القذافي سيدفن الثلاثاء بمكان سري وسيف يعد للهرب من ليبيا

تاريخ النشر: 24 أكتوبر 2011 - 03:02 GMT
مواطنون ليبيون يلقون نظرة على جثامين معمر القذافي وابنه المعتصم بالله وقائد قواته ابو بكر يونس في مصراتة
مواطنون ليبيون يلقون نظرة على جثامين معمر القذافي وابنه المعتصم بالله وقائد قواته ابو بكر يونس في مصراتة

 

 قال مسؤول بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي ان جثمان الزعيم الليبي المخلوع معمر القذافي سيدفن يوم الثلاثاء في مكان سري بالصحراء الليبية، مضيفا ان ابنه سيف الاسلام يخطط للهرب من البلاد باستخدام جواز سفر مزور.
وقال المسؤول لرويترز هاتفيا "سيدفن (الجثمان) غدا في مراسم دفن بسيطة وسيحضر مشايخ عملية الدفن. سيكون مكانا مجهولا في الصحراء المفتوحة." مضيفا ان تحلل الجثمان وصل الى حد أصبح معه من غير الممكن ان يبقى لفترة اطول.
ووضع مقتل القذافي (69 عاما) في سرت مسقط رأسه نهاية لحرب استمرت قرابة ثمانية اشهر وملاحقة قوات المجلس الوطني الانتقالي له على مدى شهرين بعد فراره من العاصمة طرابلس عندما اجتاحتها قوات المعارضة.
وفي وقت سابق قال مسؤولون بالمجلس الانتقالي ان المفاوضات جارية مع ممثلي لقبيلة القذافي جاءوا من سرت وداخل القيادة الانتقالية بشان مكان وكيفية دفن جثمان القذافي وابنه المعتصم الذي قتل معه في ظروف غامضة وبشان ما قد يحصل عليه قادة مقاتلي مصراته الذين بحوزتهم الجثتين في مقابل التعاون.
لكن المسؤول قال "لم يتم التوصل الى اتفاق مع قبيلته لتسليم جثمانه." وردا على سؤال بشأن ما اذا كان ابنه المعتصم سيدفن في نفس المراسم قال المسؤول "نعم".
وكان مسؤول بالمجلس الانتقالي قد أبلغ رويترز قبل بضعة أيام ان اربعة شهود فقط سيحضرون مراسم الدفن وانهم جميعا سيقسمون على المصحف الشريف بألا يكشفوا عن مكان دفن الجثتين.
وقال مسؤولو الحكومة الليبية الاثنين ان الحكومة وضعت حدا لعرض جثة معمر القذافي للمشاهدة وان الحراس اغلقوا بوابات الحاوية المبردة التي ظلت معروضة فيها منذ مقتل الزعيم المخلوع قبل اربعة ايام.
وقال مسؤول من المجلس الوطني الانتقالي انه بدءا من الثالثة (1300 بتوقيت جرينتش) لن يكون بمقدور الجمهور مشاهدة الجثة واغلق الحراس بوابات المجمع الذي يحيط بالحاوية حوالي الساعة 3.30 عصرا ومنعوا الدخول.
وعلى مدى اربعة ايام القي ليبيون نظرة على جثمان معمر القذافي وهم حريصون على ان يروا بأنفسهم ان الرجل القوي الذي سقط توفي بالفعل بينما امتدت المحادثات بين الفصائل المحلية بشأن كيفية التخلص من الجثمان.
ووضع المقاتلون الذين يحرسون الجثمان الذي يزداد لونه سوادا والذين يحرسون جثمان ابنه المعتصم وقائد جيشه السابق أغطية بلاستيكية أسفل الجثث مع تسرب سوائل الى وحدة التبريد بالسوق القديمة في مصراتة التي نقلوا اليها بعد القاء القبض عليهم وقتلهم في مدينة سرت مسقط رأس القذافي يوم الخميس.
ونظرا لان باب وحدة التبريد يظل مفتوحا باستمرار للسماح لموكب الاشخاص الذين يريدون القاء النظرة الاخيرة على القذافي في محاكاة ساخرة للطقوس التي تجري لزعماء الدول الذين يتوفون فان وحدة التبريد عجزت عن منع التحلل السريع وقدم الحراس كمامات جراحة للزوار لمواجهة رائحة تحلل الجثث.
