قتل جنديان اميركان واصيب اربعة في تكريت. في الوقت الذي تصاعدت فيه حدة الاحتجاجات الرافضة للدستور المؤقت وسط تزايد المخاوف من اندلاع "فتنة" طائفية دعا مجلس الحكم العراقيين الى عدم الانجرار فيها.
مقتل جنديين
اعلن مسؤول عسكري اميركي مقتل جنديين اميركيين وجرح اربعة اخرين في انفجار وقع صباح اليوم السبت في وسط مدينة تكريت التي تبعد 180 كلم شمال بغداد.
واكد المسؤول الكابتن تيم كراو، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية، انه في حوالي الساعة الخامسة صباحاً بالتوقيت المحلي، (2:00 توقيت غرينتش) وقع انفجار في وسط المدينة مستهدفاً جنوداً اميركيين. وأضاف لوكالة فرانس برس ان الجنود القتلى والجرحى هم من الفوج الاول لفرقة المشاة الثامنة عشرة. وقال ان أسباب الانفجار لم تعرف بعد.
تصاعد الاحتجاجات الرافضة للدستور
على صعيد التطورات السياسية، انتقلت الاحتجاجات الرافضة للدستور المؤقت وخاصة في اوساط الشيعة الى الشارع وعبرت عن نفسها بتظاهرات حاشدة في بغداد والدعوة لاضراب اليوم السبت .
فقد تجمع آلاف الشيعة أمس في احدى الساحات العامة وسط بغداد للتعبير عن احتجاجهم ورفضهم لقانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية في العراق وتجمع المتظاهرون في ساحة الفردوس التي كانت تضم تمثال الرئيس العراقي السابق صدام حسين الذي ازالته القوات الاميركية بعد دخولها الى بغداد.
وقد رفعوا لافتات كتب عليها «الفقرة ج في المادة 61 مصادرة لارادة الامة المقصود منها احداث ازمة دستورية في المستقبل» و«يا مجلس الحكم لعنة اجيال المستقبل ستحل عليكم اذا ضيعتم حقوقهم». كما رفعوا اعلاما عراقية واعلاما سوداء وخضراء وحمراء وصورا للمراجع الدينية العراقية.
وقال الشيخ علي الساعدي عضو جماعة الفضلاء وعضو المجلس الفقهي لحزب الفضيلة الاسلامية ان «هذا التجمع يأتي استجابة لدعوة المرجع علي اليعقوبي للتنديد والاحتجاج على قانون ادارة الدولة». واضاف ان القانون الذي وقعه اعضاء مجلس الحكم الاثنين الماضي «تجاهل حقوق ابناء هذا الشعب وضيع وطنيته ومزق وحدته وفيه مخالفة لروح الاسلام والمجتمع العراقي المسلم وتهدد وحدته».
وتابع ان «هذا الشعب غيب ارادته لمدة 35 عاما في عهد صدام والان تغيب ارادته من جديد في ظل الاحتلال الاميركي للعراق»، موضحا ان «التوقيع المشئوم ينفي اسلامية هذا الشعب ويغيب حقوقه ويمزق وحدته» و«الاسلام مهدد بقنبلة موقوتة في دستور مؤقت».
كما قرأ الشيخ علي الابراهيمي بيانا صادرا عن المرجع محمد اليعقوبي دعا فيه طلاب المدارس والجامعات والمعاهد العراقية الى «الاضراب اليوم السبت تعبيرا عن رفضهم للقانون». وقال ان «هذا القانون يتضمن ثغرات كبيرة يمكن ان تكون مفتاحا للشر ومهما قيل في تبريرها كحفظ حقوق الاقلية ونحوها فانها واهية وضعيفة».
ودعا اليعقوبي اعضاء مجلس الحكم الى «تحقيق مطالب هذه الجماهير التي لا يمكن التنازل عنها»، مؤكدا ان الصلاة في الساحة العامة «ستعود من جديد اذا لم تتحقق هذه المطالب». وطالب البيان بأن «لا يتخذ مجلس الحكم قرارات مصيرية مثل تجنيس الاجانب وخصخصة القطاعات الحيوية وعقد المعاهدات الامنية والاستراتيجية لانه مجلس انتقالي فاقد للشرعية».
