في إطار التحركات العملية التي بدأتها القيادة الفلسطينية لتحديد مصير الانتخابات المقبلة في طل استمرار الرفض الإسرائيلي لإجرائها في القدس المحتلة، شرع وزير الخارجية رياض المالكي، بجولة تشمل عدة دول أوربية، ليتم على أثرها تحديد الوجه الفلسطينية القادمة.
جولة أوروبية
من بروكسل عاصمة الاتحاد الأوروبي، بدأ المالكي بتوجيهات من الرئيس محمود عباس، جولة على عدد من العواصم في القارة الأوروبية. وقد جاءت الجولة، بعد اقتصار الاتصالات الفلسطينية مع مسؤولي الدول الأوروبية على لقاءات قناصل وسفراء، ولقاءات افتراضية عن بعد، حيث أرادت بذلك القيادة الفلسطينية، وضع المجتمع الدولي وخاصة دول الاتحاد الأوروبي، التي تدعم إجراء الانتخابات، أمام مسؤولياتها، للضغط على إسرائيل لإجراء الانتخابات في القدس المحتلة.
ولم تفلح الاتصالات الماضية حتى اللحظة، في ثني إسرائيل عن قرارها، حيث تلقت تل أبيب خلال الفترة الماضية اتصالا عديدة من القارة الأوروبية، علاوة عن لقاءات عقدها دبلوماسيون أوروبيون مع مسؤولين كبار في تل أبيب.
وجولة المالكي، التي ستجدد على الأغلب الموقف الفلسطيني من إجراء الانتخابات، فإن أولى لقاءاته كانت مع الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية الوزير جوزيف بوريل، ووزير خارجية بلجيكا، ويصل يوم غد الثلاثاء إلى لندن ويلتقي وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب لاستكمال الجهد الدبلوماسي الفلسطيني لوضع المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي والدول كافة أمام مسؤولياتها لضمان إجراء الانتخابات التشريعية الفلسطينية من دون أية عراقيل أو عقبات، بما في ذلك إجراؤها في القدس انتخابا وترشيحا.
كذلك يهدف المالكي من خلال تلك اللقاءات التي يعقدها مع مسؤولي القارة الأوروبية، إلى حشد الدعم والتأييد الدوليين للانتخابات أولا، وللضغط على دولة الاحتلال لوقف جميع إجراءاتها وممارساتها التي من شأنها عرقلة إجراء الانتخابات في القدس.
اجتماع القيادة
ومع بداية الاجتماعات التي شرعت القيادة الفلسطينية بعقدها، لتباحث ملف إجراء الانتخابات في ظل الرفض الإسرائيلي لشمولها مدينة القدس المحتلة، حيث دعت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير خلال اجتماعها، أطراف المجتمع الدولي بما فيها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين، للاستمرار في جهودهم لدى السلطة القائمة بالاحتلال “إسرائيل”، وحثها على عدم وضع العقبات والعراقيل أمام الانتخابات في كافة المناطق الفلسطينية المحتلة وخاصة في القدس الشرقية، وقد عبرت اللجنة التنفيذية عن إدانتها واستنكارها الشديد لمداهمة قوات الاحتلال الإسرائيلية لأماكن اجتماع المرشحين واعتقالهم ومنعهم من القيام بأي نشاط في القدس.
وخلال الاجتماع قدم الرئيس عباس استعراضا للاتصالات والجهود التي ما زال يقوم بها والقيادة مع أطراف المجتمع الدولي حول الأوضاع في فلسطين، وما يتعلق بإجراء الانتخابات العامة في فلسطين وفي مقدمتها الانتخابات التشريعية، وأكد الرئيس الفلسطيني أنه لن يكون هناك تغيير ولا تبديل في موعد الانتخابات.
كما استمعت إلى تقرير من رئيس لجنة الانتخابات المركزية حنا ناصر، حول الإجراءات والاستعدادات التي قامت بها اللجنة من أجل توفير عوامل نجاح العملية الانتخابية في كل مراحلها ترشيحا ودعاية وانتخابا.
وضمن التحركات الفلسطينية، ودعا وزير شؤون القدس فادي الهدمي المجتمع الدولي للتحرك الفوري لإلزام إسرائيل بعدم عرقلة الانتخابات في القدس، وخلال استقباله المبعوث الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند في مكتبه، شدد الوزير على ضرورة قيام المجتمع الدولي بحماية الديمقراطية الفلسطينية في قلب القدس، وألا يسمح للحكومة الإسرائيلية باستخدام الحق الفلسطيني بالانتخابات في مدينة القدس رهينة لأطماعها الاستيطانية.
