تستعد هيئة التنسيق النقابية لاضراب دعت اليه بعد غد الاربعاء. والاحتجاج على تأخر الحكومة في اقرار مصادر تمويل سلسلة الرتب والرواتب وصولا الى الخشية من "تمييع" يصيب مصير السلسلة، ولا سيما ان الهيئات الاقتصادية لم تقف مكتوفة اليدين حيال السلة الضريبية وان بادرت الحكومة الى تعديلها حذفا لبعض بنودها.
كل المؤشرات تشير الى ان الأمور يجب أن تذهب الى التصعيد أكثر، هذا ما استنتجه رئيس رابطة موظفي الإدارة العامة محمود حيدر من خلال تصريحات المسؤولين التي توحي بأن ثمة اتجاهاً الى التملص من القرارات التي اتخذت في مجلس الوزراء. إذ برأيه، "ثمة أجواء معيشية ضاغطة يعيشها الموظفون والاساتذة، في مقابل ارتياح في مجلس الوزراء بالتفتيش عن موارد للسلسلة وكل نفقات الموزانة، وكأن موارد السلسلة مرتبطة بموارد الموازنة ككل، علما أن نفقات الموظفين الادرايين لا تشكل الا 1% من نفقات الموازنة". واعتبر أن ردود الفعل من الهيئات الاقتصادية، تشير الى ان همها الوحيد معرفة كيف ستؤمن الموارد للموازنة، "إذ يتخوفون من ان تفرض الحكومة ضرائب على الاملاك البحرية والفوائد المصرفية. وهذا واضح من خلال الصراع داخل مجلس الوزراء، إذ ثمة وزراء يعارضون فرض ضرائب على الطبقة العاملة، في حين ان بعضهم الآخر وهم اساسا من اصحاب العمل، يعارضون فرض ضرائب تطول مصالحهم الخاصة". وانتقد التناقض الذي وقعت فيه الهيئات الاقتصادية، "إذ لطالما كانت تطالب باصلاحات جذرية في الادارة وتخفيف الروتين الذي تعيشه، وهي تدرك كما غيرها ان زيادة الرواتب هي المدخل الرئيس لتفعيل الادارة. لكنها اليوم تشن هجوما على السلسلة، لأنها تخاف من أن تفرض الضرائب على مصالحها واعمالها". وإذ اعتبر أن موارد السلسلة توافرت، وتاليا يجب فصل موارد السلسلة عن بقية الموازنة، أكد ضرورة احالة مشروع القانون الذي أقره مجلس الوزراء على مجلس النواب لمناقشته واقراره.
الاتحاد العمالي
مسألة سلسلة الرتب والرواتب محسومة بالنسبة الى "العمالي"، إذ وفق رئيسه غسان غصن فان تصحيح الاجور الذي يطول القطاعين العام والخاص قد تحقق، "وكذلك بالنسبة الى سلسلة الرتب والرواتب الذي تحقق من خلال موافقة الحكومة على تمويلها". لكن تبقى مسألة تمويل السلسلة والموازنة، فهل يوافق الاتحاد عليها؟
يعتبر غصن أن تمويل الخزينة لتغطية نفقات السلسلة أو غيرها وايجاد الموارد عموما هو دور الحكومة، لكنه في المقابل يرفض أي قرار ستتخذه لفرض المزيد من الضرائب على الشعب وذوي الدخل المحدود او العمال. من هنا، يأتي رفضه لبعض الضرائب التي لحظتها "السلة الضريبية" التي اعدتها الحكومة، بدءا من رفع ضريبة القيمة المضافة الى 12% وزيادة الرسوم على فواتير الهاتف والكهرباء والتي يتأثر فيها 95% من الشعب، "وهي مرفوضة".
ما البديل من هذه الضرائب؟ يرى غصن أنه "كان على الحكومة ان تفرض الضرائب على نحو مباشر وتصاعدي على اصحاب الثروات، وان تسترد الاملاك البحرية والنهرية والبرية وتعيد استثمارها بدل فرض غرامات على محتليها". أما الطابق الاضافي أو "طابق ميقاتي" فهو وفق غصن "مهزلة المهازل، إذ سيزيد تشويه التنظيم المدني والاكتظاظ السكاني في المدينة، اضافة الى انه افادة مباشرة للمستفيدين من اصحاب العقارات وخصوصا الذين يبيعون عقاراتهم بمليون دولار". وقال بدل اعتماد الضريبة الموحدة على ارباح الشركات والافراد تمهيدا للدخول من نظام الضرائب المباشرة التصاعدية، ذهبت الحكومة في اتجاه فرض ضريبة على الفوائد لتساوي بذلك ما بين المتقاعد الذي يعتاش من فوائد تعويضات نهاية الخدمة واولئك الذين يوظفون اموالهم بالفوائد ويفيدون من ارباح باهظة. لهذا كله، سيطلق الاتحاد العمالي في جلسة الاربعاء تحذيرا في وجه الحكومة من فرض أي ضريبة او رسوم غير مباشرة تطول المواطنين، وسيطالب الحكومة باعادة النظر بسياستها، والاقتصاص من الفاسدين ومهدري المال العام، وسيطالب الوزارات المعنية بوقف فلتان الاسعار وضبطها وخصوصا الاقساط المدرسية. "والا، فإن العودة الى الشارع هي خيارنا الوحيد". لطالما كان يردد الاتحاد أنه يؤيد ويدعم أي تحرك او اضراب قطاعي، ان كانوا معلمين او سائقين، فهل سيشارك في تحرك الاربعاء؟
تأييد التحركات القطاعية والمطالب المحقة هو موقف مبدئي عند الاتحاد ولا تراجع عنه وفق غصن، "ولكن حين ندعو الى التحرك، يكون تحركنا ميدانيا وشاملا بسبب الضرر اللاحق بجميع المواطنين، وليس فئة محددة". وكانت الهيئات الاقتصادية عبّرت صراحة عن موقفها الرافض لزيادة اي ضرائب "وخصوصا انها ستشكل عبئا ثقيلا على الاقتصاد الذي لا يستطيع تحملها وستزيد تباطؤه بالتزامن مع انعكاساتها التضخمية". وأكثر، اكدت ان المجتمع بكافة فئاته، سينوء تحتها". ورأت في مذكرة قدمتها الى قيادات سياسية التقتهم الاسبوع الماضي، ان مفعول الضرائب الجديدة سيكون بمثابة الصاعقة على الاقتصاد "بسبب ضخامتها واتساع نطاقها ونطاق الفئات التي تطولها. فالعبء الضريبي سيزيد 2 ملياري دولار من دون زيادة عامل الاستثمار في سنة جباية كاملة، أي ما يوازي 30% من إجمالي الإيرادات الضريبية في 2011، ويرتفع إلى 4 مليارات دولار لدى إضافة زيادة عامل الاستثمار، أي 60% من إيرادات 2011، وما يمثل نسبة 10% من الناتج المحلي الإجمالي. وتلك نسبة كارثية قياسا بحجم الاقتصاد وقدرات مجتمعه، ولم يسبق أن قامت أي دولة في العالم بأمر مماثل".
وأكدت ان الإيرادات المتوقعة من الضرائب المرصودة لا تقارن بالضرر الذي ستحدثه، "لأنها ستؤدي إلى تراجع القدرات الشرائية لغالبية اللبنانيين، والى تهريب المستثمرين الذين سيفضلون الاستثمار في الدول التي خفضت ضرائبها كثيرا لتحفيز مناخ الاستثمار والأعمال. وكذلك الأمر بالنسبة إلى الإيرادات المتوقع زيادتها من زيادة الضرائب على المداخيل التي لن تتحقق بسبب التباطؤ الاقتصادي.
وسيكون الضرر الأكبر ناجم عن زعزعة الاستقرار الضريبي، لما لذلك من تأثيرات سلبية مهمة على قرارات المستثمرين المحليين والأجانب. كما ستتأثر تنافسية الإنتاج من السلع والخدمات الوطنية في مجال التصدير وتجاه السلع المستوردة، خصوصا وأن الموضوع جاء بشكل متسرع ومن دون دراسة موضوعية وعلمية لانعكاساته الحقيقية". وسألت عن العدالة الاجتماعية "حين يتم غض الطرف عن مكافحة التهرب من الضرائب ولا يتم تفعيل الجباية. وتلك أمور أساس للعدالة الاجتماعية قبل فرض أي ضريبة جديدة أو وضع زيادات على ضرائب موجودة".