أفادت مصادر ببعثة المراقبين العرب في سوريا بحدوث انقسامات في صفوف البعثة بعد انسحاب أحد أعضائها ونية آخر فعل الشيء ذاته بسبب التشكيك في جدوى البعثة، وذلك في وقت واصلت فيه المعارضة السورية الدعوة لإحالة الملف على مجلس الأمن الدولي.
وقال رئيس غرفة عمليات الجامعة العربية لمراقبي سوريا عدنان الخضير في تصريحات للصحافيين يوم الخميس إن اثنين من المراقبين هما الجزائري أنور مالك ومراقب آخر سوداني، اعتذرا عن مواصلة مهمتهما ضمن البعثة في سوريا.
وأضاف الخضير أن المراقب الجزائري اعتذر "لأسباب صحية" بينما اعتذر المراقب السوداني "لأسباب خاصة".
أكد الفريق أول الركن محمد الدابي رئيس بعثة مراقبي جامعة الدول العربية في دمشق الخميس 12/1/2012، أن ما تحدث به المراقب أنور مالك عبر إحدى القنوات الفضائية لا يمت للحقيقة بصلة.
وقال في تصريح صحفي "إن مالك منذ أن تم توزيعه ضمن فريق حمص لم يغادر الفندق طيلة ستة أيام ولم يشارك أعضاء الفريق النزول إلى الميدان، متعللا بمرضه الذي يحول دون مرافقة الفريق في جولاته داخل حمص".
وأضاف "أن مالك وقبل مغادرته دمشق بيوم طلب السماح له بالسفر للعلاج في باريس، وتمت الموافقة له، لكنه غادر قبل اتخاذ الإجراءات التي تستلزم سفره، ودون أن يسلم العهدة التي تسلمها لمشاركته في المهمة في حمص، ولم ينتظر استخراج تذكرة السفر وسافر على حسابه الخاص ."
وأوضح "أن مالك حنث بالقسم الذي أداه إلى جانب أن ما تحدث به إنما يقع على مسؤوليته الشخصية، وهو ما يؤكده أعضاء الفريق الذي ذهب إلى حمص"، وجدد الفريق الدابي دعوته إلى وسائل الإعلام إلى تحرى الدقة فيما تنشر وان تلتزم برسالتها في المنهجية والموضعية.
بدورها، نقلت صحيفة الوطن السورية عن دبلوماسي عربي مسؤول قوله: إن ما ذكره المراقب أنور مالك في إحدى القنوات الفضائية "عار تماماً عن الصحة"، مشيراً إلى أن مالك كان مراقباً بالفعل ضمن البعثة ولكنه ظل ملازماً للفراش في مقر إقامته بأحد الفنادق السورية بسبب مرضه، فكيف له أن يقول ما ذكره، متهماً أنور مالك التابع للجنة العربية لحقوق الإنسان ومقرها باريس أنه يخدم أجندات أخرى، حيث تربطه علاقة مصاهرة مع رئيس "المجلس الوطني السوري" المعارض برهان غليون.
وزعم مالك في حوار مع "الجزيرة نت" أن النظام في سورية يستغل بعثة المراقبين للحفاظ على وجوده، وقال إنه قرر الانسحاب من البعثة بعد أن "تأكد من أنه أصبح يخدم النظام ولا ينتمي لهيئة مستقلة تراقب الأوضاع".
وقال: إن "برتوكول الجامعة العربية الخاص ببعثة المراقبين لا يمكن تطبيقه في الواقع"، وحذر من نشوب ما سماه "حرب أهلية وطائفية مدمرة".
وكان السفير أحمد بن حلي نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية في تصريحات له رداً على سؤال عن رؤية الجامعة العربية لإعلان أحد مراقبي البعثة انسحابه من فرق المراقبة في سورية: "إن الناطق الرسمي الوحيد باسم فريق المراقبين هو الفريق الدابي أما ما يتعلق باسم شخص من المراقبين جاء في إطار منظمة حقوقية تعنى بحقوق الإنسان من أوروبا وكلامه في الإعلام، لا نريد أن نتوقف عنده أو التعليق عليه وما يصدر عن رئيس البعثة الفريق الدابي هو الذي يعتد به ويؤخذ في الاعتبار، أما ما دونه سواء كان من يزايد أو ينافق فهذا لا يعبر عن الجامعة العربية أو بعثتها أو أي شيء أخر".
في سياق متصل، نقلت وكالة "رويترز" عن مراقب عربي طلب ألا ينشر اسمه قوله يوم الأربعاء "انه ربما ينسحب من البعثة"، وسئل المراقب عما إذا كان يتفق مع وصف مالك للمهمة بأنها "فاشلة"، فقال "هذا صحيح.. صحيح. حتى أنني أحاول المغادرة يوم الجمعة. إنني ذاهب إلى القاهرة أو مكان أخر.. لان المهمة غير واضحة ... لا تخدم المواطنين. لا تقدم أي شيء."
وأضاف "استغلت السلطات السورية ضعف أداء الوفد ولم تستجب. لا توجد استجابة حقيقية على الأرض"، وطلب المراقب الذي كان يتحدث عبر الهاتف من سورية عدم نشر اسمه لأنه غير مسموح له بالتحدث لوسائل الإعلام.
وقال "المعدات العسكرية لا تزال موجودة. طلبنا سحب العتاد العسكري من مسجد أبو بكر الصديق في درعا ولم يتم سحبه حتى اليوم"، مضيفاً: "إن السلطات السورية لم تظهر أي استعداد حقيقي للامتثال للخطة في حين يفتقر المراقبون للخبرة".
بدوره، قال عدنان خضير رئيس غرفة عمليات المراقبة بالجامعة إن المراقبين يمكن أن يستأنفوا العمل يوم الخميس بعد توقفهم لمدة يومين عقب هجوم اللاذقية، وأضاف "أن جميع المراقبين بخير ولا توجد مشكلات".
وبموجب خطة السلام العربية يتعين على السلطات السورية الالتزام بوقف العنف وسحب الآليات العسكرية من الشوارع وإطلاق سراح المعتقلين وبدء حوار سياسي
وأكد الخضير أن بعثة المراقبين مستمرة في أداء عملها حتى الـ19 من الشهر الجاري وفقا للبروتوكول الموقع بين الجامعة العربية والحكومة السورية والذي حدد مدة عمل بعثة المراقبين بشهر قابل للتجديد.
ومن ناحيتها نقلت وكالة رويترز عن المراقب السوداني الذي ينوي الانسحاب القول إن "مهمة البعثة فاشلة"، وذلك في تكرار لتصريحات المراقب الجزائري أنور مالك الذي برر انسحابه من البعثة بالقول إن "مهمة السلام تحولت إلى مسرحية"، على حد وصفه.
وتابع المراقب السوداني الذي رفض الكشف عن اسمه قائلا "إنني أحاول المغادرة يوم الجمعة، وسأذهب إلى القاهرة أو مكان آخر لأن المهمة غير واضحة ولا تخدم المواطنين، ولا تقدم أي شيء."
وتحدث المراقبان عن أن إراقة الدماء لم تنحسر نتيجة لوجود بعثة الجامعة العربية، كما وصفا معاناة السوريين بأنه "لا يمكن تخيلها." وكانت المعارضة السورية قد انتقدت بعثة المراقبين العرب ووصفتها بأنها "كيان بلا أنياب يساعد الأسد في كسب الوقت".
يذكر أن عمل المراقبين تعثر بسبب هجوم تعرضوا له في مدينة اللاذقية هذا الأسبوع ألحق إصابات طفيفة بـ11 منهم ودفع الجامعة العربية لتأجيل إرسال مراقبين آخرين للانضمام إلى نحو 165 مراقبا في سوريا.