انتظر الاف المصريين الاربعاء في طوابير طويلة امام محطات الوقود الذي شح بشكل خانق في مدن البلاد منذ الاسبوع الماضي في حين نسب وزراء مصريون الازمة الى اشاعات سرت قبل تظاهرات المعارضة نهاية الشهر الجاري.
وتضرب مصر ازمة خانقة في وقود السيارات (البنزين) بمختلف انواعه منذ قرابة الاسبوع. لكن الازمة تفاقمت بشكل كبير منذ الثلاثاء وادت الى اصطفاف السيارات في طوابير طويلة امام محطات الوقود. وفي حين بدت كثير من الشوارع خالية من السيارات على غير المعتاد تركزت نقاط الازدحام الرئيسية بالقرب من محطات الوقود.
وهي المرة الاولى التي تحدث ازمة بهذا الحجم في وقود السيارات من فئة 90 و92 أوكتان المخصص للسيارات الحديثة. وعادة ما كانت تحدث ازمة في وقود السيارات من فئة 80 المخصص للسيارات القديمة التي تملكها الطبقات الفقيرة او وقود الديزل المخصص للحافلات.
وقال محمد عزمي، مدير التسويق بشركة منتجات بيطرية، بمرارة وغضب "انتظرت ثماني ساعات لشراء بنزين من فئة 92 حتى اتمكن من الذهاب للعمل... اشعر باهانة بالغة لكرامتي الانسانية". وقال سائق التاكسي احمد عبد الرحمن "قضيت نصف يوم للتزود بالوقود.. هذه كارثة".
وتاتي ازمة الوقود الخانقة هذه قبل ايام من التظاهرات المعارضة للرئيس المصري الاسلامي محمد مرسي نهاية الشهر الجاري لمطالبته بالتنحي واجراء انتخابات رئاسية مبكرة. ويربط البعض بين خوف المصريين من عنف متوقع جراء التظاهرات وبين تدافعهم لتخزين الوقود وهو ما قد يكون صنع الازمة. وزادت الازمة من حنق المواطنين تجاه الحكومة بشكل واضح.
لكن الحكومة المصرية تقول ان الازمة مفتعلة وسببتها الاشاعات قبل التظاهرات. وفي مؤتمر صحفي في رئاسة الجمهورية مساء الثلاثاء، قال باسم عودة وزير التموين المصري ان أزمة البنزين بدات منذ عشرة ايام فقط وبالتالي فان الحديث عن أزمة طاحنة في البنزين لا اساس له من الصحة". واضاف "لقد اوضحنا ملابسات الازمة وهى (...) الاشاعات بان الدولة لن توفر هذا المنتج".
واوضح عودة ان مصر تنتج 85% من احتياجاتها من البنزين، مشددا انه "بالتالي لا يوجد من الاساس داع لوجود ازمة". واشار عودة الى ان "هناك شائعات بان يوم 26 أو 28 (حزيران/يونيو) ستتوقف الحكومة عن ضخ المنتجات البترولية.. هذا غير صحيح بالمرة".
من جهته، اتهم محمد علي بشر وزير التنمية المحلية في المؤتمر الصحفي "الفاسدين" بانهم هم من روجوا "اشاعات ان الدولة ستحدد الكميات التي يحصل عليها المواطنون". وقال بشر انه "نتيجة لتلك الاشاعات حدث تخزين بكميات كبيرة من قبل المواطنين حتى ولو لم يكونوا بحاجة اليها".
لكن سائقا كان ينتظر بسيارة فارهة في طابور طويل في حي المنيل، غرب القاهرة، قال "انا هنا منذ اربع ساعات ولا يوجد بنزين.. هذه حقيقة وليست اشاعات على الاطلاق". وناشد مجلس الوزراء المصري المصريين الهدوء وعدم القلق. وقال التلفزيون المصري صباح الاربعاء ان وزارة البترول ستضخ كميات اضافية لمحطات الوقود الاربعاء.
وشهدت مصر ازمات وقود متكررة خلال العامين الماضيين في اعقاب سقوط الرئيس حسني مبارك في شباط/فبراير 2011. وتعد ازمات الوقود احدى مظاهر ازمة الاقتصاد المصري خاصة فيما يتعلق بوقود الحافلات "الديزل" الذي تستورد مصر اغلب احتياجاتها منه.
ويعاني الاقتصاد المصري من تراجع عائدات السياحة وانحسار الاستثمار الاجنبي. كما تراجع الاحتياطي النقدي من العملات الاجنبية من 36 مليار دولار اميركي في نهاية العام 2010 الى نحو 16 مليار دولار اميركي حاليا.
ويتسبب التوتر والغضب الذي ينتاب المصريين اثناء انتظارهم لملء سياراتهم بالبنزين في اندلاع شجارات ومشادات وحتى عنف. وقالت صحيفة "الشروق" اليومية المستقلة ان ستة مواطنين اصيبوا في معركة بالاسلحة النارية اندلعت اثر خلاف على اسبقية التزود بالوقود في الاسكندرية، شمال مصر. وتكرر الامر في مدن اخرى بحسب تقارير نشرت في صحف محلية الثلاثاء.
ويندد خصوم مرسي بسعي حركة الاخوان المسلمين التي ينبثق منها الرئيس، الى السيطرة على كل مفاصل الحكم والسعي الى "اخونة" المجتمع عبر تعيين كوادرها في مختلف المناصب الادارية. كما يواجه مرسي اتهامات بالاخفاق في اخراج البلاد من الازمة الاقتصادية التي تمر بها.
وتدعو حملة معارضة بعنوان "تمرد" الى تظاهرة ضد الرئيس المصري امام القصر الرئاسي في 30 حزيران/يونيو لمناسبة الذكرى الاولى لتولي مرسي الحكم، وذلك للمطالبة بتنحيه واجراء انتخابات رئاسية مسبقة.
وتستغل الحركة، التي قالت انها جمعت 15 مليون توقيع، تفاقم الازمة الاقتصادية وشح المنتجات النفطية وتكرار انقطاع الكهرباء وارتفاع اسعار السلع الاساسية لحشد الاف المصريين الغاضبين من اجل "اسقاط حكم الاخوان" على حد قولها.