وأدان اعتقال الاحتلال الإسرائيلي عدد من المرشحين للانتخابات ومنع لقاءات في مدينة القدس كان من المقرر أن تبحث موضوع الانتخابات، ولفت إلى أن “اتفاقية المرحلة الانتقالية” المبرمة بين منظمة التحرير الفلسطينية وبين إسرائيل والموقعة في واشنطن بتاريخ الثامن والعشرين من شهر سبتمبر/ أيلول 1995 تضمنت ملحقاً خاصاً يتعلق بالانتخابات الفلسطينية. وتتعلق المادة (6) من الملحق بترتيبات الانتخابات في القدس، مذكرا بالانتخابات التشريعية في العامين 1996 و2006 والرئاسية عام 2005 جرت على أساس هذا الاتفاق، لافتا إلى ان محاولة إسرائيل عرقلة الانتخابات الفلسطينية بالقدس يتزامن مع تصعيد ملحوظ بالنشاط الاحتلالي ضد البشر والحجر في المدينة.
بدوره، أكد وينسلاند أن إجراء انتخابات جامعة وذات مصداقية في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، هو خطوة مهمة باتجاه إعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية وتحديد مسار العودة إلى المفاوضات ذات المغزى لتحقيق حل الدولتين، وشدد على ضرورة أن يعمل الجميع لحماية حق الناس، وخاصة الشباب، في التصويت وتقرير مستقبلهم السياسي.
وكشفت “القدس العربي” في تقرير سابق، عن فحوى اللقاءات التي عقدها دبلوماسيون غربيون، مع عدد من أعضاء القيادة الفلسطينية، بينهم مسؤولون في حركة فتح، حيث تمثل في طرح أوروبي بأن تفتح أبواب مكاتب تمثيلهم في القدس المحتلة، لوضع صناديق اقتراع فيها تمكن سكان المدينة المحتلة من الاقتراع.
غير أن مجمل الاقتراحات لم تكفل أيضا للمقدسيين حق الترشح أو ممارسة الدعاية الانتخابية، وهو أمر ينقص إلى جانب الطرح السابق من مكانة المدينة، كونها تمثل عاصمة الدولة الفلسطينية المنشودة.
موضوع سياسي
يشار إلى أن لجنة الانتخابات المركزية، استنكرت جملة الاعتقالات التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي لمرشحين للمجلس التشريعي، وخصوصاً في مدينة القدس المحتلة، موضحة أنه القيادة الفلسطينية بعثت رسالة إلى الجانب الإسرائيلي تؤكد فيها أنها ستُجري الانتخابات في القدس والضفة والقطاع، وفق البروتوكولات المتفق عليها كما تمت في الانتخابات الماضية، والتي تتلخص بالنسبة للقدس بعلمية اقتراع في ستة مراكز بريد في مدينة القدس الشرقية تتسع لحوالي 6300 شخص. وهذا هو الأمر الذي يحتاج إلى موافقة إسرائيلية حيث أن مراكز البريد تحت سيطرة الجانب الإسرائيلي.
وقالت إن الرسالة تشير إلى أن بقية الناخبين المقدسيين المؤهلين للاقتراع وعددهم حوالي 150,000 فمن المفترض أن يصوتوا في ضواحي القدس ولا يحتاج هذا الأمر إلى موافقة إسرائيلية، وقالت إنها وفرت أحد عشر مركزاً انتخابياً في ضواحي القدس كي يتمكن هؤلاء المقدسيين من الاقتراع فيها دون تسجيل مسبق، ودربت الطواقم الفنية اللازمة للقيام بهذه المهمة.
وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم لجنة الانتخابات فريد طعم الله، إن إجراء الانتخابات التشريعية في القدس يعد “موضوعا سياسيا وليس فنيا”، وأضاف في تصريحات أدلى بها للإذاعة الفلسطينية، بأن سلطات الاحتلال تضع العراقيل لتقويض وضرب العملية الانتخابية بمنع المرشحين المقدسيين من ممارسة حقهم في التنقل والاجتماع واعتقالهم، مؤكدا أن إجراءها بحاجة إلى دعم دولي، واللجنة “تعتبر كل سكان القدس مسجلين حكما في سجل الناخبين”.
جدير ذكره أن تصريحات طعم الله جاءت بعد أن قالت اللجنة، إنه في حالة التأكد أن رداً لن يصل القيادة الفلسطينية من الجانب الإسرائيلي قبل البدء بعملية الدعاية الانتخابية، أو خلال فترة وجيزة من ذلك التاريخ، فإن لجنة الانتخابات على استعداد لعمل أي ترتيبات أخرى بناء على توجيهات محددة من القيادة السياسية، مستندة إلى التشاور مع الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية، والتي بذلت الجهد الكبير حتى تاريخه لتشكيل قوائمها الانتخابية.