وتوفي القذافي وابنه بعد القاء القبض عليهما واصابتهما بجروح لكنهما كانا على قيد الحياة -- حيث تم تسجيل اللحظات الاخيرة لهما في لقطات فيديو.
والطريقة التي قتل بها القذافي وابنه أو لماذا استمر عرض جثتيهما للجمهور لمشاهدتهما لفترة طويلة لم تزعج عددا يذكر من الليبيين.
وقال سالم شاكا الذي زار الجثث "جعل الله الفرعون عبرة للاخرين" وأضاف "لو كان رجلا صالحا لكان دفن."
وتابع "لكنه اختار مصيره بنفسه."
وقال رجل اخر ذكر انه قطع مسافة 400 كيلومتر ليرى الجثث "جئت الى هنا للتأكد بأم عيني .. جميع الليبيين يجب ان يروه."
وقتل الزعماء الذين يسقطون ليس بالشيء الجديد -- ففي اوروبا وفقا لما تعيه الذاكرة تعرض الرئيس الروماني نيكولاي تشاوشيسكو لمصير مماثل بعد سقوطه في عام 1989 وبينيتو موسوليني الذي أقام ليبيا الحديثة كمستعمرة ايطالية قبل عقد من وفاته في عام 1945 .
غير ان بعض الحلفاء الاجانب لمعارضي القذافي عبروا عن انزعاجهم بشأن معاملة الزعيم الليبي المخلوع بعد اعتقاله وبعد موته ويشعرون بالقلق من ان الزعماء الجدد في ليبيا لن يلتزموا بتعهدهم باحترام حقوق الانسان.
وتم تعليق الدفن نتيجة للمشاحنات بين الفصائل الصاعدة داخل المجلس الوطني الانتقالي فيما يتعلق بالمكان الذي يجب ان يدفنوا فيه. ويريد زعماء المجلس الوطني الانتقالي دفن القذافي في موقع سري حتى لا يتحول مكان دفنه الى مزار.
وطلبت قبيلة القذافي التي تتمركز في مدينة سرت حيث خاض معركته الاخيرة تسلم الجثمان حتى يمكنهم دفنه هناك. وطلب القذافي ان يدفن في سرت في وصيته.
وقال مسؤول من المجلس الوطني الانتقالي في مصراته "توجد اراء مختلفة." وأضاف "بعض الناس يريدون دفنه في مقبرة الغزاة في مصراتة" في اشارة الى مكان يقع خارج المدينة بالقرب من البحر حيث دفن مئات من مقاتلي القذافي الذين سقطوا ببعض الكرامة والاحترام.
وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه "بعض الناس يريدون تسليم جثته الى قبيلته لكن لنا بعض المطالب. كثير من الناس خطفوا وقتلوا بواسطة اشخاص في سرت منذ الثمانينات. طلبنا منهم اعادة تلك الجثث. ومنذ ذلك الحين التزموا الصمت."
سيف الاسلام
من جهة اخرى، قال المسؤول في المجلس الوطني ان سيف الاسلام القذافي موجود في الصحراء قرب الحدود مع النيجر والجزائر ويخطط للهرب من البلاد باستخدام جواز سفر مزور.
وقال المسؤول لرويترز هاتفيا "هو في مثلث النيجر والجزائر. هو جنوبي غات.. منطقة غات. وقد زود بجواز سفر ليبي مزور من منطقة مرزوق."
وقال المسؤول ان رئيس جهاز المخابرات السابق عبد الله السنوسي ضالع في مؤامرة الهرب.
واضاف "في الجنوب تنصتوا على اتصالات عن طريق الثريا (اتصالات عن طريق الاقمار الصناعية). عبد الله السنوسي على الحدود في تلك المنطقة لتنظيم خروجه وأبلغنا بذلك ايضا مصدر في جهاز مخابرات دولة مجاورة."
وقال المسؤول انه سيكون من الصعب تعقب تحركات سيف الاسلام ومنعه من عبور حدود ليبيا.
واضاف "المنطقة يصعب مراقبتها وتطويقها الى اقصى حد. انها تحتاج الى طائرات حربية. حتى حلف شمال الاطلسي لا يمكنه مراقبة هذه المنطقة.
"يحتاج اعتراضه ومراقبته وتعقبه الى قوة كبيرة من كتائبنا. وهو أمر بالغ الصعوبة. كل ما لدينا هناك هو بعض الدوريات الصغيرة من مقاتلينا.
