محمد البريكي يوقع ديوانه «الليل سيترك باب المقهى» وقع الشاعر الإماراتي محمد البريكي ديوانه الشعري «الليل سيترك باب المقهى»، مساء الأحد الماضي في دائرة المكتبة الوطنية، وسط حفاوة كبيرة من الحضور، وحفل التوقيع جاء بتنظيم من دار يافا للنشر والتوزيع وبرعاية الروائي هزاع البراري أمين عام وزارة الثقافة، وأدار مفردات التوقيع الشاعر خالد الشرمان بمشاركة الروائي مراد سارة و الناقد الدكتور هشام مناع وبحضور حشد كبير من المثقفين والإعلاميين والمهتمين.
وأستهل الحفل بكلمة راعي الحفل البراري حيث أكد على أهمية هذا اللقاء الذي يستضيف الأردن الشاعر الإماراتي محمد البريكي بتوقيع ديوانه «الليل سيترك باب المقهي» ومشيدا بدار يافا للنشر بإصدار هذا العمل وبدورها في مجال، مبينا أن الأردن يحتفي هذا العام بمئوية والذي يشهد زخما كبيرا من الأنشطة الثقافية كمهرجان جرش للثقافة والفنون الذي يتزامن مع معرض عمان الدولي للكتاب 20.
وكما ألقى مدير يافا وائل عبد ربه كلمة أشاد فيها بالشاعر البريكي وتجربته الشعرية ومفتخرا بنشر ديوانه الشعري.
ومن ثم قدم الروائي سارة شهادة إبداعية بالشاعر المحتفى به وبديوانه البريكي، شهادة لا تخلو من صدق القول والمشاعر واللغة ذات اللمسة الشعرية والمشحونة بفيض الروح الوثابة نحو الجمال.
محمد البريكي يوقع ديوانه «الليل سيترك باب المقهى»
إلى ذلك قدم الناقد الدكتور هشام مناع دراسة نقدية لـ «الليل سيترك باب المقهى» لمحمد البريكي، أكد فيها أن الديوان يتكون من كلمات مفتاحية تحتاج كل كلمة منها وقفة لبيان دلالاتها، وهي عتبات ولبنات تشكل بناء متكاملا، يترك القارئ يهيم بتلك الكلمات ويطوف بتلك الدلالات، وتساءل د. مناع لماذا يغادر المقهى؟ ولمن سيترك المهمة؟ ومن سيتوب عنه؟ وهل الليل جزء هنا، وجزء هناك، وليس هنا أو هناك؟ إن اختيار العنوان دليل على خبرة واسعة وتجربة عميقة، توحي بتلك الملامح والخيوط التي تنسج عبارة لطبيعة الموضوع لا تؤدي إلى نفق طويل، سبيله سهل/ مضاء بشموع تؤدي إلى فضاء رحب يكشف عن حقائق رمى إليها الشاعر، لتكون هي الوسيلة المؤثرة في المرسل إليه من مرسل المبدع.
المحتفى به الشاعر البريكي من جانبه قرأ مجموعة من القصائد التي احتفت بضفاف الحياة، وعمان وجبالها والأمكنة التي عاينها الشاعر بلغتها التي لا تخلو من فلسفة القول الشعري وأسطرة الأشياء والسمو ، شاعر يأخذك بعيدا ليحلق بك في سموات بعيدة ويجعلك مصابا بدهشة اللحظة المعاشة، فكان منجله لا يقص شجره النابت على أرضه المبللة بماء الروح ودمعة الحياة حيث يعبر الناس في الحياة بخفة.
يقول في قصيدته «ضفاف الحياة»: «كل نبض يمر ينقص وقتا/من لنقص الزمان يملك وصفه/لا تجيء الدموع من غير عين/لا تنام الشجون/في العين «صدفه»/فعلام الذي بنى الصرح ينسى/أن هذا العلو بالأمس نطفه/يا ضفاف الحياة/ريشي أنيق/يسمع الماء حين مرَّ عزفه/ فاحفظي لحنه فقد قال يوما/يعبر الناس في الحياة بخفة».
وفي نهاية الحفل كرّم راعي الحفل البراري ومدير دار يافا عبد ربه المشاركين في أمسية التوقيع.
“منجل لا يقص الشجر”
محمد عبدالله البريكي
ليسَ لي غيرُ هذا الذي ورّثَتْهْ العصورُ لحُلمي
أبي كانَ يحلُمُ أنْ لا أغادرَ مِحْرابَهُ
وأنا كنتُ أنوي الدُّخولَ إليهِ
ولكنَّ عصفورةً فوقَ مئذنةِ الحيِّ
كانت تُغنّي
“قِفا نبكِ”
قلتُ سأمسحُ دَمْعَتَها
ثُمَّ طارتْ
تَعَكّزَ قلبي على الرّيحِ يَتْبَعُها
فإذا بامْرئِ القَيْسِ يَجْلِسُ في أوّلِ الضَّوْءِ
ثُمَّ هناكَ جَريرُ، الفَرزدقُ، بشّارُ، والمُتنبّي،
المعرّي، ابنُ زيدونَ، ولّادةٌ،
وكثيرٌ منَ الضَّوْءِ يجذبُ قلبي الذي صارَ مِثْلَ الفَراشةِ
تَهْرُبُ للضَّوْءِ
والشَّهْقَةِ الحارِقَةْ
جِئْتُكُمْ أيُّها الطّيّبونَ بأحْلامِهِم
وبأحْزانِهِم
في يدي سَيْفُ عَنْترةَ الآنَ لا يَعْشقُ الحَرْبَ
بل يتزيّا بهِ ليَحوزَ رضا ابنةِ مَالكِ
جِئْتُ بجُدرانِ ليلى
وشَيَّدْتُ بيتاً أنيقاً بلا مدخلٍ
ربما أتسلّى بأحْزانِ مجنون ليلى
وأشهدُ قَلباً حَزيناً بكى
فتفجّرتِ الأرضُ ماءً
نعيشُ بهِ اللّحْظةَ الباقيةْ
أيُّها الطيبونَ
أنا ابنُ الحقولِ
أبي مِنْجَلٌ لا يقصُّ الشجرْ
يُهَذِّبُ ما يزعجُ الدربَ والعابرينَ
ولا يتجنّى على طَلَلٍ نَبَضَتْ فيهِ روحٌ
وغنّى حَجَرْ
أيُّها الطيِّبونَ
إذا بَدَأَتْ أغنياتُ المحبِّ “بسِقْطِ اللّوى”
تبدأُ الأغنياتُ الأنيقةُ أيضاً
على بابِ حقلٍ قديمٍ يَحُكُّ بأطلالِهِ الغيمَ
تبدأُ أيضاً على ضفّةِ النهرِ
أو ساحلٍ
أو خيالْ
فلا تشغلوا النايَ حينَ يغنّي
بهذا الجِدالْ
الطريقُ المُؤدّي إلى البيتِ
قلبُ عجوزٍ بَكَتْ طفلَها بعدَ أنْ خَطَفَتْهُ الرصاصةُ
هلْ سأدوسُ على قلبِها
أمْ سأمسحُ دمعتَها النازفَةْ؟
أيُّها الطيّبونَ
عليَّ،
عليكمْ
على إرثِنا الأبديِّ السّلامْ.