تجدّدت المواجهات الإثنين، جنوبي العاصمة الليبية طرابلس، بين قوات تابعة لحكومة “الوفاق الوطني” المعترف بها دوليا، والجيش الوطني الليبي بزعامة المشير خليفة حفتر، فيما حذرت الأمم المتحدة من "تدهور" الأوضاع الانسانية في المدينة.
وتتواصل المعارك منذ أكثر من ثلاثة أسابيع جنوب العاصمة بين القوات التابعة لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً وتلك التابعة للمشير خليفة حفتر الذي أطلق في الرابع من نيسان/ ابريل هجوماً للسيطرة على طرابلس.
وقتل 278 شخصاً على الأقل وأصيب أكثر من 1330 آخرين منذ الرابع من نيسان/ ابريل بحسب منظمة الصحة العالمية.
وقال مصدر عسكري، إن تجدد المواجهات المسلحة في “الخلة” يأتي عقب تقدم قوات حفتر باتجاه منطقة صلاح الدين بطرابلس.
ووفق المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، تمكنت قوات حفتر من السيطرة على معسكر اليرموك، جنوب طرابلس، فيما لا تزال المواجهات جارية بين الجانبين، بين منطقة الخلة وصلاح الدين جنوبي العاصمة.
وأوضح المصدر أن مواجهات اليوم تعتبر “الأعنف” بمحور الخلة؛ حيث يسمع دوي الأسلحة الثقيلة والمدافع بوضوح في مختلف أحياء العاصمة.
ومنذ 4 أبريل/نيسان الجاري، تشن قوات حفتر هجوما للسيطرة على العاصمة طرابلس (غرب)، مقر حكومة الوفاق الوطني.
ولم تحقق عملية حفتر في طرابلس حتى اليوم أي تقدم ملموس حقيقي على الأرض، ولاقت انتكاسات في بعض المناطق.
وأثار الهجوم رفضا واستنكارا دوليين؛ حيث وجه ضربة لجهود الأمم المتحدة لمعالجة النزاع في البلد الغني بالنفط.
ومنذ 2011، تعاني ليبيا صراعًا على الشرعية والسلطة يتركز حاليا بين حكومة الوفاق وحفتر.(الأناضول)
- “تدهور الوضع الإنساني”
وفي سياق متصل، حذرت مساعدة مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا ماريا دو فالي ريبيرو من “خطورة” الأوضاع الانسانية في منطقة طرابلس مع اندلاع المعارك، مشيرة إلى احتمال “تدهورها”.
وقالت دو فالي ريبيرو في مقابلة مع وكالة فرانس برس مساء الأحد “طالما أنّ هذا الوضع (العسكري) ما يزال مستمرا (…) ينبغي أن نتوقع تدهور” الوضع الإنساني.
وأضافت مساعدة مبعوث الأمم المتحدة المعنية بالأخص بملف المساعدة الإنسانية، “حين نرى استخدام وسائل جوية وقصفاً عشوائياً لمناطق مأهولة بكثافة مثل ما حصل الأسبوع الماضي، فمن الصعب أن نكون متفائلين”.
ما يزال العديد من السكان في مناطق القتال رغم فرار نحو أربعين ألفا، ومن الصعب الوصول إليهم لتقديم خدمات الإغاثة والمساعدات الإنسانية، حسب قولها.
على جانب آخر، لفتت دو فالي ريبيرو إلى وجود “3500 مهاجر ولاجئ بوضع خطر في مراكز احتجاز تقع قرب مناطق الاشتباكات“، مؤكدة إجلاء 800 شخص من مراكز الإيواء في عين زارة وأبو سليم وقصر بن غشير.
وأضافت “لذا، سنواصل الدعوة إلى احترام المدنيين، وهدنة إنسانية، كما أننا سنبقى نأمل بحل سلمي للأزمة”.
– تأثيرات على المدى الطويل
أعربت المسؤولة الأممية عن “قلقها” إزاء تداعيات النزاع على “الخدمات الأساسية” في العاصمة الليبية، وعلى “إمدادات المياه والكهرباء” والخدمات الصحية أو “توفر السلع الاساسية وأسعارها”.
وقالت إن معالجة هذه الحالة الإنسانية الطارئة تتطلب مبلغ 10,2 مليون دولار “لا يغطي جميع الاحتياجات التي نتوقعها لكن على الأقل الاستجابة الأساسية للأسابيع الثلاثة أو الأربعة الأولى”.
وتم التبرع بمليوني دولار من صندوق الطوارئ التابع للأمم المتحدة، “وقد تلقينا تأكيدات من العديد من الدول الأعضاء بأنها ستساهم”، كما أوضحت.
وتابعت رافضة التعليق على الجمود الدبلوماسي بين القوى الكبرى في مجلس الأمن الدولي “أنهم يدركون خطورة الوضع هنا في أكثر مناطق البلاد اكتظاظا بالسكان ومن الضروري الاستجابة”.
تعاني ليبيا من عدم الاستقرار منذ سقوط نظام معمّر القذافي عام 2011، وغرقت في الفوضى مجددا اثر هجوم قوات المشير خليفة حفتر للسيطرة على طرابلس حيث مقر حكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فايز السراج.
وبعد تحقيق الهجوم تقدماً عسكرياً سريعاً، شنت القوات الموالية لحكومة الوفاق هجوماً مضاداً أدى إلى تركز المعارك في جنوب العاصمة.
وقالت دو فالي ريبيرو إن هذا النزاع في ليبيا سيترك أيضا تأثيرات طويلة المدى، مشيرة على سبيل المثال “رمزيا” الى تفجير مستودع وزارة التربية الذي دمر “أكثر من مليون كتاب مدرسي”.
وختمت المسؤولة الأممية إن هذا “يقول الكثير عن تأثيرات هذه المعارك، ليس فقط على بقاء الناس أحياء ولكن أيضا على مستقبل أطفال طرابلس”.