أحدث حقوق العمال: الحق في قطع الاتصال

تاريخ النشر: 07 فبراير 2022 - 09:10 GMT
العمل من المنزل
Shutterstock

كما غيرت جائحة كورونا أسلوب حياتنا اليومي، نجحت كذلك في تغيير عالم الشركات إلى الأبد. 

بسبب الجائحة التي بدأت قبل عامين في الصين، يبدو أننا بصدد التمهيد لإحداث تغييرات جذرية في شكل العمل الوظيفي التقليدي، خصوصاً بعد أن تسبب فيروس كورونا بعمل الملايين من الموظفين من منازلهم، حتى أصبحت مفردات مثل "العمل من المنزل" و"العمل عن بعد" أمراً أكثر اعتيادية من أي وقت مضى. 

كان هذا التغير من مصلحة الشركات التي تعتمد في أداء مهامها بشكل شبه كليّ على التكنولوجيا والإنترنت، فلم تتوقف عن تحقيق الأرباح خلال فترة الجائحة، بل أن بعضها نجح في تحقيق نتائج أفضل من أي وقت مضى. 

أصبح بوسع الموظفين في هذه الشركات القيام بأعمالهم في أي وقت ومن أي مكان، حتى ناقشت بعض أكبر الشركات في العالم فكرة تبني العمل عن بعد كخيار دائم حتى بعد انتهاء الخطر الذي يفرضه فيروس كوفيد 19. لكن، وكما ظهرت المرونة على شكل العمل اليومي في مصلحة معظم الموظفين، إلا أن كثيرين اشتكوا من غياب الحد الفاصل بين العمل وحياتهم الشخصية، وهذا بعد أن أصبح أداء العمل اليومي جزءاً روتينياً من الحياة المنزلية، وبات من الصعب على كثيرين أن يوجدوا التوازن المطلوب بين ما هو شخصي وما هو عمليّ.

كذلك تحدث الكثيرون عن تغير توقعات مدرائهم منهم، إذ أصبح متوقعاً أن يستجيب الموظفون للرسائل الإلكترونية والمكالمات الهاتفية ولقاءات الفيديو في أي وقت من اليوم، حتى تمددت ساعات العمل الثمانية وأصبحت "مطاطة" بحسب وصف البعض.

في دراسة أجرتها شركة Paper Giant في شهر يوليو/تموز من عام 2020، أي بعد أربعة أشهر فقط على بدء التحول المفروض بفعل فيروس كورونا، عبّر أكثر من نصف أفراد العينة عن إيجاد صعوبة في وضع الحدود بين حياتهم الشخصية وحياتهم العملية، ما خَلُصَ بالدراسة إلى إطلاق دعوة للبحث عن حلول تساعد الموظفين في إيجاد مساحة شخصية بعيداً عن العمل بعد يوم من العمل عن بعد، وذلك لتفادي الشعور بـ"الاحتراق" الذي غالباً ما يُضعف من إنتاجية العاملين.

أطلق هذا حواراً لا يزال مستمراً حول الحاجة إلى قواعد جديدة لضبط عالم العمل من المنزل وتحديد ساعاته بشكل أكثر صرامة، ليضمن للموظفين الحق في الحصول على الراحة وفي ممارسة أنشطة أخرى لا تتعلق بالعمل.

على الرغم من جائحة كورونا فتحت المجال لهذا الحوار بشكل غير مسبوق، لكن هذه ليست المرة الأولى التي تدرك فيها الشركات حاجتها إلى قواعد تخفف من عبء العمل عن الموظفين. ففي عام 2012، قامت مصنعة السيارات الألمانية Volkswagen بفرض "حظر" على عدد من موظفيها، يمنعهم من الوصول إلى البريد الإلكتروني الخاص بالعمل خارج ساعات الدوام. 

كذلك أقرت فرنسا في العام 2017 قانوناً يمنع الشركات التي يعمل فيها خمسون موظفاً فأكثر من تبادل الرسائل الإلكترونية أو إجراء المكالمات الهاتفية الخاصة بالعمل أثناء عطلة نهاية الأسبوع، باعتبارها "أنشطة غير قانونية".

الآن ومع التغير الكبير الذي تسببت به الجائحة، نرى دولاً مثل بلجيكا تقرّ قانوناً صدر مؤخراً لمنح العاملين في المؤسسات الحكومية حقاً جديداً، وهو الحق في قطع الاتصال. ينصّ هذا القانون على حق الموظفين في رفض الرد على المكالمات الهاتفية أو الرسائل الإلكترونية المتعلقة بالعمل خارج الساعات المحددة للعمل، وهو ما ينطبق الآن على أكثر من 65 ألف موظف بلجيكي، وهو ما يهدف إلى الحفاظ على فاعلية وإنتاجية الموظفين الذين قد يتسبب إرهاقهم من العمل بخسائر مالية للمؤسسات التي يعملون بها.

أصبح الحق في قطع الاتصال كذلك أمرأ مفروضاً بالقانون في كل من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وسلوفاكيا واليونان، كما تتحضر دول مثل البرتغال وهولندا لإقرار قوانين مشابهة في الفترة المقبلة.

تفتح هذه القرارات المجال لأسئلة عما إذا كانت القوانين الأوروبية الأخيرة ستجد صدى لها في دول أخرى حول العالم، خصوصاً في العالم العربي، وإذا ما كانت مقدمة لمجموعة جديدة من القوانين والقواعد الوظيفية التي سنشهدها في السنوات المقبلة، بفضل التغير الذي أحدثته جائحة كورونا على العالم.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن