قد يضع موت الزعيم الليبي المخلوع معمر القذافي نهاية سريعة لمهمة حلف شمال الاطلسي في ليبيا مما يتيح له فرصة لالتقاط الانفاس والشعور بالرضا بعد حملة استمرت سبعة اشهر كشفت عن خلافات وشكوك دخل الحلف.
وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يوم الجمعة ان التدخل العسكري لحلف شمال الاطلسي في ليبيا أشرف على نهايته بينما يتوقع أن يقرر سفراء دول الحلف في وقت لاحق يوم الجمعة في بروكسل انهاء المهمة التي بدأت يوم 31 مارس اذار.
ورجح مسؤولون ودبلوماسيون ان تختتم الحملة الجوية والبحرية خلال الاسبوعين المقبلين. وأشاد الحلف بالفعل بنجاحه في تنفيذ مهمته التي جاءت بتفويض من الامم المتحدة لحماية المدنيين الليبيين خلال الانتفاضة ضد القذافي الذي قتل يوم الخميس.
ويمكن للحلف أن يشير الى بعض الايجابيات ليس أقلها انه لم يتكبد خسارة بشرية واحدة بالرغم من تنفيذ 26 ألف طلعة جوية فضلا عن أنه أبقى الخسائر بين المدنيين عند الحد الادنى بفضل استخدام ذخيرة موجهة بدقة.
ومع ذلك كشفت الحملة عن وجود انقسامات. وشككت بعض الدول الرئيسية في الحلف مثل المانيا في جدوى التدخل وشاركت ثمانية بلدان فقط من بين 28 دولة عضو في الحلف في العمليات. كما أثارت الحملة انتقادات من جانب دول مثل روسيا التي اتهمت الحلف بتجاوز نطاق التفويض الممنوح من الامم المتحدة.
وتزايدت الشكوك عندما طال أمد الحملة أكثر من المتوقع في وقت تقلص فيه الدول ميزانياتها العسكرية بسبب أسوأ أزمة مالية يعاني منها الغرب منذ ثلاثينيات القرن الماضي.
وواجه الحلفاء الاوروبيون انتقادات حادة من الولايات المتحدة لفشلهم في الاستثمار بما يكفي في المعدات الاساسية.
وقال فرانسوا هيسبورج رئيس المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ان العملية ستعتبر نجاحا للغرب لا سيما بريطانيا وفرنسا اللتين نفذتا الجانب الاكبر من المهام القتالية. لكن لم يكن بالامكان أن تنجح العملية دون مساندة قوية من الولايات المتحدة بالرغم من محاولة الرئيس الامريكي باراك أوباما التأكيد على أن بلاده لا تأخذ بزمام المبادرة في هذا الصراع.
وبينما تخلت واشنطن عن الدور القيادي في المهام القتالية بعد المرحلة الاولى من القصف الغربي فقد قدمت القسط الاكبر من المعلومات الاستخباراتية الرئيسية والدعم اللوجيستي ومن بين ذلك اعادة تزويد الطائرات بالوقود.
وقال هيسبورج "انها (مهمة) ناجحة بكل تأكيد للبريطانيين والفرنسيين الذين بدونهم ما كان سيتحقق أي شيء من هذا.
"يمكن اعتبارها نجاحا للائتلاف الذي يعمل باسم الحلف بوسائل الامريكيين الى حد كبير لذا هي نجاح أيضا للولايات المتحدة بكل تأكيد."
ومع ذلك سببت المهمة حرجا لبريطانيا التي تبين انها تتحمل ما يزيد عن طاقتها بعد دخولها حربا جديدة بعد اعلانها عن تخفيضات كبيرة في ميزانيتها العسكرية.
وقال هيسبورج "لان معظم الذخيرة التي استخدمها الفرنسيون كانت فرنسية الصنع لم تكن لديهم مشاكل رئيسية في الامداد. لكن البريطانيين واجهوا وقتا صعبا لعدة أسباب لاعتمادهم الكبير على ذخيرة أمريكية الصنع."
وتابع "ولانه ليس من عادة الامريكيين أن يقدموا مخزونات بل مجرد ذخيرة حسب الحاجة فقد نفد بعض من أهم الذخائر من ايدي البريطانيين وتعين عليهم أن يذهبوا مثل أوليفر تويست الى الامريكيين ويطلبوا المزيد - واختار الامريكيون أن يعلنوا عن ذلك."
ومن المرجح أن يكون أي شعور بالنشوة لدى الحلف جراء انتهاء العمليات في ليبيا مؤقتا اذ سيلقي ذلك بالاضواء مرة أخرى على مهمته المتعثرة في افغانستان.
وقال هيسبورج "لاقت ليبيا ترحيب الحلف اذ جعلت الجميع ينسون أمر افغانستان لعدة أشهر.
"الان مرة أخرى سيتعرض الحلف لملف أفغانستان وأقل ما يقال عنه أنه ليس في وضع جيد... ليبيا تعني النجاح وأفغانستان تعني المتاعب."
ويرى دانيال كوهين من معهد الاتحاد الاوروبي للدراسات الامنية أن نهاية المهمة ستلقى ترحيبا خاصة من ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون. وكلاهما تعرض لانتقادات فيما يبدو مع امتداد الحملة التي توقع المتفائلون أن تنتهي سريعا لكنها امتدت الى فصل الصيف.
وقال كوهين "أظن أنهما سيشعران بالراحة في البداية." وأضاف أن كلا من ساركوزي وأوباما سيشعران بالسعادة أيضا لان مسألة ليبيا لن تخيم على حملتيهما لانتخابات الرئاسة العام المقبل كما ان بامكانهما أن يتحدثا عن مهمة ناجحة.
لكن هل يمكن لزعماء الحلف الترويج لمثل هذه المزاعم لفترة طويلة. وهناك مخاوف حيال الانقسامات والتشدد في صفوف القوات التي أطاحت بالقذافي وتخشى العواصم الغربية من اختفاء عدد كبير من الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات التي يقلق المسؤولون من استخدامها في تهديد الطيران المدني.
ويوم الخميس لمح الامين العام للحلف أندرس فو راسموسن الى المشكلات المستقبلية عندما ناشد الليبيين تنحية الخلافات جانبا والعمل معا وحث الادارة المؤقتة على تجنب الثأر من أنصار القذافي.
وقال كوهين "هوية المتمردين غير واضحة حتى الان وبينما قد تكون هذه هي نهاية الحرب فانها مجرد بداية للمرحلة الانتقالية...الكثير يتوقف على كيف يدير المتمردون الوضع على الارض والسؤال هو..هل نعرف من هم هؤلاء الناس.."
وتابع "لكي نقول انه نجاح فهذا يتوقف على النقطة التي ستبدأ منها. اذا ما كان الامر مجرد القبض على القذافي وحماية المدنيين فهو نجاح..لكننا لا نعرف ما اذا كانت ليبيا ستتحول الى دولة ديمقراطية.
"من ناحية هو نجاح تكتيكي كبير لكن السؤال الاستراتيجي المهم هو.. هل ستتحول ليبيا لدولة ديمقراطية؟ هذا لم يتضح بعد."