10 آلاف طفل سوري ولدوا لاجئين (فيديو)

تاريخ النشر: 25 يوليو 2017 - 01:06 GMT
ولادة 10 ألاف طفل سوري لاجئ
ولادة 10 ألاف طفل سوري لاجئ

أجبرت أكثر من ست سنوات من الحرب في سوريا أكثر من 5 ملايين شخصًا على اللجوء في الخارج. تستضيف الأردن الآن 660550 لاجئًا مسجلًا، وأكثر من مليون حسب السلطات المحلية. يعيش قرابة 80 ألفًا منهم في مخيم الزعتري، و53700 منهم يعيشون في مخيم الأزرق – وهما أكبر مخيمين في المملكة – بينما حاول الآخرون التأقلم في المجتمعات الحضرية أو اضطروا للنزوح إلى بيئات ريفية وغير رسمية.

في محافظة إربد الشمالية، يعيش أكثر من 140 ألف سوري في المجتمعات المستضيفة، ويحاولون الحصول على بعض الاستقرار. كثير من هؤلاء استقروا في إربد والمناطق المجاورة لها منذ 5 سنوات أو أكثر – بعضهم جاء حتى قبل أن تتصعد الحرب. في هذه السنوات، وُلد الكثير من السوريين بعيدًا عن وطنهم، بما لا يقل عن 10 آلاف في مستشفى الأمومة والطفولة المدعوم من أطباء بلا حدود في مدينة إربد، الذي يبعد حوالي 35 كيلو مترًا عن الحدود السورية.

لاجئون منذ الولادة

بمنشأتها مجانية الخدمة، أصبحت منظمة أطباء بلا حدود عنصرًا فاعلًا في الصحة الإنجابية في شمال الأردن. وشرح إروان غريّون، رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود في الأردن، قائلًا "لقد وضعنا ذلك في موقع مميز مكننا من أن نشهد الآمال التي تنعقد على كل حياة تُنجب حديثًا، وكذلك في موقع مشاهدة تهديد مُحتمل لأطفال قد لا يرون موطنهم الأصلي يومًا." وراء براءة الطفل المولود حديثًا، سيكون هناك بحث حثيث عن الهوية في بلد يمثل فيه اللاجئون السوريون عبئًا ثقيلًا حسب السلطات الأردنية. من بين القضايا التي يستثيرها المجتمع الأردني المُرهَق الضغوط على الاقتصاد الوطني، والبطالة، والنظام الصحي المجهد، بالإضافة إلى التهديدات الإرهابية. وقال غريّون، "عند مجيئهم إلى المستشفى، يتحدث المرضى عن الصعوبات التي يواجهونها في عملية اندماجهم بالمجتمع الأردني – فهم غرباء في الثقافة والمجتمع، ودخيلون على الاقتصاد الفقير والساعي للنهوض، والذي يتحمل مع ذلك عبء شريحة أضيفت إلى حالة سوق العمل الأردني." وحتى هذه اللحظة، فإن الحكومة الأردنية قد صدقت على أكثر من 50 ألف تصريح عمل للاجئين السوريين، لكن الحالة لا تزال بالغة الصعوبة بسبب الظروف المرعبة على الطرف الآخر من الحدود.

داخل منشأتها، ترحب منظمة أطباء بلا حدود كل يوم بعشرات العائلات التي تأتي لتتلقى رعاية ما قبل وبعد الولادة، ولإجراء عمليات الولادة، بالإضافة إلى الحصول على الدعم النفسي والعقلي. إن العائلات التي تأتي إلى مستشفى الولادة لا تستطيع أن تدفع أجرة العيادات الخاصة، والتي تكلف بالمتوسط من 25 إلى 40 دينار للزيارة الواحدة، وهم بالغالب لا يعملون، ومديونون، ويعتمدون على العون الإنساني المحدود. بسمة*، البالغة من العمر 20 عامًا، أم حديثة العهد، حدثتنا عن الصعوبات التي مرّت بها منذ الحمل وحتى الولادة. "وصلت من سوريا وحملت عندما كنت في الزعتري. لم تكن البيئة في الزعتري مناسبة لحملي، لذا اتجهنا أنا وزوجي إلى حدود إربد." كما تحدثت عن الصعوبات التي واجهتهما في بحثهما عن وظيفة، بالإضافة إلى القيام بالفحوصات، والحصول على الأدوية والاستشارات. وذات مرة سمعت عن منظمة أطباء بلا حدود من جارتها، وهي لاجئة سورية أيضًا، فأتت إلى وحدة الولادة وأنجبت طفلًا بعد عدة شهور. "أشعر بالسعادة لأن طفلي ولد رغم كل الصعوبات، ونحن الآن عائلة تحت رعاية أطباء وممرضين في منتهى النزاهة."

