أشار تقرير إقتصادي متخصّص صادر عن "مركز معلومات مباشر" (www.mubasher.info) إلى قدرة الإمارات على اجتياز تبعات الأزمة المالية العالمية نظراً للإجراءات التي اتّخذتها الحكومة لتعزيز الإنفاق العام، مما يؤكّد التوقعات التي تفيد بتعافي الإقتصاد الإماراتي بوتيرة أسرع من دول أخرى. وشهدت الأسواق العربية كغيرها من الأسواق تراجعات كبيرة في الآونة الأخيرة نتيجة تراجع مؤشّرات الأسواق الأميركية منذ بداية العام الجاري بعد فشل كافة الإجراءات التي تمّ اتّخاذها نهاية العام الماضي. وعلى الرغم من تعهّد الحكومة الأميركية بدعم المؤسّسات المالية المتعثّرة وتقديم 243.7 مليار دولار، إلاّ أنّها لم تتمكّن من إنقاذ الأسواق الأميركية. وتأثّرت الأسواق الخليجية بشكل واضح بتبعات الأزمة، حيث لم تسجّل البورصات الخليجية أي إرتفاع منذ بداية العام الجاري، بل شهدت بعض الأسواق مثل سوق الدوحة تراجعات أكبر من التي أصابت الأسواق الأميركية، في حين نجا بعضها الآخر نسبياً مثل الأسواق الإماراتية.
وأفاد التقرير بأنّ الأسواق الإماراتية هي أقل الأسواق العربية تراجعاً منذ بداية العام الجاري. وأشار أيضاً إلى الإجراءات الجادّة التي اتّخذتها الحكومة مطلع هذا العام والتي كان لها الأثر الأكبر في تحفيز الإقتصاد الوطني لا سيّما في إمارة دبي التي تعدّ الأكثر إنفتاحاً على الأسواق العالمية وبالتالي الأكثر تأثّراً في المنطقة بتداعيات الأزمة الإئتمانية لا سيّما في القطاع العقاري. وفي هذا الصدد، عمدت الحكومة إلى دعم المصارف وضمان الودائع في المصارف العاملة في البلاد وتخفيض نسبة الفوائد. وحظيت بورصة دبي بالدعم عن طريق إعادة تمويل قرض بقيمة 5.2 مليار دولار من خلال الإقتراض من 11 مصرفاُ محلياً وعالمياً، كما قامت حكومة دبي بطرح برنامج سندات بقيمة 20 مليار دولار تمّ اكتتاب المصرف المركزي في 50% منه.
وفي ظل هذه الإجراءات، بلغ عدد الشركات العاملة في سوق دبي والتي قامت بالإفصاح عن نتائجها المالية خلال شهر شباط/ فبراير نحو 36 شركة تراجعت أرباح 19 شركة منهم، في حين حققت 16 شركة نموّاً في الأرباح. ويؤكّد التقرير في هذا الإطار تأثير هذه النتائج على أداء أسهم سوق دبي الذي يبلغ حجمه نحو 40% من حجم الأسواق في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث حققت العديد من الأسهم على عكس المتوقع أرباحاً كبيرة، بما فيها سهم "أرابتك" الذي حقق 945 مليون درهم كصافي أرباح عن العام الماضي، أي بزيادة قدرها 77% عن العام 2007. كما إستأثر سهم "دبي الإسلامي" بالنصيب الأكبر بعد أن شهد إرتفاعاً بنسبة 25.3%، في الوقت الذي سجّلت فيه بعض الأسهم مثل سهم "جلوبال" تراجعات كبيرة في سوق دبي، حيث انخفض بنسبة تصل إلى 67.59%.
وشأنها شأن باقي دول مجلس التعاون الخليجي الغنية بالنفط، تأثرت عائدات الإمارات من النفط الخام بشكل كبير مع تراجع الأسعار بقوة بعد بلوغها مستوى قياسي في حزيران/ يوليو الماضي تجاوز 147 دولاراً للبرميل الواحد. إلا أن الإمارات، لاسيما أبوظبي التي تمتلك الغالبية العظمى من النفط الإماراتي، جمعت على مدى السنوات الماضية فوائض مالية ضخمة من عائدات النفط. وبالتالي قامت حكومة أبوظبي بإتّخاذ إجراءات مشابهة دعماً للشركات العاملة في الإمارة، حيث قامت بضخ 16 مليار درهم مقابل سندات في مبادرة تهدف إلى دعم البنوك وتعزيز أسواق الأسهم. وجاءت هذه الإجراءات دافعة لمؤشّر سوق أبوظبي الذي جاءت نتائجه مخيبة للآمال في بداية العام الحالي، إلاّ أنّه استطاع تحقيق ارتفاع ملحوظ وصل إلى أكثر من 7%. كما جاءت نتائج أعمال الشركات لتعيد الثقة مرة أخرى لأسهم سوق أبوظبي بعد تحقيق أرباح تفوق التوقّعات، حيث أعلنت 53 شركة عن نتائج أعمالها إذ حققت 28 شركة إرتفاعاً كبيراً في صافي أرباحها السنوية للعام الماضي.
وأضاف التقرير أن في ظل تراجع أسعار النفط الخام وتباطؤ القطاع العقاري، اتّجهت أنظار المستثمرين إلى الذهب الذي أسهمت الخصائص الفريدة التي يتمتع بها في جعله الخيار الأمثل للإستثمار في مختلف أنحاء العالم على مرّ العصور. وأفادت الدراسات الأخيرة بارتفاع معدلات إستثمارات التجزئة في مجال الذهب بنسبة 136% في منطقة الشرق الأوسط خلال العام الماضي، في حين شهدت معدلات الطلب الإجمالي على الذهب في المنطقة ازدياداً خلال الربع الأخير من العام 2008 بنسبة 1% عن الفترة ذاتها من العام 2007. الأمر الذي دفع "مجلس الذهب العالمي" في دبي إلى إطلاق أوّل منصّة خاصة بتجارة السبائك الذهبية في المنطقة بما يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية وذلك بالتعاون مع "ناسداك دبي" و"مركز دبي للسلع المتعدّدة" (DMCC) وشركة "مباشر". وتمّ إدراج أسهم الذهب في "ناسداك دبي" تحت رمز التداول "ذهب" (GOLD)، حيث توفّر كل ورقة مالية فرصة الحصول على كميات محددة من السبائك الذهبية المملوكة حصرياً، وبالتالي تزويد المستثمرين بوسائل مالية رائدة في مجال الإستثمار في أسهم الذهب ضمن "ناسداك دبي"، الأمر الذي يمنحها ميزة تنافسية ويعزز مكانتها ضمن أسواق الأسهم العربية ويخلق فرص إستثمارية جديدة تسهم في دفع السوق نحو تحقيق المزيد من النمو خلال المرحلة المقبلة.
وكشف "مركز معلومات مباشر" إلى أنّ الأوراق المالية المعزّزة بالذهب، التي تبلغ قيمتها 1/10 من قيمة أونصة الذهب الواحدة، تعد تطوّراً كبيراً بالنسبة لمؤشر ناسداك دبي لا سيّما في ظل تزايد اهتمام المستثمرين بالذهب حيث يواصلون تنويع إستثماراتهم في أعقاب الأزمة المالية العالمية. وتوفّر هذه الأوراق الإستثمارية الجديدة بوابة آمنة وغير مكلفة لعملائها من جميع أنحاء العالم لتجارة السبائك الذهبية دون الحاجة لدفع التكاليف الإضافية المرتبطة عادة بالتأمين والتخزين والمعاملات التجارية فى مجال تجارة الذهب. وأكّدت بعض الإستطلاعات الصادرة عن شركات الأبحاث أنّ معظم المبيعات تتركّز بشكل رئيسي على السبائك والقطع النقدية الذهبية، وهو توجّه من شأنه أن يسهم في تعزيز الطلب على التداول بالأوراق المالية المعززة بالذهب في الشرق الأوسط، التي تعد ثالث أكبر سوق للذهب في العالم بعد الصين والهند.
© 2009 تقرير مينا(www.menareport.com)