"المنطقة صحراوية ولها مخارج كثيرة. وهي ايضا طريق للتهريب. ولها طرق كثيرة جدا للخروج."
على صعيد اخر، دعت منظمة حقوقية يوم الاثنين للتحقيق فيما يُشتبه ان يكون إعداما جماعيا لنحو 53 من مؤيدي معمر القذافي وحثت السلطات الليبية على اتخاذ إجراءات صارمة ضد العنف والجرائم الأخرى من جانب مقاتلين ساعدوا في الإطاحة بالزعيم السابق.
اعدامات
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش ومقرها في نيويورك انه عُثر على 53 جثة الاسبوع الماضي تم جمعها معا وحولها خزائن طلقات أعيرة نارية فارغة في حديقة فندق مهجور في جزء من مدينة سرت يسيطر عليه المقاتلون المعارضون للقذافي.
وقال مسؤولون من المنظمة التي تعني بحقوق الانسان الذين شاهدوا الجثث يوم الاحد ان بعض المدنيين كانت أياديهم مُقيدة خلف ظهورهم عند ضربهم بالرصاص وتعرف عليهم سكان محليون على انهم موالون للقذافي.
ودعت منظمة هيومن رايتس ووتش المجلس الوطني الانتقالي الذي يمثل القيادة الجديدة في ليبيا لاجراء تحقيق "فوري وشفاف" في الوفيات التي حدثت في سرت مسقط رأس الزعيم الليبي المخلوع.
وقال بيتر بوكايرت مدير الطواريء في منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان "يقتضي ذلك اهتماما فوريا من السلطات الليبية للتحقيق فيما حدث ومحاسبة المسؤولين عن ذلك."
ولم يتسن على الفور الاتصال بالمجلس الوطني الانتقالي للتعقيب.
وقالت هيومن رايتس ووتش ان الحالة التي وجدت عليها الجثث تشير الى ان الضحايا قتلوا في موقع فندق مهاري في الفترة بين 14 و19 اكتوبر تشرين الاول.
وأبلغ سكان محليون المنظمة انهم عثروا على الجثث عندما عادوا الى ديارهم يوم 21 اكتوبر تشرين الاول في اليوم التالي لاعتقال ومقتل القذافي الذى أنهى القتال في سرت بعد شهرين من الحصار.
وتعرف السكان المحليون على هوية بعض المتوفين على انهم من سكان سرت ومن الموالين للقذافي.
وقال بوكايرت ان هيومن رايتس ووتش شاهدت الجثث في الفندق يوم الاحد وأسماء عدد من الكتائب المناهضة للقذافي من مصراتة مكتوبة على جدران المبنى.
وقال بوكايرت انه لا توجد أدلة مباشرة على ان هذه المجموعات شاركت في القتل لكنه قال ان العنف أيا كان نوعه اثناء الصراع المسلح الذي لحق بالمقاتلين الذين القوا السلاح أو كانوا رهن الاعتقال هو جريمة حرب.
وقال "هذه المذبحة الاخيرة تبدو جزءا من اتجاه قتل ونهب وانتهاكات أخرى ارتكبها مقاتلون مسلحون مناهضون للقذافي يعتبرون انفسهم فوق القانون."
وأضاف "من الضرري ان تتخذ السلطات الانتقالية اجراء لكبح جماح هذه المجموعات."
وقالت هيومن رايتس ووتش انها عثرت على رفات 95 شخصا على الاقل في الموقع الذي تم فيه القاء القبض على القذافي. وأضافت ان معظم هؤلاء قتلوا في القتال وضربات حلف الاطلسي لكن بين ستة وعشرة افراد أعدموا فيما يبدو في الموقع.
وقالت المنظمة انها شاهدت أيضا الجثث التي تحللت بشدة لعشرة اشخاص في موقع منفصل في سرت لكنها أضافت انه لم يتسن التعرف على هوية الضحايا أو تحديد المسؤولين عنها سواء كانت قوات القذافي أم المقاتلين المناهضين له.
وقالت هيومن رايتس ووتش انه بالاضافة الى ذلك أبلغها مسؤولون طبيون في سرت ان فرقهم والمقاتلين المناهضين للقذافي عثروا على 23 جثة في الفترة بين 15 و20 اكتوبر تشرين الاول لاشخاص كانت أياديهم مقيدة وراء ظهورهم.