واشنطن تفرض عقوبات مالية على الخرطوم وبلير يعد بتحركات فعلية

تاريخ النشر: 15 مارس 2007 - 12:34 GMT

من المتوقع ان تفرض الولايات المتحدة الاميركية عقوبات مالية جديدة على الخطوم فيما تعهد رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بتحركات فعلية بشأن دارفور التي وصلها متمرد سابق لتولي الحكم فيها.وفي الغضون يعقد اجتماعا في الخرطوم للدول المانحة  مساعدات للسودان.

واشنطن

قال المبعوث الاميركي الخاص للسودان يوم الاربعاء ان الولايات المتحدة قد تفرض قريبا عقوبات جديدة على السودان من بينها قيود على الشركات التي تقوم بأعمال هناك بالدولار الاميركي بسبب رفض حكومة الخرطوم قبول نشر قوة دولية باقليم دارفور بغرب البلاد.

وقال المبعوث الاميركي اندرو ناتسيوس خلال مؤتمر عبر الهاتف مع منظمات مساعدات ان هناك أيضا خططا لفرض حظر سفر على ثلاثة أفراد بالسودان ومصادرة الودائع الخاصة بهم وهم سياسيان متهمان بارتكاب "اعمال وحشية" وزعيم جماعة متمردة يعد "معرقلا" في محادثات السلام.

وأضاف ناتسيوس الذي زار السودان الاسبوع الماضي والتقى مع قيادته ان الامر يرجع للرئيس جورج بوش لإعلان العقوبات المقترحة التي تعد جزءا من "الخطة البديلة" لمحاولة اجبار الخرطوم على الموافقة على نشر قوة مختلطة من الاتحاد الافريقي والامم المتحدة لمحاولة القضاء على العنف في اقليم دارفور.

ولم يحدد المبعوث الاميركي الموعد الذي قد يحدث فيه ذلك غير أنه قال ان صبر الولايات المتحدة وبلدان أخرى أوشك على النفاد.

وقال "كفى.. نحن بحاجة للقيام بتحرك الان وعدم الاكتفاء بمزيد من الحديث."

واضاف "من الواضح تماما أن الرئيس (بوش) أشد غضبا من أي شخص اخر بخصوص هذا. انه ينزعج بشدة عندما يتحدث معي عن هذا الوضع. انه يشعر بخيبة أمل شديدة بسببه."

ورفض الافصاح عن أسماء الشركات التي قد تتأثر بالعقوبات الجديدة غير أنه قال انها ستؤثر على الشركات التي تتعامل بالدولار.

ولم يحدد المبعوث الاميركي اسماء السودانيين الثلاثة الذين ستفرض عليهم عقوبات لكنه قال انهم معروفون جيدا.

وتؤثر العقوبات المالية الاميركية التي تقيد التعامل بالدولار على النظام المالي العالمي بأكمله حيث أن أغلب البنوك لها تعاملات في الولايات المتحدة اما من خلال فروع أو من خلال بنوك لها علاقات تجارية معها.

وتخشى البنوك في اوروبا واسيا العقوبات الاميركية مما يعطيها دافعا للحد من أعمالها مع أفراد أو مؤسسات تجارية بالسودان. وتعد الصين والهند وماليزيا أكبر المستثمرين الاجانب في السودان.

وقال ناتسيوس ان سلسلة من الاجتماعات الحكومية الاميركية على مستوى رفيع للغاية انعقدت قبل أن يتوجه للسودان في وقت سابق من الشهر الجاري جرى خلالها مناقشة تلك الاجراءات.

وقال "اختير أشخاص داخل (وزارة) الخزانة (الامريكية) لتنفيذ هذا."

وستفرض تلك العقوبات من جانب الولايات المتحدة وليس من خلال الامم المتحدة أو أي منظمة أخرى لكن ناتسيوس قال ان واشنطن تأمل أن تفعل البلدان الاخرى نفس الامر.

وبدأ صبر الولايات المتحدة وبلدان أخرى ينفد ازاء رفض السودان قبول نشر القوة المختلطة في دارفور حيث تشير تقديرات الى مقتل أكثر من 200 ألف شخص ونزوح أكثر من 2.5 مليون اخرين عن منازلهم منذ عام 2003 بسبب الصراع.

وتريد بريطانيا أن يفرض مجلس الامن الدولي عقوبات على السودان من بينها توسيع الحظر على السلاح وفرض منطقة حظر جوي في دارفور.

وبعث الرئيس السوداني عمر حسن البشير رسالة الى الامم المتحدة هذا الشهر يتحدث فيها بالتفصيل عن رفض خطط المنظمة الدولية لتعزيز المراقبين العسكريين التابعين للاتحاد الافريقي الذين يعانون من ضعف الدعم المالي.

وقال ناتسيوس "لقد صدمت بتلك الرسالة" واضاف أن الامر بدا وكأن السودانيين يحثون الولايات المتحدة على تعقبهم بعقوبات جديدة.

وهددت ادارة بوش بتطبيق "الخطة البديلة" على السودان في يناير كانون الثاني الماضي لكنها امتنعت عن اتخاذ أي تحرك بعدما توصل البشير لاتفاق فضفاض نهاية العام الماضي يسمح ببدء تنفيذ المرحلة الاولى من نشر القوة المختلطة.

وقال ديفيد رابينشتاين من ائتلاف انقذوا درافور الذي يعد أحد أبرز الجماعات الناشطة من أجل الاقليم "نعتقد أن الادارة تحلت بالصبر أكثر من اللازم ازاء الحكومة السودانية."

بلير

وقال رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الاربعاء انه يجب على المجتمع الدولي أن يكون مستعدا لاتخاذ تحرك صارم اذا فشل السودان في تحسين الاوضاع في دارفور.

ويسعى بلير منذ فترة طويلة لتحرك من مجلس الامن التابع للامم المتحدة لوضع حد للعنف في دارفور حيث يقول مراقبون ان نحو 200 ألف شخص قتلوا واضطر مليونان اخران للنزوح عن منازلهم منذ اندلع تمرد في عام 2003.

غير أنه لا حظر السلاح الذي فرضته الامم المتحدة في عام 2004 على المتمردين والميليشيا بالمنطقة ولا قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الافريقي والمكونة من نحو سبعة الاف فرد نجحا في وقف القتال.

وقال بلير "المهم هو أن نعيد وضع ذلك على جدول أعمال المجتمع الدولي ومجلس الامن.. أن نضاعف مرة أخرى جهودنا لضمان أن يلتزم السودان بالاتفاقيات التي ابرمت وأن يبذل جهودا حقيقية لتغيير الوضع" في دارفور.

ونشرت واشنطن الاسبوع الماضي تقريرا يدين السودان بشأن حقوق الانسان ويقول ان الابادة الجماعية تتواصل في دارفور ويلقي باللوم بشأن هجمات في المنطقة على قوات الحكومة والمتمردين.

وقال بلير خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس الغاني جون كوفور "كمجتمع دولي... يتعين أن نظهر أننا مستعدون للقيام بتحرك صارم اذا لم يتغير الوضع."

واضاف "لذا فنحن نبحث عن سبل .. بالتنسيق مرة أخرى مع الاتحاد الافريقي .. لإعادة وضع هذا على جدول الاعمال الدولي والقيام بتحرك."

ودعا بلير يوم الثلاثاء الى فرض عقوبات من مجلس الامن التابع للامم المتحدة على السودان بعدما وضعت الخرطوم عدة شروط أمام خطط لنشر قوات حفظ سلام تابعة للامم المتحدة في دارفور لتعزيز قوة الاتحاد الافريقي.

وقال كوفور الذي يرأس الاتحاد الافريقي ان القوة التابعة للاتحاد ليست كبيرة بما يكفي لحفظ السلام وان الاتحاد يريد أن يسمح السودان بنشر نحو 17 ألفا من قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة.

وقال كوفور "نحن بحاجة الى ذلك.. ونعتقد أيضا أن مجلس الامن سيأتي بالدعم المطلوب في النقل والتموين والموارد المالية."

وأضاف "لم نحقق حتى الان الاثر المطلوب لتمكين ذوي القبعات الزرق (قوات الامم المتحدة) من الانتشار. لكننا لسنا بصدد التخلي عن ذلك."

اجتماع المانحين

وفي الغضون، قال البنك الدولي الاربعاء ان اجتماعا للمانحين الغربيين والحكومة السودانية بما في ذلك المتمردون السابقون في جنوب السودان سيعقد في العاصمة الخرطوم الاسبوع القادم لتقييم مدى التقدم في تنفيذ اتفاق سلام وقع عام 2005 بين الشمال والجنوب.

لكن التوترات بين المانحين والخرطوم بشأن الأزمة في منطقة دارفور ستلقي بظلالها على الاجتماع الذي سيعقد في العشرين والحادي والعشرين من اذار /مارس.

وتحت إصرار من المانحين سيعقد اجتماع منفصل بشأن دارفور في 19 اذار/مارس في الخرطوم وسيأتي بينما تدرس الولايات المتحدة مزيدا من العقوبات على الحكومة السودانية.

ومن المتوقع أن يحضر اندرو ناتسيوس اجتماعات الخرطوم.

وأنهى اتفاق السلام الذي وقع في 2005 حربا أهلية بين الحكومة الاسلامية في شمال السودان والمتمردين في الجنوب الذي تسكنه غالبية وثنية ومسيحية. وقتل مليونا شخص معظمهم في الجنوب في الصراع فيما تشرد أكثر من اربعة ملايين.

وقال متحدث باسم البنك الدولي لرويترز "الاجتماع سيعقد في وقت حرج... المشاركون سيقيمون مدى التقدم الذي تحقق في تنفيذ اتفاق السلام الشامل لعام 2005 وسيضعون الأولويات للاشهر القادمة."

وتنفيذ الاتفاق يسير بخطى ابطأ من المتوقع. ويتهم الجنوبيون الخرطوم بالتراجع عن تنفيذ التزامات مهمة مثل تقاسم الايرادات النفطية.

ويدير البنك الدولي صندوقين ائتمانيين تعهد المانحون الغربيون بالمساهمة فيهما بأكثر من 500 مليون دولار معونات للسودان مع التركيز على إعادة بناء جنوب البلاد الذي دمرته الحرب وهو أحد أكثر المناطق فقرا في افريقيا.

والبنك الدولي غير قادر على استئناف عملياته الكاملة في السودان حتى تسوي الحكومة متأخرات قيمتها 422 مليون دولار تدين بها للبنك ومتأخرات قيمتها 1.7 مليار دولار مستحقة لصندوق النقد الدولي.

ومن غير المُرجح أن يظهر المانحون استعدادا لإعادة هيكلة متأخرات السودان أو شطبها ما لم يكن هناك احساس بأن ازمة دارفور يمكن تسويتها.

حاكم جديد

وفي الاثناء، وصل حاكم ولاية غرب دارفور الجديد وهو متمرد سابق الى عاصمة الولاية يوم الاربعاء ورحب به المئات من أنصاره في علامة على الشروع في تطبيق بعض جوانب اتفاق للسلام لا يحظى بتأييد شعبي.

وكان أركو ميني ميناوي يتزعم الجماعة المتمردة الوحيدة التي وقعت اتفاقا في مايو آيار الماضي مع الحكومة السودانية من بين ثلاث جماعات مسلحة في دارفور. وأَهَلته هذه الخطوة لتولي منصب حاكم الولاية.

وخلافا لتعيينه لم يطبق شيء يذكر من الاتفاق الذي يرفضه كثيرون من 2.5 مليون شخص من أهالي دارفور الذين فروا من ديارهم الى مخيمات إيواء مؤقتة.

وقال محجوب عثمان عبد الله المسؤول بحركة تحرير السودان لرويترز من الجنينة عاصمة الولاية "الوالي قال ان أولى أولوياته هي جلب السلام والاستقرار لولاية غرب دارفور."

وتعاني دارفور حوادث عنف دموية منذ عام 2003 عندما حمل المتمردون وغالبيتهم من غير العرب السلاح متهمين الخرطوم بتجاهل المنطقة القاحلة.

وفي مواجهة المتمردين هناك الجنجويد وهو الاسم المحلي لقوات ميليشيا تنحدر من قبائل بدوية عربية ويلقى عليها باللوم في الكثير من أعمال القتل.

ويقدر خبراء أن 200 ألف شخص قتلوا في حملة من أعمال الاغتصاب والقتل والنهب في دارفور. وتصف الولايات المتحدة العنف هناك بالإبادة الجماعية وهو تعبير ترفضه الحكومة السودانية وتحجم الحكومات الاوروبية هي الأخرى عن استخدامه. كما تنفي الحكومة السودانية اتهامات بأنها تدعم الجنجويد.

وواجه ميناوي وهو أيضا الرجل الرابع في تسلسل القيادة في مؤسسة الرئاسة باعتباره مساعدا خاصا للرئيس عمر حسن البشير صعوبات منذ انخراطه في عملية السلام.

وبعد توقيع اتفاق السلام انقسمت جماعات المتمردين الى اثني عشر فصيلا بعضها قبل الاتفاق لاحقا. وتوترت علاقات ميناوي مع تلك الفصائل وتفاقمت تلك التوترات بعد أن منحتهم حكومة الخرطوم كثيرا من المناصب السياسية الرفيعة بدلا من مرشحيه المفضلين.

كما فقد مكانته في دارفور منذ تولى منصبه في الرئاسة ولم يثمر تعبيره عن الإحباط لافتقار البشير "للإرادة السياسية" لتنفيذ الاتفاق عن نتائج حتى الآن.