بين القيمة الإبداعية ومحطات التجربة وسعتها وانبعاثها من دفاتر المقاومة، تجوّلت مساء أول من أمس، الباحثة د. نهال مهيدات، بدعوة من فرع رابطة الكتاب الأردنيين بإربد، في تجربة الشاعر الراحل سميح القاسم.
الأمسية نفسها التي أدارها القاص د. حسين العمري، وقدم لها باستعراض واف للسيرة الذاتية للشاعر القاسم، وحضرها عدد من المهتمين، ركزت فيها الباحثة على أربع مفردات رئيسية تجاوزتها إلى فضاءات أخرى تتصل بالتجربة وأبعادها، وهي: الطفل، المقاوم، قصة الشاعر مع الحداثة، وقصته مع الجائزة «الإسرائيلية».
لفتت النظر في حديثها عن طفولة القاسم إلى حادثة اكتشاف الشاعر الكامن فيه من قبل أستاذه الذي علّمه الدرس الأول في النقد الأدبي، فيما اعتبرت أن القاسم بقي على نهج المقاومة في التعبير المباشر، وبقي يتجه إلى عقل الإنسان العربي بأن هناك مقاومة، مؤكدة أن القاسم هو شاعر المقاومة الأول، ولفتت إلى أن القاسم يبني حداثته من أصالته، كما تطرقت إلى الجائزة « الإسرائيلية» التي رفضها القاسم، منوهة بأن أهم جائزة للقاسم هي «جائزة شظايا فنجان سادة «حسب تعبير القاسم نفسه، بهذا السياق أشارت إلى تلك الحادثة التي وقعت للشاعر في دمشق أثناء وجوده في استراحة بلودان لتناول القهوة حيث كسر النادل الفنجان بعد أن شرب القاسم، وحين سأل النادل عن السبب أجاب: أنه لا يجوز أن يشرب أحد في الفنجان بعد الشاعر العظيم القاسم.
كما تطرقت إلى غزارة الانتاج عند القاسم معتبرة أن تطور التجربة لديه كان في تجاوز الحدث في كتاباته، وكيف أثر بقاؤه في الناصرة على خطابه الشعري الذي ظل قريبا من الناس، إلى ذلك اعتبرت أن القاسم خذل كثيرا وهذا يظهر حسب د.مهيدات في قصائده وعناوين دواوينه، كما تحدثت عن تردده على عواصم الصحارى ومدحه للرؤساء والعواصم، منوهة أن هذا مرده الخذلان، والزمن، وسن القاسم الكبير الذي جعله ينتهج هذا النهج، وتحدثت أيضا عن حروب غزة التي شهدها القاسم، والقصائد التي كتبها لها.
وقرأت الباحثة د. مهيدات في ختام الأمسية مقاطع من كتاب:» رسائل بين شطري البرتقالة»، ومن قصيدة» أسميك نرجسة حول قلبي» التي أهداها درويش إلى القاسم نأخذ المقطع التالي:»
«أما زلت تؤمن أن القصائد أقوى من الطائرات؟، إذن، كيف لم يستطع امرؤ القيس فينا مواجهة المذبحة؟ سؤالي غلط، لأن جروحي صحيحة، ونطقي صحيح، وحبري صحيح، وروحي فضيحة. أما كان من حقنا أن نكرّس للخيل بعض القصائد قبل انتحار القريحة ؟سؤالي غلط، لأني نمط، وبعد دقائق أشرب نخبي ونخبك من أجل عام سعيد جديد جديد، سعيد»
ومن قصيدة « تغريبة « التي أهداها القاسم لدرويش نأخذ:» ويا ليل يا عين، لا الليل ليل، ولا العين عين، يفرقنا العالم العربي، ويجمعنا العالم الأجنبي، ونبقى أجانب في العالمين، ويبقى الرحيل، مع الريح من منزل في الجليل، إلى الريح، في فندق غامض، يعانق فيه القتيل القتيل».