كما دعا المجلس الى «التشاور والتنسيق مع القوى الدينية والسياسية الموجودة في الساحة العراقية قبل اتخاذها مثل هذه القرارات وعدم التفرد باصدارها». وفي الكوفة انتقد المرجع مقتدى الصدر أمام آلاف المصلين قانون ادارة الدولة وقال ان «هذا القانون شبيه بوعد بلفور الذي باع فلسطين. نحن في طريقنا لبيع العراق والإسلام انها علامة سيئة».
ومن جانب اخر ، انتقد ائمة المساجد في المدن الشيعية النجف وكربلاء في خطب الجمعة قانون ادارة الدولة الذي اعتبر علي السيستاني أنه «يعتبر عائقا امام الوصول الى دستور دائم للبلاد». وفي كربلاء وصف أحمد الصافي ممثل المرجع الشيعي الابرز علي السيستاني الدستور المؤقت بالمهزلة التاريخية والمأساة الخطيرة وبأنه صيغ بأيدي الاحتلال ويتيح عودة اليهود إلى العراق.
وفي النجف، قال الشيخ صدر الدين القبانجي ممثل المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق بزعامة عبد العزيز الحكيم خلال خطبة الجمعة في الروضة الحيدرية «هناك نقاط ضعف في قانون ادارة الدولة اهمها قضية الشرعية فمن اين يستمد هذا القانون شرعيته لانه لم يتم التصويت عليه لا من الجمهور ولا من الفقهاء وهذا ما اكدت عليه المرجعية الدينية».
وفي بغداد تساءل الشيخ رائد الكاظم عن مشروعية الاحتلال ومجلس الحكم.
دعوات للحذر من فتنة طائفية
وفي سياق اخر، ادان مجلس الحكم بشدة تعرض عدد من المساجد والعلماء السنة في العراق إلى اعتداءات إرهابية ادت إلى مقتل عدد من الأئمة والمصلين.
ودعا محمد بحر العلوم رئيس مجلس الحكم العراقي فى بيان أصدره أمس أبناء العراق بمختلف اديانه وقومياته الى الوقوف صفا واحدا بوجه المخططات الخبيثة التى تستهدف وحدة ومستقبل العراق.
وقال أن هناك من يخطط لسفك الدماء وجعل ابناء العراق يقتتلون فيما بينهم كى تذهب ريحهم وتتفرق كلمتهم من أجل أن يسيطر عليهم جميعا اعداؤهم الاشرار .
وقال بحر العلوم ان الهدف من تلك الاعتداءات زرع الفتنة في صفوف ابناء البلد الواحد والدين الواحد.
وألقى رجل الدين السني العراقي وليد الغزاوي خطبة الجمعة في المصلين داعيا للوحدة بين المسلمين. ولكن يبدو أن المسلحين الملثمين الذين هاجموا المصلين بهذا المسجد مرتين خلال الاسبوع الحالي لم يستمعوا الى دعوته.
وقال الغزاوي ان مسلحين اطلقوا النار مرتين لدى انتهاء المصلين من اداء الصلاة بمسجد
قباء في بغداد .. في مؤشر اخر على العنف الذي يخشى البعض من أن يقود الى حرب أهلية.
وتابع الغزاوي أنه يخشى من أن يكثف المتشددون هجماتهم على مساجد السنة في أعقاب
الهجمات الدامية على الشيعة قبل عشرة أيام والتي قتل فيها 181 شخصا.
ومضى الغزاوي الذي كان يحيط به متطوعون يحملون أسلحة خفيفة للدفاع عن المسجد
في حي الشعب ببغداد الذي يقطنه اغلبية شيعية يقول ان المسلحين دأبوا على شن هجماتهم
فور انتهاء المصلين من صلاة العشاء.
وقال الغزاوي ان وجود اناس يتصفون بالحكمة بين رجال الدين يبعث على الامل في
الحيلولة دون اراقة الدماء في صراعات طائفية.
ويعتبر كثير من المصلين هجمات الاسبوع الحالي اعمالا انتقامية من جانب متشددين من
الشيعة يحملون اصوليين سنة مسؤولية المذبحة المروعة التي وقعت عند مزارات شيعية
الاسبوع الماضي حيث شارك ملايين الشيعة في احتفالات عاشوراء.
ويقول رجال الدين ان الهجمات على السنة في بغداد قتلت أربعة وأصابت عددا من
الاشخاص.
وفي مسجد الكبيسي الكائن في حي الشرطة الشيعي الفقير قتل الامام الشيخ علي الذهبي
بالرصاص في حادث اطلاق نار من سيارة مسرعة الاسبوع الماضي. كما قتل حارس مسجد
في هجوم في وقت مبكر من يوم الجمعة.
ويعتقد كثيرون ان متطرفين من السنة والشيعة على حد سواء وهما أكبر طائفتين في
العراق يريدون دفع البلاد الى حرب أهلية.
وقال أحد المصلين الذي كان يؤدي صلاة الجمعة ويدعى زيدان دليمي "انه أسرع طريق
لبذر الشقاق".
وقال ملثم يحمل بندقية من نوع كلاشنيكوف يدعى عبد الله الهاشمي أنه تطوع للدفاع عن
المسجد.
وأضاف "جئنا للدفاع عن ديننا. هؤلاء الجبناء يعتقدون أننا خائفون".
والهاشمي واحد من عدة الاف من المصلين الشبان الذين هرعوا للدفاع عن مساجد السنة.
وأنحى سني متشدد بالمسجد باللائمة على متشددين شيعة في أعمال القتل.
وقال عبد العزيز جبوري "الشيعة ينثرون بذور الطائفية. انهم جبناء". واشار جبوري الى
أن هناك شبانا من السنة مسلحون ومستعدون للقتال.
وقال خطباء مساجد ان الهجمات جاءت بعد هجمات مماثلة فتح فيها مسلحون النار على
مصلين لدى مغادرتهم المسجد بعد صلاة العشاء في الاحياء التي يقطنها غالبية من الشيعة
ويكون فيها السنة أقلية.
وفي مكان آخر بالعاصمة روى محمد عبيدي كيف القى مهاجمون قنابل على ساحة مسجد
الحاجة بدرية في حي الطالبية ببغداد مما اسفر عن مقتل أحد المصلين في اطار سلسلة
متزايدة من الهجمات على المساجد.
وتابع عبيدي بعد صلاة الجمعة "القيت القنبلة من خلف المسجد وسقطت بجوار نخلة وبعد
ثوان قليلة أطلق مسلحون الرصاص أمام الابواب الرئيسية للمسجد.
ولكن في أنحاء العراق دعا أئمة المساجد الى التزام الهدوء وتنحية الخلافات الطائفية
جانبا وحذروا من أن حدوث اراقة دماء على نطاق واسع لن يفيد الا الاحتلال الامريكي.
ومن جانبه أعرب بول بريمر عن اعتقاده بأن الهجمات سوف تزداد في العراق مع اقتراب موعد تسليم السلطة في 30 حزيران/يونيو المقبل. وقال اثناء زيارة للفرقة الأميركية 82 المحمولة جواً في غرب العراق ان الإرهابيين يدركون انهم الطرف الخاسر وان الوقت ليس في صالحهم.
وأضاف ان الاجراءات الأمنية ستكون مشددة بوجه خاص في مراسم الاربعين التي يقيمها الشيعة في كربلاء في الشهر المقبل والتي يتوقع ان يحتشد في المدينة خلالها نحو 5 ملايين شخص. وقال بريمر ان من المستحيل توفير أمن تام في تلك المراسم مشيراً إلى ان الهجمات التي تعرض لها الشيعة في يوم عاشوراء نفذها ستة انتحاريين كانوا يلفون أنفسهم بمتفجرات—(البوابة)—(مصادر متعددة)