الاقتصاد اللبناني يعول على النفط

تاريخ النشر: 29 يناير 2013 - 08:04 GMT
أقرت الحكومة اللبنانية خلال الأشهر القليلة الماضية قانون النفط والمراسيم التطبيقية لقانون التنقيب عن النفط
أقرت الحكومة اللبنانية خلال الأشهر القليلة الماضية قانون النفط والمراسيم التطبيقية لقانون التنقيب عن النفط

وسط تنامي المخاوف بشأن مسار الاقتصاد اللبناني الذي يتراوح الدين العام للدولة فيه بين 55 و56 مليار دولار،لاح بريق أمل لدى اللبنانيين بعد استكمال الخطوات التشريعية والقانونية الكفيلة بالاستثمار في قطاع النفط؛ حيث بإمكان لبنان القيام بأول عملية تنقيب في هذا القطاع العام 2015، خاصة أن لبنان يصرف 15 بالمائة من ناتجه القومي على استيراد المحروقات.

وكشف جبران باسيل وزير الطاقة والمياه اللبناني في تصريح له مؤخرًا أن بلاده أنهت المسوحات البحرية حيث يتم حاليًا تحليل هذه المسوحات التي تظهر أن هناك كميات واعدة جدًا من النفط،لافتًا إلى أن لبنان أنهى التشريعات والتحضيرات اللازمة التي تهيئ الشركات لتكون موعودة بمناخ استثماري جيد؛ حيث من المقرر أن يتم توقيع أول عقد للبدء بالتنقيب عام 2014» على أن تبدأ عملية التنقيب في عام 2015. ولعل ابرز التطورات في سياق هذا الملف هي الزيارة التي قام بها الرئيس القبرصي ديميتريس كريستوفياس إلى لبنان في شهر يناير الجاري والتي بحث خلالها مع كبار المسؤولين اللبنانيين وعلى رأسهم رؤساء الجمهورية ميشال سليمان والحكومة نجيب ميقاتي والنواب نبيه بري ملف النفط والغاز، حيث جاء التأكيد من الجانب القبرصي أن لدى لبنان مشكلة بالأطماع الإسرائيلية في هذا الموضوع وأن قبرص طرف وسيط في النزاع. وتشوب هذا الملف مشكلة تقنية تعتبر قبرص طرفًا فيها حيث تكمن المشكلة في تثبيت حدود لبنان الدولية البحرية وحقه في ثرواته الطبيعية النفطية والغازية ضمن حدود منطقته الاقتصادية الخالصة جراء خطأ في الترسيم البحري ما بين قبرص وإسرائيل الذي جاء على حساب لبنان ويهدد بتضييع مساحة بحرية على لبنان تزيد على 850 كيلومتراً مربعاً، وهو ما يثير أزمة في هذا الملف خاصة في ظل التهديد الإسرائيلي الدائم لحقوق لبنان النفطية. وجاء تسارع الاهتمام بموضوع استثمار الثروة النفطية في لبنان بعد الإعلان عن اتفاق إسرائيل وقبرص على التنقيب في مياه المتوسط في ظل محاولات إسرائيلية للالتفاف على جزء من المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان وضمها إليها، ومن هنا تأتي أهمية التنسيق بين لبنان وقبرص في هذا الملف حيث كان لزيارة الرئيس كريستوفياس أصداء كبيرة كون قبرص طرفًا معنيًا.

وقد اتفق كل من الرئيسين اللبناني والقبرصي على ضرورة تعزيز التعاون بين البلدين في مجال النفط والغاز المتوافرين في المناطق البحرية لبلديهما إضافة إلى زيادة التنسيق والتعاون والاتفاق على آليات لاستخراج الثروة النفطية في الحدود البحرية المشتركة. وأكد الرئيس القبرصي خلال زيارته على أن بلاده تحاول لعب دور الوسيط في إطار النزاع بين إسرائيل ولبنان في ملف النفط مؤكدًا أن لا خلاف بين لبنان وقبرص في ملف النفط والغاز الموجود في البحر بين البلدين. وأعرب عن رغبة قبرص للتعاون مع لبنان من اجل استغلال الغاز الموجود في البحر بين البلدين لافتًا إلى أن قبرص قدمت اقتراحًا للبنان منذ شهر مارس الماضي من اجل الاستغلال المشترك للغاز الموجود بينهما.

وعلى الرغم من الخلافات التي تشهدها الساحة السياسية اللبنانية جراء ملفات متعددة ومنها إقرار قانون الانتخاب والجدل بين الفرقاء على خلفية تداعيات الأزمة السورية بين مؤيد للنظام ومعارض لها، إلا أن الحكومة اللبنانية أقرت خلال الأشهر القليلة الماضية قانون النفط والمراسيم التطبيقية لقانون التنقيب عن النفط إضافة إلى تعيين أعضاء هيئة إدارة قطاع البترول.

ويرى مراقبون أن اكتشاف الغاز في المياه الإقليمية اللبنانية هو حدث في حد ذاته، لكن أهميته تتزايد بربطه بقطاعات إنتاجية أخرى بما يمكن أن يسهم في تحقيقه من تنمية مستدامة ولبنان بحاجة ماسة إليها. ويسود القلق عند اللبنانيين من أن تسيطر المحاصصة والفساد على هذا الملف بما يحرمهم من الاستفادة الحقة من هذه الثروة التي يجب أن توجه لتنمية مستدامة بما يصب لمصلحة المواطنين والنهوض بالاقتصاد وحل مشكلة الدين لا أن تقتصر الفائدة منها على فئة محددة.

وعلى الرغم أنها ليست المرة الأولى التي يفتح فيها لبنان موضوع التنقيب عن النفط كون توقعات احتمال وجوده تعود إلى منتصف الأربعينيات عندما بدأت محاولات حفر بئر تجريبية في المنحدر الغربي في جبل تربل شمال مدينة طرابلس شمال لبنان، وفي الماضي القريب عندما أحيت نتائج المسح الزلزالي للشواطئ الإقليمية اللبنانية العام 2003، آمال وجود النفط ومعادن أخرى عدة مناطق لبنانية، إلا أن اللبنانيين يعتبرون هذه المرة أن حلمهم اصبح اكثر واقعية مع استصدار الخطوات العملية لذلك. ويبقى السؤال هل تحظى الأجيال المقبلة بفرصة التنعّم «بثروة لبنان النفطية»، التي سوف ترسم مستقبله الاقتصادي والسياسي على حد سواء أم تتحول هذه الثروة المنتظرة إلى مدار جدل بين السياسيين وتخضع لنظام المحاصصة الطائفية في هذا القطاع ويحرم لبنان من دخول نادي الدول النفطية.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن