شهدت أسواق دول مجلس التعاون الخليجي نشاطا قويا في عمليات الشراء قبيل حلول موسم أرباح الربع الثالث من العام 2007 مع تحقيق كافة الأسواق، باستثناء السوق السعودية، نتائج إيجابية. فقد سجل السوق القطري هذا الشهر حركة شرائية واسعة مع تحقيق مؤشره نمواً شهريا مقداره 8 في المائة. غير أن أكبر أسواق المنطقة، السوق السعودية، شهد ضغوطا بيعيه، حيث أقفل مؤشره مع نهاية الشهر متراجعا بنسبة 4.8 في المائة، لتبلغ بذلك خسارته منذ بداية العام ما نسبته 1.3 في المائة. إلا أننا نؤمن بأن نشاط التداول خلال الأشهر القليلة المقبلة سوف يرتفع مع بداية إعلان الشركات عن أرباح الربع الثالث من العام 2007 ومع اتخاذ المستثمرين لمواقع جديدة في السوق.
قطاع التجزئة في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي- استقطاب أسماء كبيرة
تمتع قطاع التجزئة في دول مجلس التعاون الخليجي بنمو مرتفع في السنوات الماضية. فقد احدث النمو الاقتصادي الذي حققته أسواق دول مجلس التعاون وقعاً إيجابياً على صناعات التجزئة في المنطقة ككل. فشهدت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة اللتان تعدان أكبر الأسواق في المنطقة، نمواً منقطع النظير بالمقارنة مع نظيراتهما من الدول الخليجية، هذا مع ضرورة الإشارة إلى أن انتعاش الحركة السياحية وقيام مهرجانات التسوق ساعدت في تحقيق هذا النمو. فقد باتت دبي واحدة من أهم وجهات التسوق في العالم بفضل عدد مهرجانات التسوق المتزايدة التي تقام في المدينة.
يضم سوق التجزئة في دول مجلس التعاون اليوم أكثر من 200 مركز للتسوق يبلغ مجموع إيراداتها السنوية نحو 50 مليار دولار. ومن جهة مساحات التجزئة القابلة للتأجير، لا بد لنا أن نذكر بأن مساحة التأجير الإجمالية ما لبثت أن تضاعفت على مر السنوات الماضية فأصبحت تقدر اليوم بأكثر من 6.5 مليون متر مربع، وذلك بعد أن وقفت على مليون متر مربع في أواسط التسعينات.
كان هذا النمو في قطاع التجزئة الوازع الذي استقطب عدداً من الشركات المتعددة الجنسيات إلى المنطقة. فدخل كارفور (Carrefour) الذي يتمتع بتواجد جيد في المنطقة ويعد ثاني اكبر مراكز التجزئة في العالم بعد وال مارت(Wal-mart)، في مشروع مشترك مع شركة ماجد الفطيم القابضة (مقرها دبي) يهدف إلى إنشاء أسواق MAF الكبرى وهي عبارة عن 20 مركزاً تجارياً تنتشر في خمس دول خليجية باستثناء البحرين. ونظراً إلى أداء متاجره المتميز في المنطقة، يسعى Carrefour اليوم إلى افتتاح المزيد من المراكز التجارية في دول مجلس التعاون- أربعة منها في المملكة العربية السعودية وواحد في البحرين. كما تدير Géant Hypermarkets، التي تعد جزءاً من مجموعة كازينو فرنسا، سبعة متاجر تتوزع في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين.
وتتضمن أبرز مراكز التجزئة في المنطقة بمركز سلطان، لولو وباندا. ويسعى مركز سلطان الذي يتمتع بتواجد كبير في الكويت، الأردن وعمان إلى التوسع في البحرين وقطر مع نهاية العام 2008. كما تسعى الشركة إلى افتتاح عدد اكبر من المراكز التجارية في الكويت أيضاً خلال السنوات المقبلة. أما لولو، الذي يعد جزءاً من مجموعة EMKE في الإمارات، فيدير أكثر من 50 متجراً في المنطقة. وتسعى شركة لولو إلى افتتاح أكثر من 10 مراكز إضافية في المنطقة مع نهاية العام 2008. أما شركة باندا التابعة إلى مجموعة صافولا في السعودية، فتدير قرابة 60 مركزاً تجاريا في السعودية. هذا إلى جانب توسعها مؤخراً إلى الإمارات العربية المتحدة.
لا ريب بأن النمو السكاني الحاصل في دول مجلس التعاون الخليجي قد أفاد قطاع التجزئة إلى حد بعيد. هذا وشهدت الدول الخليجية خلال السنوات الماضية ارتفاعا في معدلات النمو بفضل ارتفاع أسعار النفط، مما تسبب في ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بأكثر من 15 في المائة خلال العام 2006. وعليه، أدى النمو الاقتصادي الحاصل في المنطقة إلى إيجاد فرص عمل جديدة وتدفق عدد أكبر من الوافدين. ارتفعت الكثافة السكانية في دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 3 في المائة خلال العام 2006، مرتفعة عن معدلات النمو السكاني المسجلة في المناطق الأخرى. تؤدي تلك الزيادة السكانية بدورها إلى دفع عجلة نمو قطاع التجزئة في المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، تساعد السمات الديموغرافية للمنطقة على تنمية قطاع التجزئة. حيث تمتاز منطقة الخليج بقاعدة سكانية شابة وثرية مما تسبب في مزيد من الانتعاش لقطاع التجزئة. هذا ووضع النمو الاقتصادي الذي تعيشه دول مجلس التعاون المزيد من السيولة بين أيدي السكان وتسبب في ارتفاع الميل الحدي للاستهلاك، وهما عاملان يفيدان القطاع أيما إفادة. ويذكر أن دخل الفرد الواحد في منطقة مجلس التعاون الخليجي قد بلغ 19,000 دولار أمريكي في العام 2006.
نتوقع نمو قطاع التجزئة بقوة على المدى المتوسط، شريطة أن تحافظ اقتصاديات المنطقة على ازدهارها. فوفقاً لمؤشر تنمية تجارة التجزئة العالمية للأسواق النامية للعام 2007، الصادر عن A.T. Kearney إحدى أكبر الشركات الاستثمارية في العلوم الإدارية، تصنف الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في المركزين 16 و17 تباعاً. ويأخذ هذا المؤشر بعين الاعتبار عوامل المخاطرة الذي قد تتعرض له الدول، جاذبية السوق، تشبعها، ومدى محدودية الوقت وغيرها. لا تنفك الإمارات العربية المتحدة توجه استثماراتها إلى مراكز التسوق، وهي لا تزال قادرة على استقطاب كبرى الأسماء في سوق التجزئة على الصعيد الدولي ودفعها إلى افتتاح أفرع لها على الأراضي الإماراتية. أما بالنسبة للمملكة السعودية، فقد استفاد قطاع التجزئة السعودي من دخول البلاد في منظمة التجارة العالمية. وتستفيد دول أخرى كالكويت، التي لا تستقطب عدداً كبيراً من السياح، من معدل الإنفاق المحلي الذي يعتبر مرتفعاً جداًً.
ووفقا لتوقعات السوق، قد تبلغ المساحة الإجمالية القابلة للتأجير في دول مجلس التعاون الخليجي نحو 10 ملايين متر مربع، مع العلم بأنه تبلغ اليوم 6.5 مليون متر مربع أي بتحقيق معدل نمو سنوي مركب يصل إلى 15 في المائة. وبناء على المشاريع قيد الإنشاء، من المرجح أن تكون المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة كبرى الدول المساهمة في تحقيق هذا النمو. وعليه، يمكننا القول بأن المنطقة الخليجية لن تنفك تستقطب مزيداً من الشركات المتعددة الجنسيات في ظل كافة طاقات النمو الكامنة في المنطقة.
