ولم يستبعد المصدر الذي تحفـَّظ عن ذكر اسمه احتمال أن تتضمن قائمة المتهمين مسؤولين في السلطة السودانية، وهنا تجدر الإشارة إلى أن السودان لا ينتمي لعضوية المحكمة الجنائية الدولية، لكنه سمح للمحققين باستجواب عدد من المسؤولين في الخرطوم، و في المقابل حَظـَر إجراء التحقيقات في الميدان. وتحيط المحكمة ُ نتائج التحقيقات بتكتـُّم شديد حفاظا على سلامة الشهود.
ويقول خبراء ان نحو 200 ألف شخص لقوا حتفهم كما اضطر حوالي 2.5مليون الى النزوح من ديارهم في دارفور منذ عام 2003 عندما حمل المتمردون السلاح ضد الحكومة متهمين اياها بتجاهل المنطقة. بينما تقول الخرطوم ان عدد القتلى هو تسعة آلاف فقط.
وقال مكتب رئيس الادعاء في المحكمة الدولية عبر بيان صدر في وقت سابق إن رئيس هيئة الإدعاء مورينو أوكامبو سيقدم الادلة المرتبطة بالافراد المتهمين والتي تدل على ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في دارفور، وبمجرد أن يقدم مورينو أوكامبو الادلة سيقرر قضاة التحقيق المخولون متابعة القضية وما اذا كانوا سيصدرون مذكرات استدعاء أو أوامر اعتقال للذين سيوجه لهم الاتهام. ولن يكشف عن الاتهامات الرسمية الا في وقت لاحق.
وكان مجلس الامن التابع للامم المتحدة قد طلب من المحكمة الجنائية الدولية في مارس آذار عام 2005 بدء تحقيق في العنف في دارفور والذي وصفته الولايات المتحدة بأنه ابادة جماعية وهو اتهام تنفيه الخرطوم.
ولم تعثر بعثة للامم المتحدة التي أعدت قائمة بأسماء مشتبه بهم وسلمتها لمورينو أوكامبو على أي أدلة تثبت الابادة الجماعية لكنها قالت ان جرائم بشعة ليست أقل خطورة من الابادة الجماعية وقعت وان هناك أفرادا ربما تصرفوا بنية الابادة الجماعية.
كما سعى مورينو أوكامبو الى الحصول على معلومات من الخرطوم بخصوص المشتبه بهم الذين كانت الحكومة قد اعتقلتهم فيما يتعلق بقضية دارفور.
وينحي مراقبون من الامم المتحدة والاتحاد الافريقي باللائمة على ميليشيات معروفة باسم الجنجويد فيما يتعلق بارتكاب أسوأ الفظائع. لكن مورينو أوكامبو يتعرض لضغوط من أجل توجيه الاتهام الى شخصيات من كل أطراف الصراع بما في ذلك المتمردون ومسؤولو الحكومة.
وأعاق القتال الجاري عمل محققي المحكمة الجنائية الدولية الذين تعين عليهم استجواب الشهود خارج السودان. وتسبب الصراع في واحدة من أسوأ الكوارث الانسانية في العالم وامتد الى تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى.
وأسهمت الانقسامات بين فصائل متمردي دارفور وغالبيتهم من غير العرب في تعطيل اتفاق للسلام مع الخرطوم. ويشير بعض المحللين الى أن الخرطوم قاومت الضغوط الرامية الى السماح بنشر آلاف من قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة لدعم بعثة للاتحاد الافريقي في دارفور قوامها سبعة آلاف فرد لانها تخشى امكانية استغلال جنود الامم المتحدة في القبض على الاشخاص الذين تشتبه المحكمة الجنائية الدولية فيهم.
وبدأت المحكمة الجنائية الدولية عملها في 2002 وهي أول محكمة دولية دائمة للنظر في جرائم الحرب. وأعلنت الشهر الماضي أنها ستبدأ أولى محاكماتها في وقت لاحق من العام الجاري، وهي على الارجح ضد رجل الميليشيات الكونغولي توماس لوبانغا المتهم
بتجنيد أطفال للقتال.
وتحظى المحكمة الآن بدعم 104 دول على الرغم من أنها لا تحظى بالدعم من قوى عظمى مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين والتي عارضت بشدة انشاء المحكمة الجنائية الدولية مخافة استغلالها لملاحقة مواطنيها بدوافع سياسية. لكن قضية دارفور اعتبرت نقطة تحول بالنسبة للمحكمة لأن واشنطن امتنعت عن عرقلة قرار مجلس الأمن بإحالة قضية دارفور اليها.