وقالت عائشة: "أتيت من سوريا إلى الأردن عندما بدأت الحرب. كنا نصرف كل مدخراتنا على الأطباء كي نذهب إلى عمان عندما كنت أحاول أن أنجب طفلًا وأستكشف الخيارات المتاحة لدينا، لكن الأمر كله بدا لنا ميؤوسًا منه."

أخبرتنا عائشة عن مرور أربعة سنوات على ذلك، ونفاذ مدخراتها بمرور الوقت، دون نتيجة. "لذا وصلنا إلى إربد لنجرب حظنا مع أطفال الأنابيب هنا، وبالفعل حملت. لكن مدخراتنا كانت تتناقص، وكان من الصعب علينا إيجاد وظيفة في الأردن. فكيف كان لنا أن نجتاز هذا الحمل بسلام؟"

وقالت: "بعدها سمعنا بمستشفى الأمومة والطفولة الذي تديره منظمة أطباء بلا حدود، وشعرنا بأن الفرصة قد أتيحت لنا وأن بإمكاننا أن نأمل من جديد. بدون منظمة أطباء بلا حدود – ومجانية خدماتها – لما استطعت بعد شهور أن أنجب توأمين!"

توضح حالتا عائشة وبسمة الحاجة الماسة لرعاية ولادة صحية محايدة ونزيهة لدى شريحة من السكان معرض بشكل دائم للخطر ويصعب عليه الوصول إلى الرعاية الصحية اللازمة. وأضافت عائشة "لقد مررت بمصاعب كثيرة منذ أن جئت من سوريا وحتى اجتزت بسلام الحمل الذي كان صعبًا. كان من الممكن أن تحدث أسوأ الاحتمالات لو لم أصل إلى الرعاية الصحية خلال فترة حملي."

كيف سيكون شكل المستقبل؟

ميسون محمد خلف الحجازات هي رئيسة الممرضين وقابلة في إربد. وخلال السنوات شهدت مئات الأوضاع الصعبة. "كانت هناك مريضة لن أنساها يومًا. كانت حاملًا عندما أتت. وكانت قد فقدت ساقيها بعدما مشت عبر وابل من القنابل في سوريا. كان من المؤلم رؤيتها لكننا حافظنا على رباطة جأشنا وعاملناها وكأنها مجرد مريضة طبيعية أتت هنا لتلقي رعاية ما قبل الولادة. وقد صعّبت حالتها عملية الإنجاب ولم يستطع طفلها النجاة."

قد لا تكون كل الحالات التي أتت إلى مستشفى الولادة بذات القدر من المأساوية لكنها كلها تكشف عن الواقع الأليم للاجئين السوريين في الأردن، والمصاعب التي يواجهونها لبناء هوية لهم بعيدًا عن موطنهم، ومواجهتهم للأسئلة التي يسألونها لأنفسهم كل يوم. هل سيبقون في الأردن؟ هل سيتمكنون من الرجوع إلى سوريا؟ وما الذي سيجدونه هناك؟ وكيف سيكون شكل مستقبل أبنائهم؟ هل سيبقون لاجئين طوال حياتهم؟ رغم سعادتها، عبرت عائشة عن قلقها حيال التوأمين. وقالت بحزن "لقد ولدا وأنا غير متأكدة من نجاتهما. والشيء الوحيد الذي ليس لدي شك فيه هو أن طريقهما سيكون طويلًا وصعبًا. ربما لن يستطيعوا رؤية سوريا لسنوات – أو ربما للأبد. وربما سنناضل أكثر في بلدان أخرى، لكنهما ولدا هنا. ربما سيذهبان إلى المدرسة مع الطلاب الذين لا يدرسون في نفس مواعيد الطلاب الأردنيين كي يتجنبوا المواجهات المباشرة."

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن