تنتقل الأزمات الاقتصادية حول العالم من سوق إلى أخرى منذ حدوث الأزمة المالية. فمن ارتفاع مديونية إحدى الدول الأوروبية أو انكماش في اليابان، إلى تباطؤ في نمو الاقتصاد الصيني، أو عجز أمريكا الوشيك عن الوفاء بالتزاماتها لحملة السندات عام 2011.
وقد أدت المصارف المركزية دور المنقذ للمستثمرين عند وقوع أي أزمة مماثلة في الأسواق، فدعمت أعمالهم بكميات غير محدودة من الأموال لتجنب ركود اقتصادي مضاعف، مما يسبب انخفاضًا قياسيًا في عائدات السندات، وارتفاعًا في قيم الأسهم.
لكن، عند غرق تريليونات الدولارات على شكل أدوات دين مالية تدر عائدات سلبية على امتداد دول العالم، وفي حدود أسعار فائدة طويلة الأجل تساوي 1% أو تقل عنها في العديد من اقتصادات الدول المتقدمة، يظهر خطر جديد على المستثمرين يظهر كأنه سياسة مالية سليمة قد يصيبون من ورائها النجاح. فقد يحفز إجراء مماثل نمو الناتج المحلي الإجمالي على نحو قوي، يسهم في استحداث وظائف جديدة وانتعاش الأجور ونمو الأسعار، مما يخلص العالم من اعتلاله الاقتصادي الطويل.
وتشير مؤسسة (Fitch Ratings) في تقريرها الصادر مؤخرًا، إلى أن ارتفاعًا في النمو ينتج عن تحفيز مالي منسجم مع سياسة نقدية ميسرة، قد يقوض توقعات المستثمرين لأسعار فائدة منخفضة لمدة زمنية طويلة. فمثل هذه المعتقدات تشكلت في أذهان مشتري السندات بسبب المتاعب الاقتصادية الكثيرة منذ أزمة عام 2008. لكن يبدو أن بعض المستثمرين في هذه المرحلة سيتمسكون بأي أدوات دين يجدونها، بصرف النظر عن أحجام مخاطر الائتمان أو مخاطر أسعار الفائدة التي سيتحملونها بعد ذلك.
لكن ذلك قد يتغير بسرعة وفقًا لرأي المؤسسة، إذ ترى أن "الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي، سيتميز بتوافق الآراء بين صانعي السياسات في اقتصادات الدول المتقدمة وأوساط السياسة الدولية، على الحاجة إلى تحفيز نقدي مدعوم بموقف مالي أقل حزمًا. وفي حين أن هذا الإجراء سيكون داعمًا للنمو الاقتصادي على المدى القصير، إلا أنه قد يتسبب باضطراب آخر في الأسواق المالية".
إن ارتفاعًا قويًا في النمو قد يصيب الأسواق بالاضطراب والإرباك، سيما أسواق أدوات الدخل الثابت. وإن نموًا مستدامًا وسريعًا قد يقلص الحاجة إلى المزيد من إجراءات التسهيل النقدي، ويشجع على العودة إلى أسعار الفائدة الطبيعية. لكن سيخيب هذا المسار خطط وتوقعات العديد من المستثمرين المتعطشين للعائدات.
ولأن التحفيز المالي عادة ما يستهدف النشاط الاقتصادي الناتج عن التجارة، والمرتبط بارتفاع الأجور، فقد تقود السياسات المالية الميسرة انتعاشًا في الأجور بعد أعوام من مستويات الدخل المنخفضة.
ويراد مما سبق ذكره، استبدال التوسع في السياسة المالية بنمو القطاع الخاص على نحو مستدام. لكن (Fitch Ratings) تشير في تقريرها إلى أن الإنفاق قد يضعف في مقابل ذلك: "يتمثل البديل المتوافر الذي ينطوي على نتيجة أقل فعالية بعودة سريعة لمعدلات نمو أقل، لكنها مصحوبة بمستويات دين حكومي أعلى، في وقت يستمر فيه الإنفاق الحكومي، وهي نتيجة لن تحاول الاقتصادات المتقدمة الأخرى في ضوئها محاكاة سياسة اليابان التي جلبت إلى العالم سياسة أسعار الفائدة السالبة". وبهذا، فإن الفشل في تحفيز الاقتصاد العالمي سيضفي عليه صبغة يابانية، وسيصب في مصلحة السندات.
المصدر: فوربس الشرق الأوسط
اقرأ أيضًا:
كيف تمول شركتك الناشئة برأس مال محدود؟
شركات ضاعفت قيمتها في فترة قصيرة... كيف؟
كيف تحفز قسم التسويق؟