مجزرة حي التضامن: ضجة عالمية ونظام الاسد يدعي البحث عن الفاعل

تاريخ النشر: 29 أبريل 2022 - 12:35 GMT
لم يُبدِ القتلة أي درجةٍ من درجات التعاطف مع الضحايا
لم يُبدِ القتلة أي درجةٍ من درجات التعاطف مع الضحايا

تتكشف فيديوهات جديدة يوميا عن المجازر التي ارتكبتها قوات النظام السوري بحق المدنيين خلال العشرية الماضية وبات ما اقدم عليه احد عناصر قوات النظام ويدعى امجد يوسف الذي ارتكب مجزرة لوحدة في منطقة التضامن جنوب دمشق حديث وسائل الاعلام في العالم باستثناء وسائل الاعلام الرسمية السورية، الى ان اعلن في منشور للاستخبارات عن البحث عن القاتل

امجد يوسف: قتلت الكثير وافتخر

"لقد قتلت كثيراً، قتلت كثيراً، ولا أعرف عدد الأشخاص الذين قتلتهم"، قبل أن يضيف "أنا فخور باللي عملته"، بهذه الجمل، يفخر أمجد يوسف وهو يتحدث عن الجرائم الكثيرة التي ارتكبها وأشرف عليها في شهر إبريل/ نيسان 2013، في حي التضامن، جنوبي سورية.

وخلال المجزرة، كان أمجد يوسف يرتدي زياً عسكرياً أخضر اللون وقبعة صيد، مبدياً درجةً عاليةً من التركيز والهدوء والدقّة الخالية من المشاعر. وكان يُنفّذُ "عمله" هذا "بكفاءة" عالية مُنجِزاً المهمة في غضون 25 دقيقة، فيما كان زميله نجيب الحلبي يرتدي زياً عسكرياً رمادي اللون وتبدو على ملامحه علامات الارتياح. كان يدخن، بل ويتحدث أحياناً بشكلٍ مباشرٍ إلى عدسة الكاميرا.

ولم يُبدِ القتلة أي درجةٍ من درجات التعاطف مع الضحايا، بل يشير التحقيق إلى نوع من الاستمتاع أثناء القيام بعمليات الإعدام الميدانية. وخلال مجريات تصوير المجزرة، يتوجه نجيب إلى عدسة الكاميرا مخاطباً "رئيسه": "لعيونك يا معلم ولعيون البدلة الزيتية اللي م تلبسها".

 

 

تصفية 280 مدنيا

وكشفت صحيفة بريطانية عن فيديو جديد، قالت إنه يظهر قيام عنصر من قوات النظام السوري يدعى "أ ي" بعمليات إعدام جماعية في حي "التضامن"، جنوب العاصمة دمشق.

في ابريل نيسان 2013  قام فرع المنطقة التابع لشعبة الاستخبارات العسكرية، والمعروف أيضاً بالفرع 227، بقتل أكثر من 280 مدنياً اقتيدوا إلى أحد أحياء دمشق المعزولة، وجرى إعدامهم واحداً تلو الآخر في مقبرة جماعية كانت قد أُعدت مسبقاً، حسب تحقيق موسع نشر في مجلة نيو لاينز الأميركية، وهو من إعداد الباحثين أنصار شحّود وأوغور أوميت أونجور، العاملين في "مركز الهولوكوست والإبادة الجماعية" في جامعة أمستردام

 وبعد الانتهاء من إطلاق النار على الضحايا واحداً تلو الآخر، أضرمَ الجناة النار في جثث ضحاياهم عبر إحراق إطارات سيارات وُضعت مُسبقاً في قعر الحفرة. أُنجزت المجزرة في يوم واحد، وقام الجناة بتصوير تفاصيل المذبحة كاملة.

 

 

اعصاب باردة وجريمة روتينية

كانت عملية إعدام الضحايا تجرى بشكل روتيني تماماً، حيث يقوم أحد الجناة بإخراج الضحية معصوب العينين من سيارة بيضاء صغيرة مخصصة للنقل الجماعي «سرفيس»، ثم يقتاده إلى الحفرة الكبيرة المفروشة بالكامل بإطارات السيارات، ويلقي به في هذه الحفرة، ليقوم الآخر بإطلاق النار عليه من خلال بندقية حربية من طراز AK-47 وفي بعض الحالات بواسطة مسدس. 

نجيب الحلبي: الذراع اليمنى لأمجد

كانت قائمة أصدقاء أمجد يوسف على فيسبوك حيث تم حفر الشرك له، أشبه بمعرض للقتلة، لكن ماذا عن القاتل الثاني، ذراع أمجد اليمني، نجيب الحلبي، المعروف بـ"أبو وليم"؟

كان نجيب في فيديوهات المجزرة يقف على حافّة القبر الجماعي، يدخن سيجارةً ويبتسم للكاميرا صانعاً علامة النصر بيده. لم يكن يُظهِر أي ضيقٍ على الإطلاق بينما يُعدم جيرانه الذين أمضى حياته بينهم، ويرمون في الحفرة.

