وضعت إشاعة طفت على السطح في المملكة العربية السعودية خلال الأيام الأخيرة، حول خطة سرية لإنقاذ مجموعتي "القصيبي" و"السعد" المتعثرتين، مصرفيين دوليين في حالة استنفار.
وعلى الرغم من عدم ورود تفاصيل رسمية عن الخطة، إلا أن الإشاعة أشارت إلا توظيف أصول المجموعتين المجمدة من قبل الحكومة لسداد ديونهما تجاه الممولين المحليين على حساب الشركات الأجنبية التي بقيت مع ديون غير مضمونة تقدر قيمتها بالبلايين من الدولارات.
وكان لهذا التطور وقع الصاعقة على شركات التمويل العالمية. وشدد العديد من المصرفيين الدوليين على أن مثل هذه الخطة تتطلب تواطؤ على أعلى المستويات في صفوف الحكومة السعودية بل حتى الضوء الأخضر من العائلة الملكية.
وقد أشار محلّل اقتصادي خبير في المنطقة إلى أن الشركات الأجنبية العاملة في المملكة العربية السعودية تقبلت دائما وجود قيود معينة غير متكافئة لدخول المملكة مقابل ضمانات غير معلنة من جانب الحكومة لحماية استثمارات هذه الشركات." إن الجميع على يقين تام بأن العائلة الملكية لن تسمح لأي شخصية محلية رفيعة المستوى يجعلها تتراجع عن تعهداتها. ولكن يبدو الآن أن العائلة الملكية قامت عملياّ بمساعدة شركتين محليتين على فعل ذلك تماماّ.
لقد بدأت أكبر فضيحة تمويل في منطقة الخليج العربي قبل حوالي أربعة شهور بعد ورود شكوك حول قدرة ائتلاف الشركات القصيبي وخصمه مجموعة السعد على سداد ديونها تجاه مصارف محلية وعالمية. وقد بلغت قيمة الديون المتراكمة لمصلحة ما يقارب 90 شركة حوالي 20-22 مليار دولار على هيئة قروض مشتركة. وبعد أن شرعت البنوك بالمطالبة بالقروض، انفجرت معركة قضائية بين المجموعتين السعوديتين حيث اتهمت مجموعة القصيبي مالك مجموعة السعد وهو معن الصانع باختلاس 10 مليار دولار منها.
وعندما لم يلح في الأفق أي مؤشر لتسوية الخلاف بين المجموعتين بسبب المعركة القضائية، أعرب الدائنين الأجانب عن مخاوف كبيرة بعد ظهور إشاعات وتقارير غير مؤكدة بان المجموعتين تتفاوضان للوصول لتسوية أحادية الجانب مع البنوك السعودية وبمباركة السلطات السعودية. وقال مصدر مصرفي في زيورخ" نحن قلقين لان مجموعتي "القصيبي" و"السعد" تركز على دفع الديون المحلية فقط، فبعد سداد مجمل الديون المحلية قد لا يدفعون للدائنين الأجانب. وقد تعززت هذه المخاوف بعد ظهور تقارير مفادها أن المجموعتين قد سحبتا بلايين الدولارات من خارج المملكة عشية اندلاع الأزمة وواصلتا عمل ذلك حتى بعد ظهور الأزمة بتستر من قبل شخصيات سعودية رفيعة المستوى. وأشارت مصادر إدارية مقربة أن لدى كل واحدة من المجموعتين مراكز قوة في التسلسل الهرمي السعودي والعائلة الحاكمة.
لقد أظهر المصرفيون الدوليون انفتاحا كبيرا في انتقاداتهم وتحذيراتهم من وجود معاملة غير متكافئة أثناء العمل في المملكة العربية السعودية وعند عقد صفقات مع مصالح اقتصادية مملوكة على يد أفراد من العائلة الملكية. وقال المدير الإقليمي في بنك بي إن بي باريبا، جين كريستوف دوراند، أن جميع المصرفيون ترقبوا رد فعل السلطات المحلية لإفلاس مجموعتي "القصيبي" و"السعد." وأضاف بأسلوب دبلوماسي "سيكون تأثير على شهية القطاع المصرفي للقيام بعمليات إقراض في السعودية." مصرفيون آخرون يعدون العدة لمعارك قضائية وإعلامية متواصلة وطويلة الأمد قد يسعون خلالها إلى الكشف عن تفاصيل عمليات عقد الصفقات ومراكز القوة المرتبطة بالمجموعتين المتعثرتين.
قضية أخرى تقلق المصرفيين هي نقص الشفافية وقنوات الاتصال مع السلطات السعودية التي تركتهم في الظلام خلال الأسابيع الماضية. إن الإشاعات عن خطة إنقاذ لم تشهد أي رد فعل من السلطات مما اضطر المصرفيون إلى تحليل حركة ملكية الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية في محاولة لتأكيد أو دحض التقارير عن خطة الإنقاذ.
وعلى الرغم من ذلك، أظهرت بعض المصادر المالية المتعاملة مع السوق السعودي وجهة نظر ايجابية مؤكدة أن المنظومة السعودية دائما كانت سرية وسيتم في نهاية الأمر تسوية قضية الديون للدائنين الأجانب بطريقة مرضية. ويضيف هؤلاء أن السعودية ستحل الأزمة لحظ كرامتها وهيبتها خاصة وان وفد سعودي سيتجه للمشاركة في قمة مجموعة العشرين G20 في بتسبورغ. إن السعودية هي آخر من يريد أن يخسر القطاع المصرفي العالمي ثقته في أسواق المملكة ودول الخليج العربي.
© 2009 تقرير مينا(www.menareport.com)