يبدو أن البنوك السعودية لديها هاجس التخوف من إقراض المرأة السعودية بعد تسجيلهن أقل التزاما مقارنة بنظرائهن الرجال، وذلك لطبيعة عملهن التي لا تخلو من عدم الأمان الوظيفي على عكس الرجال. ورغم عدم وجود اختلاف بين الجنسين في عملية الإقراض، إلا أنه حسب المتحدثين لـ"الاقتصادية" لا تؤثر في البنوك بسبب أن هامش الربحية أكبر من مخاطر عملية منح القروض، وأنها أي "المرأة" بعد الحصول على وظيفة لا يقل فيها راتبها الشهري عما كانت عليه تصل مع البنك إلى تسوية تسمى بإعادة هيكلة السداد بناء على دخلها الجديد.
وكشفت لـ " الاقتصادية " صادر مسؤولة في البنوك المحلية أن السعوديات أقل التزاما بسداد القروض البنكية من السعوديين الذين يتمتعون بأمان وظيفي مقارنة بالسعوديات اللواتي يختفين عن مكان عملهن بشكل مفاجئ، مما يتسبب في التعثر في عملية السداد للقروض. وقالت المصادر ذاتها إن الأقسام النسائية، خاصة تلك المختصة بالقروض في البنوك المحلية تعاني مشكلة إثبات الهوية التي تخلو من صورة المرأة في بطاقة الأحوال المدنية المرفقة ببطاقة العائلة، مشيرين إلى أن ما يقارب 25 في المائة من النساء السعوديات لا يمتلكن بطاقة أحوال مدنية تحمل صورتهن الثبوتية ما يدفع البنوك لطلب معرف لها من أقاربها خشية انتحال شخصية كالتي تم الكشف عنها خلال عمليات سابقة.
وبينت المصادر أن معظم القروض الحالية التي تطلبها المرأة قرض تضامن مع الزوج لفك أزمة مالية تواجهه، منوهين إلى أنه لم تحدث زيادة في طلب القروض من قبل السيدات بشكل خاص خلال السنتين الماضيتين وإنما زاد التمويل العقاري كمنتج خلال العامين الماضيين بدلا من التمويل الشخصي الذي يسدد خلال خمس سنوات فقط ولا يلزم العميل تحديد مجال صرفه.
من جهته، قال لـ "الاقتصادية" طلعت زكي أمين عام لجنة الإعلام والتوعية المصرفية في البنوك السعودية، إن جميع البنوك لجأت في الفترة الأخيرة إلى تنويع قاعدة منتجاتها فيما يتعلق بالتمويل العقاري بحيث يكون جزء منه تمويلا كما صنف في المحفظة، ونوع آخر يسمى بالسلعة المعمرة وهناك ما لا ينطبق على هذين النوعين من التمويلات كتمويلات يطلق عليها قصيرة الأجل لمواجهة احتياجات معينة، وبالتالي كان التوجه هو تنويع المحفظة انطلاقا من المسؤولية الاجتماعية من البنوك السعودية لمواكبة النمو المتزايد على السكن فيها، ولا سيما أن هناك فجوة بين العرض والطلب والحاجة للسكن سواء للمواطنين أم المقيمين، ولذا وجدت البنوك فرصة مواتية جيدة للتوسع في هذا القطاع الذي يشهد نموا كبيرا منذ عام 2006 لغاية 2011 في التمويل العقاري بمبلغ يفوق 27 مليار ريال.
وقال "نحن لا نقول إن البنوك تتخذ إجراءات سهلة وإنما تتخذ إجراءات منطقية متزنة معقولة سواء للأفراد أو الشركات مراعية في المقام الأول درجة المخاطر للمقترض، كما تراعى في عملية الإقراض قدرة المقترض على استيعاب القرض في عملية منح القرض وقدرته على السداد دون تعثر، ولهذا تعد نسبة التعثر في الإقراض معقولة لا تتجاوز نسبة 2 في المائة"، نافيا وجود اختلاف بين الرجل والمرأة في مسألة الالتزام بالسداد لأن كليهما ملتزمان وينظر إليهما كعملاء دون تفرقة.
وأوضح زكي أن الفرق بين قروض النساء وقروض الرجال من ناحية الاشتراطات والإجراءات لدى عامة البنوك السعودية ينحصر في نقطتين فقط الأولى هي سنوات التقاعد حسب سن المرأة النظامي للتقاعد الذي يختلف عن الرجل بحسب النظام كون المرأة أقل من الرجل ببضع سنين، وأن الجزئية الثانية هي المستندات الثبوتية الخاضعة لنظام البنوك، أما ما عدا هاتين الجزئيتين فالبنوك لا تفرق بين الرجل والمرأة في سياسة القروض والشروط والأحكام. ومن ناحية العروض والأسعار فتختلف من بنك لآخر حسب شهية البنك وأنظمته كأن يطلب كفيل للمرأة، وهذه الاختلافات تفرضها عملية المنافسة بين البنوك شريطة ألا تخل بضوابط التمويل الاستهلاكي من مؤسسة النقد السعودي.
ومن ناحية حدوث تغييرات في أنظمة البنوك وإجراءاتها في الوقت الراهن، يرى زكي أن أنظمة القروض منذ عام 2006 حتى اليوم لم تتغير الأنظمة بدليل أن أنظمة الرهن العقاري لم تقر حتى الآن لكن كل بنك يتعامل وفق إطار عام، وأنه متى ما دعت الحاجة إلى تبديل الشروط والأحكام مستقبلا فإنه من المحتمل تغييرها. وبين أن المحافظ لا تقسم بين السعوديين وغيرهم وأن الضوابط تطبق على الجميع وإن كان حجم الإقراض للسعوديين أعلى فهو ناتج عن حكم التركيبة السكانية للسعوديين التي تفوق عدد المقيمين وليس من باب التمييز أو التفرقة.
من جانبه، يرى محمد العمران عضو جمعية الاقتصاد السعودي، أن الهدف من القروض البنكية بشكل عام هو سداد قيمة الغرض من خلال الانتظام في العمل، والانتظام في العمل مشروط بالأمان الوظيفي الذي يشكل معاناة لدى النساء أكثر من الرجال خصوصا في القطاع الخاص، لذلك لا نجد الالتزام في سداد القروض لدى النساء بسبب عدم الثبات في الوظيفة إلا أنها لا تشكل مخاطر لدى البنوك إلا بشكل بسيط جدا أقل من 1 في المائة كون مخاطر البنوك محسوبة، وتسجلها عادة كديون معدومة وتبقى مسجلة على المرأة حتى عملية المطالبة للعميلة على أن تجد وظيفة أخرى لا يقل راتبها عن أربعة إلى خمسة آلاف ريال كحد أدنى وأن تعد على رأس العمل مدة سنة كاملة.
وقال العمران: هذه المخاطر محسوبة ولا تؤثر في البنوك بسبب أن هامش الربحية أكبر من مخاطر عملية منح القروض، ثم أنها بعد الحصول على وظيفة لا يقل فيها راتبها الشهري عما كانت عليه تصل مع البنك إلى تسوية تسمى بإعادة هيكلة السداد بناء على دخلها الجديد، وأن المخاطر كلما انخفضت انخفض معها هامش المخاطر التي تأخذ من جيب العميل، وهذا الأمر لا يتعلق بقروض النساء وإنما أيضا بالمحاكم. وأكد أن البنوك كلما زادت مخاطرها ستبتدع شروطا جديدة تحميها وتضمن لها هامش الربحية 3 إلى 4 في المائة.
وعن وجود عروض تنافسية لدى البنوك لاجتذاب السيدات، يقول العمران إن العروض التنافسية إنما هي منافسة بين الأقسام النسائية داخل البنوك مع فروعها أو مع بنوك أخرى ويبقى تحت مظلة الفرع النسائي وليس كمنتج يستقطب الجميع رجالا ونساء ولا يفرق بينهما في المميزات والشروط عدا في حالات معينة تخضع لضوابط وتحتاج لموافقة لعمل حملات للمعلمات على سبيل المثال أو تسهيلات لموظفات القطاع الصحي وما شابه ذلك.
وعادت المصادر لتشير إلى أن طلب البنوك كفيلا للمرأة أصبح إجراء شبه منته خلال السنوات القليلة الماضية لأن ما يهم البنك هو ألا يكون على المقترض سواء كان رجلا أو امرأة ديون سابقة أو التزامات مالية لأحد الأطراف أو فواتير غير مدفوعة لشركة الاتصالات أو للمخالفات المرورية حسب المعلومات الائتمانية لدى الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية. وفي حال وجد عليه شيء من ذلك يطلب منه مخالصة أو إخلاء طرف وإبراء ذمة من الجهة التي لم ينه معاملته معها. وأوضح أن معظم البنوك خفضت نسبة الفائدة من ما يفوق الـ5 في المائة إلى حدود 3 في المائة يزيد أو ينقص حسب القطاع الذي يعمل لديه العميل كأن يكون على سبيل المثال في القطاع العسكري فإن نسبة المخاطرة فيه أعلى بسبب طبيعة عمله.
وعن أهمية أن يكون للعميل مبلغ مالي جيد في البنك المراد الاقتراض منه أكدت المصادر أن غالبية البنوك لا تنظر لحساب العميل بقدر أهمية أن يكون للمقترض دخل ثابت شهريا لا يقل عن أربعة آلاف ريال كونه يعمل في مؤسسة حكومية أو شركة أهلية لديها اتفاقيات تعاون مع البنك.
فاطمة الحسن
هل توافق الرأي بأن المرأة السعودية أقل التزاماً بسداد القروض من الرجل؟