"لا يمكنك توقّع أنه سيفعل ذلك. لقد صُدِمتُ عندما رأيت الفيديو"، يقول شخص كان يعرفه. مع هذا، فقد كان لنجيب أعداء. مات نجيب أثناء حفر نفق على الجبهة في العام 2015. ولا يزال سبب موته مثارَ جدلٍ حتى هذه اللحظة، فهناك من يعتقد أنه كان اغتيالاً دبّره له خصومه، وهناك من يلقي اللوم في موته على المعارضة.

 

 

ضحايا نساء 

ست من الضحايا النساء السبع اللواتي يظهرنَ في التسجيل كُنَّ يرتدين الحجاب والمعطف اللذين يميزان النساء المسلمات التقليديات. هؤلاء النسوة كُنّ يقتلن بوحشية وعدائية لا يبديها القتلة تجاه ضحاياهم من الرجال. بشكلٍ مفاجئ تصرخ إحدى النساء صرخة استغاثة، ولكن نداءها لم يصل إلى أذني قاتلها، بل يشتمها بألفاظ بذيئة  ثم يسحبها من شعرها ويلقي بها في الحفرة مُطلِقاً عليها النار. تصرخ امرأتان صرخة خوف وهلع، ليقوم أمجد بركلهما نحو الحفرة وقتلهما، فيما الأخريات واجهنَ مصيرهنّ بكل صمت.

في فيديو آخر، تتحرك عدسة الكاميرا فوق أجساد مجموعة من الأطفال وسط غرفة مظلمة، يتحدث أمجد يوسف قائلاً بإيجاز: "أطفال كبار الممولين في ركن الدين، تضحية لروح الشهيد نعيم يوسف"، في إشارة إلى أخ منفذ المجزرة، والذي قتل حسب أمجد خلال الحرب.

محاولة تمويه جريمة حي التضامن

يستعرض التحقيق فيديو آخر، يظهر خلاله أمجد يوسف وهو يقود الجرافة التي تحفر المقبرة الجماعية بعمق ثلاثة أمتار، فيما "قُصف الشارع الذي وقعت فيه المجزرة في وقتٍ لاحق، ليبدو المشهد وكأنه دمارٌ شاملٌ جراء القصف والتفجير والاشتباكات. تظهر ثقوب الرصاص على الجدران، فيما تبدو الأجواءُ خلال الفيديو هادئة بدون أصوات للحرب أو القصف أو الاشتباكات؛ هدوءٌ لا تقطعه سوى أصوات طلقات النار التي تستهدف الضحايا، بالإضافة إلى الدخان المتصاعد من فوهات بنادق القتَلَة".

وقال مراسل الصحيفة في الشرق الأوسط، "مارتن تشولوف"، إن هذا الفيديو هو من أفظع ما رآه في الصراع السوري بأكمله، مضيفا: "هذه اللقطات تعطينا لمحة عن جزء لم يسبق وصفه من الحرب المستمرة منذ 10 سنوات".


حي التضامن


يقع حي التضامن خارج البوابة الجنوبية لمدينة دمشق القديمة، على أطراف حي الميدان الدمشقي، وإلى الجنوب الغربي من حي باب شرقي الذي يعتبر قلب الحياة الليلية الصاخبة لمدينة دمشق.

ومع انطلاق التظاهرات في مختلف أحياء دمشق في ربيع العام 2011، شهد الحي احتجاجاتٍ سلمية، ليرد النظام السوري على ذلك عبر إنشاء "مجموعات الشبيحة"، وهي ميليشيات قامت بقمع الاحتجاجات بطريقة شديدة العنف. 

ويرتدي عناصر هذه الميليشيات عادةً ملابس مدنية، ويتم اختيارهم عشوائيا من بين فئة الشباب ذوي الخلفيات الأقلوية، بحسب النسخة العربية من تحقيق "الغارديان" الذي نشرته صحيفة "الجمهورية". 

 

 

وجاء في التحقيق أن النظام أضفى الطابع الرسمي على مجموعات الشبيحة من خلال إدراجها تحت ما سمي "قوات الدفاع الوطني" في شتاء العام 2012، حين مُنحت صلاحية إقامة نقاط التفتيش لتقوم باعتقال واحتجاز الأشخاص، دون حسيب أو رقيب مع الإمكانية التامة للإفلات من العقاب، بالإضافة إلى صلاحياتهم السابقة باستخدام السلاح وقتل المتظاهرين.

يشار إلى أن رئيس لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا "باولو بينيرو"، أعلن، في مارس/آذار الماضي، أن أكثر من 100 ألف شخص لا يزالون في عداد المفقودين أو المختفين قسرا.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن