ألقى البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلى، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، محاضرة في مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية والقانونية، بجدة ليل أمس الأحد، تحت عنوان (إنجازات منظمة التعاون الإسلامي والتحديات المستقبلية التي تواجهها). وحضر الندوة عدد من أعضاء السلك الدبلوماسي في جدة، ونخبة من المثقفين السعوديين، بالإضافة إلى لفيف من منسوبي الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، وجمهور من المهتمين والمتابعين للشأن الإسلامي.
وقدم الدكتور أنور عشقي، رئيس المركز، الأمين العام للمنظمة، موجزا للإنجازات التي قام بها الأخير خلال السنوات الماضية، في المجالات السياسية والإنسانية والثقافية، ووصف عشقي الندوة بأنها الأهم التي يستضيفها المركز منذ إنشائه، مشيرا إلى أن إحسان أوغلى خدم الإنسانية ولا يزال يقدم لها العطاء، مطالبا الدول الأعضاء بترشيحه أمينا عاما للأمم المتحدة كي يكمل مسيرته التي بدأها في منظمة التعاون الإسلامي، ويخدم الأمن والسلام العالميين.
وتساءل إحسان أوغلى، في بداية الندوة، عن جدوى إنشاء منظمة التعاون الإسلامي، مشيرا إلى أنه لا يظن أن أيا من الأمناء العامين السابقين أراد أن يكون أمينا عاما للمنظمة، كاشفا رغبته في أن يكون أمينا عاما للمنظمة، ولافتا إلى أن رغبته، التي كشفها عنها لأول مرة، تؤكد إيمانه بجدوى عمل المنظمة.
وأوضح إحسان أوغلى أن المنظمة هي صوت الأمة الإسلامية وإجماع الدول الأعضاء، مؤكدا أن في هاتين النقطتين تكمن مواطن القوة والضعف، وأشار إلى أن النجاح في هذا السياق يأتي من استنباط عناصر النجاح من هاتين النقطتين، الأمر الذي يحتاج إلى صبر ووقت وجلد كبير.
وشدد إحسان أوعلى على أن إصلاح المنظمة من الداخل كان أحد الوسائل التي دفعت باتجاه تحقيق عناصر النجاح، بالإضافة إلى برنامج العمل العشري الذي وضع لائحة الأهداف للمنظمة في قمة مكة عام 2005، وتوطيد مكانة المنظمة دوليا، من خلال تبني القيم العالمية التي باتت جزءا من أهداف ومواثيق المنظمة كي تظل خارج السياق العالمي.
وتناول الأمين العام لـ التعاون الإسلامي جوانب النجاح والإنجاز التي أثمرت عنها ثماني سنوات من العمل، مستهلا حديثه بالخطة العشرية التي وصفها بعض الحضور بأنها "ميلاد جديد للمنظمة"، التي أنشئت عام 1969.
وأشار إحسان أوغلى إلى الإنجازات في مجالات حقوق الإنسان من خلال إنشاء الهيئة الدائمة والمستقلة لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى تمكين المرأة في المنظمة، عبر إعلان وثيقة المرأة التي أقرتها الدول الأعضاء، وقرار إنشاء منظمة تنمية المرأة التي سيكون مقرها القاهرة. ولفت إلى إنشاء إدارة الشؤون الإنسانية عقب كارثة تسونامي، والتي أوجدت آلية دائمة في المنظمة لمواجهة الكوارث الإنسانية، الطبيعية والبشرية في العالم الإسلامي الذي يعد أحد أكثر المناطق تعرضا للكوارث.
وفي المجال الاقتصادي، أوضح إحسان أوغلى أن المنظمة نجحت في رفع نسبة التبادل التجاري إلى 18% بعد أن كانت لا تتجاوز نسبة الـ 14% في عام 2004، لافتا إلى أنه في حال أقرت الدول الأعضاء الاتفاقيات التجارية التي وضعتها المنظمة خلال السنوات القليلة الماضية، فإن نسبة التبادل التجاري سوف تتجاوز الـ 20% التي وضعت هدفا في الخطة العشرية بحلول عام 2015.
وبيّن الأمين العام للمنظمة جهوده في حث الدول على رفع نسبة ما تخصصه في مجالات البحث العلمي إلى 1% كي يتسنى للمجموعة الإسلامية أن تقف في مصاف دول العالم الثاني، وكي تتمكن الشعوب الإسلامية من الوصول إلى نهضة علمية ومن ثم اقتصادية وتنموية حقيقية نابعة من الداخل.
وتطرق إحسان أوغلى إلى قضية الإسلاموفوبيا، محذرا من عملية الخلط في تناول هذه المسألة، عبر اتهامات مغلوطة بين الطرفين، ملقيا باللائمة على المتطرفين في الجانبين الغربي والإسلامي. وأشار إلى أن (فيلم (براءة المسلمين) البذيء صدر عن مجموعة من الأشخاص، لا يمثلون الولايات المتحدة، لا رسميا أو شعبيا)، مضيفا بأنه وعلى هذا الأساس لا يمكن تعميم الاتهام في الإساءة إلى الإسلام على جميع الأمريكيين، وقال إنه وفي الوقت نفسه لا يمكن اتهام جميع المسلمين بالمسؤولية عن أحداث العنف التي أعقبت وضع الفيلم على الإنترنت.
وشدد على أنه لا يمكن للمنظمة استصدار قرار من الأمم المتحدة يحرّم أو يجرّم هذه الأعمال، لافتا إلى أن الأمم المتحدة ليست برلمانا تشريعيا، ومطالباً، في الوقت نفسه، بضرورة اللجوء إلى ما يمكن تحقيقه في هذا المجال، وإنفاذه في أرض الواقع، وختم محاضرته بقوله (إن أردت أن تُطاع فاطلب المستطاع). وفي ختام المحاضرة، قدم المركز هدية تذكارية لإحسان أوغلى تكريما له على دوره الكبير في خدمة الأمة الإسلامية.