بدأت أسواق السندات والصكوك في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا بالانتعاش مستفيدة من النتائج الاقتصادية القوية التي أعلنت عنها دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة الاقتصادين الإماراتي والسعودي خلال الربع الثالث من العام الجاري بحسب ما أكدته مؤسسة “فرانكلين تمبلتون” للاستثمار.
وأشارت إلى أن حركة الإصدارات خلال أول شهرين من هذ الربع تميزت بالهدوء بسبب موسم الصيف وشهر رمضان المبارك، ولم تكن هناك إصدارات صكوك جديدة خلال شهري يوليو وأغسطس.
وأوضحت المؤسسة أن أسس القطاعات المختلفة في الأسواق المفضلة في دول الخليج لاتزال سليمة، وأن الدول الخليجية تواصل استثماراتها في مجالات التعليم والإسكان ومشاريع البنية التحتية الضخمة..
مشيرة إلى أن ميدل إيست إيكونوميك دايجست “ميد” قدّرت أوائل هذا العام حجم مشاريع البنية التحتية في المنطقة بحوالي 2.2 تريليون دولار أميركي، وتوقعت أن تلمس حكومات المنطقة منافع تعزيز سياساتها المالية بشأن تشجيع مواصلة نمو أسواق السندات، والذي سوف يؤدي إلى ازدهار هذه السوق على الرغم من احتمال حدوث بعض التذبذبات على المدى القصير.
وقدر تقرير صادر عن المؤسسة أن قوة أرقام مؤشرات مديري المشتريات خلال الربع الثالث أظهرت أن اقتصادات الإمارات والسعودية وقطر تواصل نموها، بل إن الإمارات رفعت توقعاتها للنمو في القطاعات غير النفطية في أعقاب الانتعاش الملحوظ في أسواق العقارات.
وأوضح التقرير أن الاضطرابات التي حصلت في بعض دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لم تمنع سندات دول الخليج من تحقيق عائدات طيبة.
وقيم التقرير حركة الإصدارات خلال أول شهرين من الربع الثالث بأنها كانت تتميز بالهدوء بسبب موسم الصيف وشهر رمضان المبارك الذي بدأ في 10 يوليو الماضي، وفيما لم تكن هناك إصدارات صكوك جديدة خلال شهري يوليو وأغسطس، فقد نجحت مملكة البحرين أواخر يوليو في طرح سندات تقليدية لأجل 10 سنوات بقيمة 1.5 مليار دولار أميركي وبحصيلة قدرها 6.2 %،.
بينما طرحت شركة الرويس للطاقة التي تديرها شركة “طاقة” في أبوظبي، إصداراً بقيمة 825 مليون دولار أميركي من سندات المشاريع بمتوسط أجل استحقاق يبلغ 21.5 عاماً.
وعادت الإصدارات للظهور في أواخر الربع الثالث، حيث أُعلن في السعودية عن إصداري صكوك بالعملة المحلية، أحدهما لشركة المراعي، أكبر منتج متكامل للأغذية الاستهلاكية في الشرق الأوسط، والتي طرحت 5 صكوك ممتازة دائمة غير قابلة للاسترداد بقيمة 1.7 مليار ريال سعودي (453.3 مليون دولار أميركي) تُعامل على قدم المساواة مع صكوك ممتازة أخرى لنفس الشركة وتستفيد من معاملة محاسبة الأسهم بنسبة 100 %.
وكان ذلك أول إصدار لصكوك دائمة تطرحه شركة خليجية بالريال السعودي، وأول إصدار مختلط لشركة عاملة في دول الخليج العربية.
وأوضح التقرير “بحسب صحيفة البيان الاماراتية” أنه مع نهاية الربع الثالث شهد سوق الصكوك في المنطقة المزيد من النشاط مع إصدار الهيئة العامة للطيران المدني بالسعودية صكوكاً بقيمة 15.21 مليار ريال سعودي.
وحقق الإصدار وهو الشريحة الثانية من الصكوك التي بدأت في يناير 2012 بقيمة 27 مليار ريال، اكتتاباً فاق القيمة المستهدفة بحوالي الضعف.
وأفاد التقرير بأن من أبرز تغيّرات التصنيفات التي شهدها الربع الثالث قرار وكالة موديز تخفيض تصنيف الديون الثانوية لـ12 مصرفاً خليجياً في يوليو، وبررت الوكالة قرارها بالتخفيض، الذي تراوح من درجة إلى ثلاث درجات، بالمخاطر المتزايدة لخسائر قد تترتب على وسائل الديون الثانوية، بالنظر إلى التوجهات التشريعية العالمية التي تفرض تحميل الخسائر على صغار الدائنين، ضمن الجهود الحكومية لإنقاذ البنوك.
وأشار التقرير إلى أن وكالة ستاندرد آند بورز ثبتت خلال شهر سبتمبر تصنيف بنك قطر الوطني على درجة “A+/A-1″ مع توقعات مستقرة.
وأعلنت في الوقت ذاته تغيير التصنيف الائتماني المستقل للبنك من “a-” إلى “bbb+” على خلفية مخاطر جوهرية متزايدة لعملياته في الأسواق الخارجية، وخاصة مصر، إلا أن الوكالة قالت إنها ترى احتمالات “مرتفعة جداً” في أن تقدّم الحكومة القطرية دعماً استثنائياً لقطاع المصارف في حال حدوث أي مشكلات مالية.
كما أعلنت الوكالة في الشهر ذاته أنها تدرس تخفيض تصنيف قطاع الاتصالات البحريني إلى ما دون الدرجة الاستثمارية، بسبب الخسائر في حصتها من السوق وانخفاض الأرباح.
ومن جانبها خفّضت موديز تصنيف الإصدارات للحكومة البحرينية بدرجة واحدة من “Baa1″ إلى “Baa2″ مع توقعات سلبية، وذلك بسبب الموقف المالي الضعيف للحكومة.
وقال محي الدين قرنفل مدير الاستثمار في الصكوك العالمية وأدوات الدخل الثابت في مؤسسة فرانكلين تمبلتون: كان الانعدام النسبي للارتباط بين الاقتصادات الخليجية والناشئة، بالإضافة إلى ارتباط العملات الخليجية بالدولار الأميركي، عاملاً مساهماً في تحقيق أداءٍ إيجابي لمؤشر سيتي العام لسندات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، متفوقاً على مؤشر جي بي مورغان للأسواق الناشئة خلال الربع الثالث.
إلا أن أداء مؤشر سيتي جاء دون أداء مؤشر باركليز الإجمالي العالمي، لأن الفارق السعري لديون الأسواق المتقدمة تفوّق على أقرانه في الأسواق الناشئة.
وبهذا فقد تقلصت الفوارق السعرية على مؤشر آيتراكس كروس أوفر بواقع 68 نقطة أساس، بينما تقلصت بواقع 26 نقطة أساس على مؤشر سي دي إكس للأسواق الناشئة.
ورأى قرنفل أنه على الرغم من هدوء حدّة الاضطرابات السياسية نسبياً في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإن أداء السندات في المنطقة، مع حلول الربع الأخير من العام 2013، بدا مرتبطاً في غالبيته بالأحداث الجارية في الولايات المتحدة الأميركية.
وتوقع أن يبدأ الاحتياطي الفيدرالي الأميركي خفض مشترياته الشهرية من أصول الخزينة والأوراق المالية المدعومة بالرهون العقارية بحلول نهاية العام الجاري.
مشيراً إلى أن تلك الخطوة سوف يكون لها أثرها على الأسواق في هذه المرحلة، حيث إن التقلب الذي شهده الربع السابق يبين أنه لا مجال للتهاون.
كما أن الأزمة السياسية حول الموازنة الاتحادية الأميركية بلغت ذروتها في بداية أكتوبر، وجاء الإغلاق الجزئي للخدمات الحكومية في أوائل أكتوبر، والذي نشأ عن فشل تمرير الموازنة الاتحادية، كمقدمةٍ لموعد استحقاق رفع سقف الديون الاتحادية.
ولفت قرنفل إلى أن أي مخاوف حيال عدم رفع سقف الديون، وبالتالي عدم قدرة الولايات المتحدة على سداد ديونها في المستقبل، قد تضر سوق الخزينة الأميركية وتعود بعواقب وخيمة على الأصول التي تنطوي على المخاطر في مختلف أنحاء العالم.
واتسم أداء الأصول التي تنطوي على المخاطر بالإيجابية في الربع الثالث من العام 2013، مما يعزى جزئياً إلى استمرار توفر السيولة، إلى جانب تحسن اقتصادات الدول المتقدمة المتمثل في الأداء الطيب للأسهم الأوروبية التي حققت عائدات تقارب 10%، وفاقت ذلك في بعض الأسواق كإسبانيا واليونان.
ورغم النتائج الإيجابية في تلك الفترة، فإن المخاوف حيال بدء الاحتياطي الفيدرالي الأميركي تقليل جرعاته من السيولة التي عكف على توفيرها كل شهر من خلال شراء الأصول، إلى جانب الشكوك المحيطة بالنمو في الصين، أدى إلى بيئة اتسمت بتقلبات أسعار السندات والعملات في الأسواق الناشئة.