لبنان يناشد العرب المساعدة في مسألة النازحين السوريين

تاريخ النشر: 13 مارس 2013 - 05:00 GMT
رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي أثناء مقابلة مع رويترز في مقر الحكومة
رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي أثناء مقابلة مع رويترز في مقر الحكومة

ناشد رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي الدول العربية مساعدة لبنان على مواجهة تدفق النازحين السوريين الذين باتوا يشكلون خطرا أمنيا واقتصاديا واجتماعيا وصحيا على البلاد.

وقال ميقاتي في مقابلة مع رويترز في مكتبه بمقر الحكومة في بيروت "نحن حقيقة بحاجة للمساعدة واليوم في ظل الوضع الذي يحصل في سوريا فإن لبنان يحمل هذا الوزر ولبنان لا علاقة له وكالعادة هو يحمل هذا الوزر عن كل الدول العربية فاتمنى من الدول العربية أن تنظر إلى لبنان بعين المساعدة وعين العطف لأن لبنان بحاجة إلى هذه الدول في هذا الوقت بالذات."

وأضاف "لسنا من الجماعة الذين ينسون الفضل ونحن نقدر هذا الأمر ونتمنى على الدول العربية أن تنظر إلى لبنان دائما بعين العطف ونطلب من الدول العربية المساعدة."

ويؤكد لبنان انه يستضيف الآن مليون سوري ثلثهم من المسجلين رسميا كلاجئين فارين من الصراع الذي أودى بحياة 70 الف شخص في بلادهم وفقا للامم المتحدة. والباقون عمال سوريون وعائلاتهم.

وقال ميقاتي ان أعداد النازحين السوريين تزداد يوما بعد يوم "المهم لنا نحن في لبنان ما هو إنعكاس وضع النازحين واللاجئين على لبنان وعلى اللبنانيين لأنه أصبح عندنا إنعكاسات مهمة جدا وحساسة على الوضع اللبناني الداخلي أهمها موضوع الأمن."

وأعطى مثلا على ارتفاع معدلات الجريمة قائلا انه في يوليو تموز الماضي "كان هناك 11 سوريا قاموا بخروقات امنية من إعتداءات وإغتصاب وعملية تزوير هويات حوكموا في لبنان وبنتيجة الحكم عادة لأي أجنبي ... يرحل الى بلده فقامت المديرية العامة للأمن العام بترحيلهم إلى سوريا.. فكل المؤسسات الدولية وكل منظمات حقوق الانسان وجزء كبير من المجتمع اللبناني قالوا ان هذا لا يجوز واننا بترحيلهم الى سوريا نعرضهم للخطر في سوريا.

"فنحن اليوم نقول ...لدينا أكثر من 700 شخص سوري قام بخرق القانون في شهر (يناير) كانون الثاني لوحده والقي القبض عليهم وسيحالون الآن على المحاكمات ومتى ما انتهت محاكماتهم وإذا كان هناك قرار بترحيلهم سيتم ذلك بالتعاون مع المجتمع الدولي ...فنحن لا نقبل ان يكون أي شخص موجود على الارض اللبنانية إذا كان لبنانيا أو نازحا او لاجئا يعتبر نفسه أعلى من القانون كلنا تحت سقف القانون."

وأضاف "صحيح اننا نقول اننا سند انساني للنازحين ولكننا لا نريد ان ينعكس هذا الامر على الوضع الامني في لبنان. الاساس هو الوضع الامني."

ولم تزل ذكريات الحرب الاهلية في لبنان التي دارت على مدى 15 عاما وانتهت في عام 1990 عالقة في أذهان الكثيرين ممن عايشوها أو سمعوا عنها بما في ذلك الوجود العسكري السوري الذي استمر 29 عاما الأمر الذي يثبط عزيمة الراغبين في تقديم يد المساعدة للاجئين السوريين.

وقال ميقاتي "هناك الموضوع الصحي بشقين الشق الاول عندنا الكثير من الحالات الصحية التي من المطلوب ان نساعدها ونحن عندنا إمكانيات معينة. اليوم لم يعد يوجد سرير في المستشفيات اللبنانية ولا يستطيع أن يدخل اليها لبناني لأن أغلبها أصبح مشغولا من السوريين فبالتالي نحن هنا نريد من المجتمع الدولي مساعدة سريعة وفورية إذا كانت مساعدة مادية أو مساعدة في إيجاد مستشفيات ميدانية تقوم بهذا الدور الصحي.

"أما الشق الثاني فهناك أمراض سارية نكتشفها بالمدارس المكتظة وخاصة في المناطق النائية وكذلك تقوم وزارة الصحة بكل واجباتها مع منظمة الصحة الدولية بالقيام بعمليات اللقاحات والعمليات الاساسية للحد من انتشار الامراض المعدية في المجتمع اللبناني."

كما تحدث رئيس حكومة لبنان عن حالات انسانية أخرى غريبة عن المجتمع اللبناني وتشكل خطرا عليه ومنها موضوع الزواج المبكر لفتيات أعمارهن بين 10 و11 عاما.

وأشار الى ان الحكومة ستجتمع الاسبوع المقبل لمناقشة موضوع النازحين قائلا "عقدنا إجتماعات للجنة المختصة بموضوع النازحين ونحن نعرف الأخطاء التي تحصل عندنا ونناشد مؤتمر المانحين الذي إجتمع في الكويت والذي قرر إعطاء مساعدات لموضوع النازحين."

وأضاف "أعتقد أن لبنان من أكثر الدول التي حملت هذا الموضوع ...لا مشكلة بيننا وبين سوريا نحن حملناه عن كل هذه الصراعات العربية والدولية ونتمنى على هذا المجتمع العربي والدولي أن يساعدنا بكل معنى الكلمة."

وطلب لبنان حوالي 370 مليون دولار في مؤتمر المانحين الذي انعقد في يناير كانون الثاني الماضي في الكويت والذي تعهدت فيه الدول المانحة بتقديم أكثر من 1.5 مليار دولار للاجئين والنازحين السوريين. لكن المسؤولين اللبنانيين يؤكدون انهم لم يتلقوا حتى الان اي مبلغ من هذه المساعدات او من غيرها.

وقال ميقاتي "نحن عملنا دراسة لاجل 250 ألف نازح في عام 2013 وقلنا ان التكلفة حوالي 370 مليون دولار تكلفة للايواء والغذاء وللطبابة وللتعليم للنازحين في لبنان. نحن لا ننتظر ان تكون المساعدات مباشرة الى الحكومة اللبنانية نحن ننتظر الدول أن تقدم المساعدات للمنظمات الدولية العاملة في لبنان لكي تقوم بواجبها على أكمل وجه."

أضاف "حقيقة وصلنا إلى مكان أستطيع أن أقول انه وضع غير مريح ويجب أن تتضافر الجهود كي نضع حدا لأي آثار سلبية لوجود النازحين واللاجئين في لبنان."

ويواجه ميقاتي بعض الدعوات لاقفال الحدود مع سوريا قائلا "كل ما يقال عن انه لماذا لبنان لا يقفل الحدود؟ هذا كلام ليس من شيمنا وبالتالي ليس هناك من إمكانية حقيقية لإقفال الحدود. نحن حدودنا المفتوحة تبلغ 372 كيلومترا. فليدخلوا عبر الحدود الشرعية ويكونوا مسجلين أفضل من ان يصير عندنا دفق جديد من النازحين الوافدين عبر الحدود غير الشرعية الواسعة بين لبنان وسوريا."

ومضى يقول "إتخذنا سياسة النأي بالنفس .الاساس الذي انطلقنا منه لكي ننأى بأنفسنا عن الوضع المتأزم في سوريا هي ثلاثة أسباب السبب الاول هو العلاقة التاريخية والجغرافية بين لبنان وسوريا والسبب الثاني هو وجود الانتشار اللبناني في الدول العربية ونحن نعرف أنه يوجد إنقسام عربي كبير حول الوضع في سوريا وثالثا وهو الاهم وهو الانقسام داخل المجتمع اللبناني. نحن لا نريد ولا بأي شكل من الاشكال ان نستورد ما يحدث في سوريا الى الداخل اللبناني لأننا نعرف أن المجتمع اللبناني مجتمع متعدد ومتنوع."

وفي عام 2012 وفي ذروة تفاقم الازمة في سوريا اجتمع زعماء لبنان السياسيون في قصر بعبدا لإجراء حوار برعاية رئيس الجمهورية وتوافقوا على تحييد لبنان في الصراع الدائر في المنطقة.

وقال ميقاتي "ما نقوم به وشغلنا الشاغل يوميا هو الحد من أي أضرار لما يحصل في سوريا على لبنان. نحن إذا رجعنا إلى الوراء ثلاث سنوات وقلنا انه سيحصل في سوريا ما حصل أنا اتحدى أن يتكهن شخص أن لبنان الحمد لله ما زال مستقرا ما زال بخير ما زال سالما رغم كل ما يحدث في سوريا. جل ما نسعى اليه هو الحد من اي مخاطر وانعكاسات سيئة سلبية على المجتمع اللبناني."

واعتاد اللبنانيون على الانقسامات الداخلية واستغلالها من قبل قوى اقليمية حيث تدعم ايران حزب الله الشيعي بينما تدعم المملكة العربية السعودية وقطر اللبنانيين السُنة.

وهزت أعمال عنف متفرقة لبنان منذ اندلاع الانتفاضة السورية قبل ما يقرب من عامين. وقتل عشرات في إقتتال بشوارع مدينة طرابلس الشمالية بين أغلبية سُنية تؤيد بقوة مقاتلي المعارضة السورية وبين أقلية من الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد.

وبالنسبة لكثير من اللبنانيين يشكل اللاجئون السوريون مبعثا للقلق في بلد ينقسم أبناؤه بين مؤيد لنظام الاسد ومعارض له وأدى هذا الانقسام إلى إحتقان طائفي في الوقت الذي تعتبر فيه الحكومة اللبنانية اللاجئين عبئا ماديا لا تستطيع الإلتزام به.

وفيما تتنامى أعداد اللاجئين السوريين في مناطق على الحدود في شرق البلاد وشمالها يستخدم أفراد من الجيش السوري الحر التضاريس الجبلية في لبنان لإعادة تجميع صفوفهم قبل شن هجمات على القوات السورية عبر الحدود المتداخلة بين البلدين.

وكان الجيش اللبناني الذي لديه صلات وثيقة مع الجيش النظامي السوري قد اشتبك مع هذه المجموعات داخل لبنان.

ويعيش معظم اللاجئين السوريين في ظروف صعبة ويقيمون في الوقت الحالي بمساعدة من المواطنين اللبنانيين ولا توجد لهم مخيمات كما هو الحال في الاردن وتركيا. ويعتبر لبنان إنشاء مخيمات أمرا حساسا سواء على الصعيد الطائفي أو السياسي نظرا للأعداد الهائلة من اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون في 12 مخيما بلبنان منذ عام 1948.

ويقول ميقاتي ان إقامة مخيمات كان "أحد الخيارات" لإيواء اللاجئين "إلا أن حجم الأزمة كبر الى درجة ان مسألة إقامة المخيمات لم تعد يشكل حلا بحد ذاتها."

وعن الوضع الاقتصادي في البلاد قال ان سنة 2012 كانت اسوأ سنة خاصة بالنسبة لقطاع السياحة "اليوم اذا قارنا كانون الثاني وشباط 2013 لنفس الوقت من عام 2012 نجد ان هذه السنة أفضل خاصة في المطار حيث نرى أن أعداد المسافرين أكبر ونرى ان الانفاق في لبنان يتحسن."

ومع ذلك فان ميقاتي قال انه "لن يكون بنفس نسبة النمو المتوقعة في سنة 2012 حيث كنا نتوقع نسبة نمو 5 بالمئة ولكن وصلت 1.5 الى 2 بالمئة. هذه السنة نتوقع ان تكون نسبة النمو في أحسن الاحوال ما بين 1.5 الى 2 بالمئة."