هناك ضحيتان لنجاح الفلسطينيين في الانضمام الى منظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) ورد اسرائيل الفوري الانتقامي هما عملية السلام وادارة الرئيس الامريكي باراك أوباما.
وكشف اقتراع اليونسكو لمنح العضوية الكاملة للفلسطينيين على الرغم من اعتراضات الولايات المتحدة واسرائيل حجم ثقل واشنطن لدى الجانبين. ودفع ادارة أوباما الى حجب 60 مليون دولار عن المنظمة التابعة للامم المتحدة.
وأدى هذا الاقتراع فيما يبدو الى اطالة أمد الخلافات المتعلقة باستئناف محادثات السلام التي انهارت قبل أكثر من عام على الرغم من جهود الرئيس الامريكي.
وتسبب فيما اعتبره بعض المحللين رد فعل مبالغا من اسرائيل التي أعلنت يوم الثلاثاء خططا لتسريع البناء الاستيطاني وحجب ايرادات الجمارك ولو مؤقتا وغيرها من الرسوم التي تجمعها لصالح الفلسطينيين.
وأكبر طرف خاسر فيما يبدو هو الولايات المتحدة وأملها في تحقيق أمر بعيد المنال هو اقناع الجانبين بالعودة مرة أخرى الى طاولة المفاوضات.
وقالت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم وزارة الخارجية الامريكية للصحفيين "هناك تداعيات فيما يتعلق بمناخ اعادة هذين الطرفين الى مائدة المفاوضات.. وهي تسير في الاتجاه الخطأ."
وقال مسؤول أمريكي اخر ان البيت الابيض غير مستعد لخوض مخاطر على الصعيد الداخلي ومخاطر السياسة الخارجية في اطلاق مبادرة سلام جديدة وذكر أن التطورات الاخيرة جعلت مثل هذه الخطوة مستبعدة أكثر.
وأضاف "ليس لان الوضع ميئوس منه تماما لكن ليس هناك سبب يذكر يدعو للتفاؤل على المدى القصير."
وقال المسؤول ان ادارة أوباما فوجئت بشدة الانتقام الاسرائيلي.
وقال دانييل ليفي وهو مفاوض سلام اسرائيلي سابق في حكومة رئيس الوزراء السابق ايهود باراك وهو موجود حاليا في مؤسسة أمريكا الجديدة وهي مركز أبحاث في واشنطن "الاستراتيجية الفلسطينية الحالية تضر بأمريكا أكثر مما تضر باسرائيل."
وخاضت الولايات المتحدة واسرائيل معركة خاسرة لمنع الفلسطينيين من التقدم بطلب رسمي للانضمام الى الامم المتحدة في سبتمبر أيلول. وتقول واشنطن انها ستستخدم في نهاية الامر حق النقض (الفيتو) ضد هذا الطلب الذي أحيل الى مجلس الامن التابع للامم المتحدة.
وتقول الدولتان ان الفلسطينيين لن يتمكنوا من اقامة دولتهم الا من خلال محادثات السلام المباشرة وترفضان أي خطوات تعترف فيها هيئات الامم المتحدة من جانب واحد بالدولة الفلسطينية.
لكن الفلسطينيين مضوا قدما وكانت اليونسكو أول نجاح حقيقي بالنسبة لهم باقتراع رجح بشدة كفتهم مما دفع اسرائيل الى رد فعل انتقامي سريع.
وتمثل الخطوات الدبلوماسية الفلسطينية ورد فعل اسرائيل سلسلة من الخيارات غير الجذابة بالنسبة للبيت الابيض قبل انتخابات الرئاسة في 2012 والتي يفضل خلالها عدم اثارة استياء الناخبين اليهود وبعضهم بالفعل غير راض عن أوباما.
وتضامنا مع اسرائيل وجدت واشنطن نفسها وسط أقلية تمثل 14 صوتا عارضت العضوية الفلسطينية في اليونسكو مقابل 107 دول وافقت و52 دولة امتنعت عن التصويت منها حلفاء مقربين مثل بريطانيا.
واضطرت ادارة أوباما بموجب القانون الامريكي قطع التمويل عن اليونسكو في خطوة قالت وزارة الخارجية انها ليست في المصلحة الوطنية لامريكا وربما تؤدي الى تداعيات خطيرة اذا حذت هيئات أخرى للامم المتحدة حذو اليونسكو.
وقالت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون لرويترز في 11 أكتوبر تشرين الاول انها تحدثت مع أعضاء الكونجرس عن حاجة الادارة الى المرونة للابقاء على مثل هذا التمويل خاصة اذا أعطت هيئات مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو منظمة الصحة العالمية للفلسطينيين العضوية الكاملة.
وعلى الادارة أن تتفاهم الان مع أعضاء الكونجرس بشأن تمويل اليونسكو وهي من هيئات الامم المتحدة التي لا يوجد بينها وبين واشنطن ود مفقود خاصة لدى بعض أعضاء الكونجرس من الحزب الجمهوري في عهد الميزانيات المضغوطة.
وقال جون الترمان مدير برنامج الشرق الاوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن "في عام تجرى فيه الانتخابات فان دعم الامم المتحدة على حساب اسرائيل سيكون خيارا سياسيا خاسرا بشدة."
وقال الترمان أيضا ان رد الفعل الاسرائيلي بتسريع البناء في المستوطنات والذي دفع البيت الابيض الى القول بانه يشعر "بخيبة أمل بالغة" يباعد بين الولايات المتحدة واسرائيل في وقت تحتاج فيه الاخيرة بشدة للدعم الامريكي لمحاولة وقف الجهود الفلسطينية للحصول على العضوية في هيئات الامم المتحدة.
كما أن الادارة الامريكية في وضع صعب في الوقت الذي تحاول فيه اقناع أعضاء الكونجرس بالاستمرار في تمويل السلطة الفلسطينية خاصة القوات التي تحفظ الامن في الضفة الغربية المحتلة بعد ان هدد أعضاء الكونجرس بقطع الاموال اذا سعى الفلسطينيون لعضوية الامم المتحدة كما فعلوا في 23 سبتمبر أيلول.
وفي اليوم ذاته ناشدت اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الاوسط الاسرائيليين والفلسطينيين اجراء محادثات تمهيدية في غضون شهر وطرح اقتراحات شاملة بشأن الاراضي والامن خلال ثلاثة أشهر.
لكن اللجنة الرباعية التي تضم الاتحاد الاوروبي وروسيا والامم المتحدة والولايات المتحدة لم تفلح في اقناع الطرفين بالاجتماع. وليس هناك أمل يذكر فيما يبدو في أنها ستحقق هدفها بالتوصل الى معاهدة سلام بحلول نهاية العام القادم.
وحمل محللون ادارة أوباما الخطأ لعدم وجود استراتيجية لاعادة الجانبين الى طاولة المحادثات ومنعهما من تحدي الولايات المتحدة وتجاهل رغباتها.
وقال برايان كاتوليس من مركز التقدم الامريكي "نحن الان في فترة الخطوات التصعيدية المنفردة التي تتخذ دون تنسيق من جانب الاسرائيليين والفلسطينيين. هذا هو ما قالت ادارة أوباما ان عليهما تجنبه لكن لم يكن لديها استراتيجية لتجنبه بالفعل."