وبما أن سوق التجزئة يعد شديد الارتباط بعوامل الاقتصاد الكلي بمعناه الواسع كمعدلات الدخل الفردي والنمو السكاني، لا بد لنا من الإشارة إلى أن أي تباطؤ في النمو الاقتصادي في المنطقة سينعكس سلباً على القطاع. غير أننا لا نرى أي تراجع في النمو الاقتصادي في منطقة الخليج على المدى القريب إلى المتوسط.
تقرير القيام بالأعمال 2008- الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعجل في عملية الإصلاح
أطلق البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية مؤخراً تقرير "القيام بالأعمال 2008”، وهو التقرير الخامس في هذه السلسلة. ويعمل هذا التقرير على تصنيف 178 من الاقتصاديات العالمية على أساس سهولة قيامها بالأعمال التجارية. ووفقاً لهذا التقرير، كانت دول شرق أوروبا والإتحاد السوفيتي السابق أنجح الدول في تحقيق الإصلاحات في العام 2006-2007، إلى جانب عدد كبير من الاقتصاديات النامية كالصين والهند. هذا وتم تفعيل مائتان من الحركات الإصلاحية في 98 دولة بين أبريل من العام 2006 ويونيو من العام 2007. وتجدر الإشارة إلى أن المصلحين عمدوا إلى تسهيل الأنظمة التجارية، تعزيز حقوق الملكية، التخفيف من الأعباء الضريبية، زيادة التسهيلات الائتمانية والحد من كلفة الاستيراد والتصدير.
وللسنة الثانية على التوالي، تأتي سنغافورة في طليعة الدول المصنفة من حيث سهولة القيام بالأعمال التجارية. أما الدول التي احتلت المراكز الـ 25 الأولى فهي: سنغافورة، نيوزلندا، الولايات المتحدة الأمريكية، هونغ كونغ، الدانمرك، بريطانيا، كندا، ايرلندا، أستراليا، أيسلندا، النرويج، اليابان، فنلندا، السويد، تايلاند، سويسرا، استونيا، جورجيا، بلجيكا، ألمانيا، هولندا، لاتفيا، المملكة العربية السعودية، ماليزيا والنمسا.
ولا يخفى بأن عجلة الإصلاح باتت تتسارع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتأتي في طليعة الدول التي تجتاحها موجات الإصلاح كمصر، المملكة العربية السعودية وتونس. فقد شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 25 حركة إصلاحية من بينها ثلاثة تحولات سلبية في 11 من اقتصادياتها. وفيما يتعلق بوتيرة الإصلاح، تحتل المنطقة المركز الرابع عالميا بعد أوروبا الشرقية ووسط آسيا، جنوب آسيا ودول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) ذات الدخل المرتفع.
ومن جهة سهولة القيام بالأعمال، تأتي المملكة العربية السعودية في المركز 23، الكويت في المركز 40، في حين تصنف عمان في المركز 49 بين دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وجاءت مصر هذا العام في طليعة الدول الإصلاحية التي حققت سهولة في القيام بالأعمال التجارية. وإلى جانب مصر، نلاحظ بروز المملكة العربية السعودية بين الدول الإصلاحية العشرة الأولى.
