تصدر قطاع العقار والبناء في الأردن لائحة أفضل القطاعات الاقتصادية الاستثمارية نشاطا، وقدرت عائداته الاستثمارية بنحو 10% سنويا خلال الفترة الأخيرة، في وقت شهدت فيه عوائد الاستثمار في أسواق الأسهم والودائع البنكية تراجعاً كبيراً. وأظهرت مسوحات ميدانية أن نسبة نمو القطاع وصلت إلى 20% خلال الشهور الستة الأولى من العام الماضي، مقارنة مع13% خلال الفترة نفسها من العام 2003 مما رفع من نسبة مشاركة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي إلى 5,2 طبقا لأحدث الإحصائيات الرسمية التي توقعت استمرار نمو القطاع خلال المرحلة المقبلة بفضل عدة عوامل يأتي في مقدمتها الأوضاع السياسية المستقرة والبدء بتطبيق قانون المالكين والمستأجرين عام 2010 والذي ينص على تعويم قيمة الإيجارات وتركها لمبدأ العرض والطلب في السوق.
وشجع توجه الحكومة إلى تطبيق قانون المالكين والمستأجرين العديد من المواطنين والوافدين لتملك العقارات بدلا من دفع إيجارات عالية المستوى ،وذلك إلى جانب زيادة نسبة الاستثمار في القطاع والتي لا تخضع لرسوم ضريبية عالية كما هو الحال في بقية القطاعات الأخرى،كما تم إعفاء الشركات العاملة في القطاع العقاري والبالغ عددها 800 شركة من رسوم إجراءات الفرز في حال قيامها بتنفيذ المشاريع الإسكانية. ويأتي الانتعاش الذي يشهده سوق العقار الأردني نتيجة زيادة مشاريع الإسكان والتطوير الحضري ومشاريع القطاع الخاص العقارية والتي جاءت تلبية للطلب المتزايد والإقبال الكبير على شراء الأراضي والشقق السكنية باعتبارها استثمارا آمنا إلى جانب انخفاض أسعار الفوائد على القروض السكنية والتسهيلات الائتمانية التي تقدمها البنوك الأردنية والتي تراجعت من 10% إلى 6% مع نهاية العام الماضي.
وشمل الارتفاع المجمعات التجارية والأراضي والشقق السكنية التي تتراوح أسعارها بين 30 ألف دولار و250 ألف دولار فيما يختلف سعر المتر المربع الواحد من الأرض بين منطقة وأخرى حسب التصنيفات المعتمدة من الجهات الرسمية،على انه من المنتظر أن تساهم الزيادة في أسعار الاسمنت ومواد البناء التي حدثت مؤخرا في أسعار العقارات الأردنية خلال المرحلة المقبلة.
و لوحظ مؤخرا أن تحديث حزمة التشريعات الخاصة بقطاع العقار والبناء وتبسيط الإجراءات واختصارها في إتمام عمليات بيع وشراء الأراضي والعقارات هي عوامل ساهمت في زيادة عدد طلبات شراء الشقق السكنية في السوق، وقد زادت مساحة الأراضي المرخصة للبناء بمعدل 5,3 ملايين متر مربع حيث ارتفعت من 9,4 ملايين متر مربع في عام 2000 إلى 5,8 ملايين متر مربع نهاية العام الماضي.
ووفقا لإحصائيات البنك المركزي فقد بلغ عدد الرخص الممنوحة حتى نهاية 2003 نحو 5,22 ألف رخصة مقارنة مع 4,21 ألف رخصة في عام 2002 و21 ألف رخصة في العام الذي سبقه فيما بلغ عددها 9,17 عام 2000 و9,15 ألف رخصة عام 1999 والعدد نفسه في العام 1998، مما يعكس مدى التطور الذي شهده القطاع خلال السنوات الخمس الماضية وما يمكن أن يكون عليه الحال في السنوات المقبلة. وتظهر أرقام دائرة الإحصائيات الأردنية أن عدد المباني السكنية زادت بشكل ملحوظ خلال السنوات العشر الماضية، حيث بلغ عدد المساكن في عام 1994 نحو 831799 فيما كان عدد السكان قرابة الأربعة ملايين نسمة، وقد زادت عدد المساكن مع نهاية عام 2003 إلى مليون وقدر عدد السكان بنحو خمسة ملايين نسمة. علما بان الدراسات الرسمية تتوقع زيادة عدد السكان إلى 10 ملايين نسمة عام 2020 مما يتطلب توفير المزيد من المباني السكنية لتلبية الزيادة في عدد السكان. علما بان حاجة السوق من المساكن تتراوح سنويا بين 20 إلى 25 ألف وحدة سكنية لا يوفر منها المستثمرون في قطاع العقار سوى 7 آلاف وحدة فيما يقوم بعض ذوي الدخول المرتفعة بتوفير نسبة أخرى.
وعلى مستوى الاستثمارات الأجنبية في قطاع العقار فقد شهد زيادة ملحوظة خلال الشهور الماضية خاصة بعد السماح لغير الأردنيين بالتملك والاستثمار مما أدى إلى ارتفاع إجمالي رؤوس الأموال المستثمرة في القطاع إلى نحو 700 مليون دينار سنويا وهو رقم مرشح للزيادة خلال العام الجاري ليصل إلى نحو مليار دينار خاصة في ظل زيادة الطلب على العقار سواء من قبل المستثمرين المحليين والأجانب. وفي تقرير أعدته دائرة الأراضي والمساحة الأردنية يتضح أن الشهور الستة الأولى من العام الماضي شهدت ارتفاعا في نسبة الاستثمار الأجنبي في قطاع العقار والأراضي حيث تصدر العراقيون المرتبة الأولى من بين جنسيات المستثمرين العرب والأجانب وبواقع 361 مشتريا. فيما جاء المستثمرون من الجنسية السعودية بالمرتبة الأولى من حيث حجم مساحة الأراضي والعقارات المشتراة وبلغ إجمالي ما تم شراؤه من قبلهم 2159 دونما فيما بلغ حجم المساحة التي اشتراها مستثمرون كويتيون 637 دونما،ثم جاء بعد ذلك السوريون بإجمالي بلغ 275 دونما، وذلك حسب ما ذكرته صحيفة البيان الإماراتية.
أما بالنسبة للأجانب من غير العرب فقد جاء الأميركيون بالمرتبة الأولى من حيث عدد المشترين ومساحة الأرض المشراة وبواقع 62 مشتريا لنحو 26 دونما تلاهم البريطانيون بعدد 23 مشتريا لنحو 10 دونمات ثم الألمان بعدد 8 مشترين. وقد ساهم زيادة إقبال الأجانب على شراء الأراضي منذ بداية العام الماضي إلى زيادة المساحة المباعة حتى نهاية شهر يوليو الماضي إلى 3441 دونماً تم بيعها لنحو 773 مستثمرا عربيا وأجنبيا ،علما بان أسعار الأراضي في الأردن تعد الأرخص مقارنة مع أسعارها في الدول المجاورة. حيث تتراوح أسعار الدونم الواحد بين ألف دينار و500 ألف دينار وذلك حسب المنطقة.
ويعلل بعض المحللين زيادة نسبة المستثمرين العراقيين في قطاع العقار الأردني خلال النصف الأول من العام الماضي بعدة أسباب من ضمنها زيادة عوائد الاستثمار في القطاع. بالإضافة إلى الأوضاع السياسية والأمنية غير المستقرة في العراق مما دفع العديد من العراقيين إلى شراء المساكن في الأردن،وأشاروا إلى أن 50 ألف شقة تم بيعها في غضون ثلاثة أشهر لعائلات عراقية قررت الاستقرار مؤقتا في الأردن وذلك باستثناء العقارات التي يقوم مستثمرون عراقيون بشرائها. وقد ترافق النمو الذي شهده قطاع العقار مع زيادة نشاط القطاعات الاقتصادية الأخرى مما دفع صندوق النقد الدولي إلى تعديل معدل النمو الحقيقي للعام 2004 إلى 5,5% حيث ستكون هذه الزيادة الأولى في معدل النمو للاقتصاد الأردني منذ منتصف التسعينات عندما وصلت النسبة إلى 6%.
فيما بلغ متوسط معدل النمو الحقيقي في الناتج المحلي الإجمالي نحو 4% خلال السنوات الخمس الأخيرة. وساهم في زيادة نسبة النمو الاقتصادي نمو حركة السوق العقاري بنسبة 20% خلال النصف الأول من العام الماضي إلى جانب نمو دخل السياحة بنسبة 30% بالإضافة إلى النمو الذي شهده قطاع الخدمات والتدفقات الاستثمارية الأخرى في العديد من القطاعات وعلى وجه الخصوص الصناعية والتجارية. يشار إلى الناتج الإجمالي للاقتصاد الأردني بلغ في نهاية عام 2003 (7 مليارات دينار) فيما وصل نصيب الفرد من الدخل سنويا 2000 دولار واحتياطات المصرف المركزي من العملة الأجنبية ما يساوي 4,4 مليارات دينار وهى الأعلى منذ عدة سنوات وتغطي احتياجات الاستيراد لمدة تسعة أشهر.
© 2005 تقرير مينا(www.menareport.com)