي لهجوم بنغازي بثت رويترز تقريرا بأنه توجد مؤشرات على ان اعضاء في جماعة أنصار الشريعة -وهي ميليشيا منتشرة في منطقة بنغازي- وتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي ربما كانا متورطين في الهجوم.
وقال مسؤول مخابرات أمريكي آخر انه أثناء أول افادة سرية بشأن هجوم بنغازي قدمت الى اعضاء الكونجرس "حدد مسؤولون بعناية النطاق الكامل للمعلومات المتفرقة المتاحة اعتمادا على أفضل تحليل متاح في ذلك الوقت."
لكن المسؤول أضاف ان التحليل الاولي للهجوم الذي قدم الى اعضاء الكونجرس كان متباينا.
وقال المسؤول "ذكرت الاحاطات ان متطرفين تورطوا في الهجمات التي بدت تلقائية وربما كان هناك مجموعة متنوعة من العوامل المحركة ويجري بحث الصلات المحتملة لجماعات مثل (تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي وأنصار الشريعة) عن كثب."