لا شك بأن موقع مصر في التصنيف العالمي قد تحسن كثيراً فيما يتعلق بسهولة القيام بالأعمال، إضافة إلى تبنيها 10 حركات إصلاحية في القطاعات العشر التي اعتمدها التقرير في دراساته. فنجحت هذه الإصلاحات في تسهيل إطلاق المشاريع وتخفيض الحد الأدنى المطلوب للقيام بعمل تجاري من 50,000 جنيه مصري إلى 1,000 جنيه، فضلاً عن الحد من الزمن والكلفة المشترطين لأداء المشروع. هذا وتراجعت أعباء تسجيل الملكية من 3 في المائة من قيمة الملكية إلى قيمة منخفضة وثابتة. هذا وتم إطلاق مجمعات خدمات للتجار على الموانئ مما قلص المدة الزمنية المطلوبة للاستيراد بـ 7 أيام والمدة الزمنية للتصدير بـ 5أيام. هذا وأنشأت مصر مكتب اعتماد خاص سيسهل قريباً لكافة المقترضين عملية الحصول على الائتمان. هذا وقد انضمت المملكة العربية السعودية التي تعد سابع أسرع الدول الإصلاحية عالمياً وثاني أسرع الدول الإصلاحية إقليمياً، إلى صفوف الدول الـ 25 الأولى على الصعيد العالمي من حيث سهولة القيام بالأعمال. فقد تبوأت المملكة المرتبة الـ 23 من حيث سهولة القيام بالأعمال وهي التي تعتبر وصيفة الدول الخليجية بالنظر إلى الإصلاحات المتبناة على أراضيها. فقد طبقت المملكة 3 حركات إصلاحية في إطار القطاعات العشر التي تضمنتها دارسة التقرير. ونشير إلى أن المملكة أقدمت على إلغاء الحد الأدنى لإطلاق مشروع تجاري والبالغ 1,057 في المائة من دخل الفرد وخفضت عدد الأيام المشترطة لافتتاح شركة ما من 39 إلى 15 يوماً. هذا وافتتحت المملكة مكتباً للإئتمانات التجارية تتضمن تقاريره الكشف عن إعتمادات الشركات. كما أقدمت المملكة على تسريع العجلة التجارية فقلصت عدد الوثائق المطلوبة للاستيراد وقللت المدة الزمنية لتسلم البضائع في الموانئ والمحطات بمقدار يومين للاستيراد والتصدير على حد سواء.
وتبرز دولة الكويت كواحدة من أهم الدول الإصلاحية في منطقة مجلس التعاون الخليجي. فقد اعتمدت الكويت نظاماًً إلكترونياً في كافة الوكالات الحكومية يتولى إعطاء موافقات تقنية من خلال الاتصالات الموحدة الجديدة. كما وسعت الكويت نطاق المعلومات المحصاة لمكتب الائتمان الخاص في البلاد.
ونظرا للمبادرات السياسية وتحرير العمليات التجارية، لا تزال منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تتبنى قوانين وأنظمة حديثة بهدف جعل البيئة الاستثمارية الخاصة بها أكثر استقطابا للمستثمرين. هذا وقد عمدت معظم دول المنطقة إلى تحرير أنظمتها في مختلف القطاعات ولا سيما قطاع الخدمات كالعقارات والتمويل والاتصالات. كما لا تزال الدول الإقليمية تعمل حثيثاً على تحرير الأعمال التجارية وتسهيلها، مما سيساعد هذه الدول بالتأكيد على تحسين بيئاتها التجارية.
نشاط السوق
شهدت بورصات دول مجلس التعاون الخليجي تداول 21.7 مليار سهم في شهر سبتمبر 2007 مقارنة مع 22.1 مليار سهم هي مجموع الأسهم المتبادلة خلال الشهر السابق. بينما ارتفعت قيمة الأسهم المتداولة إلى 61.3 مليار دولار في سبتمبر 2007 مقارنة مع 71.9 ملياراً دولار أميركي سجل خلال شهر أغسطس الماضي.
جاء معامل اتساع أسواق الأوراق المالية لمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي خلال شهر سبتمبر من العام 2007 محايدا إلى حد ما وذلك مع ارتفاع 240 سهماً وتراجع 249 سهم. هذا ويمكننا ملاحظة ضغوط البيع في السوق السعودية بسبب تراجع 88 سهما خلال شهر سبتمبر مقارنة مع إجمالي عدد الأسهم السعودية البالغ عددها 106 سهم.
© 2007 تقرير مينا(www.menareport.com)