يبقى نمو القروض في النظام المصرفي بدولة الإمارات في حالة سكون في أعقاب الأزمة المالية العالمية على الرغم من التعافي الذي شهده معدل النمو الاقتصادي، حسبما قال أبيشيك شوكل، رئيس قسم أبحاث الاستثمار في بنك أبوظبي الوطني.
وأكد شوكل أن النظام المصرفي لأي دولة يعكس طبيعة اقتصادها، وتطبق هذه القاعدة على الاقتصاد الإماراتي، إذ إن دولة الإمارات قد شهدت، قبل وقوع الأزمة المالية العالمية، فترة من النمو الكبير في معدلات الإقراض ضمن النظام المصرفي، مدفوعاً بمعدل النمو الاقتصادي المرتفع، لكن من الواضح أن ثمة انفصالاً بعد الأزمة المالية العالمية بين النمو الاقتصادي ونمو معدلات الاقتراض في الإمارات، حيث يلاحظ أن النمو الاقتصادي قد تعافى ليرتفع بنسبة 1.3 بالمئة في العام 2010، ثم بنسبة 4.2 بالمئة في العام 2011، فيما بلغ متوسط نمو الإقراض 2.5 بالمئة سنوياً على امتداد الفترة نفسها، ومن المتوقع أن يظل على حاله خلال العام 2012.
وأشار شوكل إلى أن النظام المصرفي الإماراتي قد شهد طفرة من النمو في العام 2008 دل عليها معدل نمو للقروض بمقدار 290 مليار درهم، أي ثلاثة أضعاف إجمالي نمو القروض على مدار الأعوام الثلاثة اللاحقة، وهذا التراجع الحاد في نمو القروض غير مبرر، لأن النمو الاقتصادي قد تسارع في الفترة نفسها.
ولفت شوكل إلى أن نمو القروض، في أي اقتصاد، لا يعكس نموه فحسب، بل أيضاً مستوى الحيطة لدى البنوك في الدولة، وقد بدأ مستوى القروض المتعثرة يتزايد في النظام المصرفي بعد الأزمة المالية العالمية، الأمر الذي دفع البنوك إلى خفض الرافعات المالية (أي تقليل معدلات انكشاف القروض)، واعتماد مستويات أعلى من الحذر والحيطة عند منح القروض الجديدة، علماً بأن عدم الوفرة النسبية من السيولة في النظام المصرفي أفضت بدورها إلى صعوبات تواجه المصارف في النمو.
ويرى شوكل أن النمو السريع في القطاع العقاري، خلال الفترة الماضية، كان دافعاً رئيساً لنمو القروض حتى جاء التصحيح الحاد في المسار ليسبب انقطاعاً في أداء القطاع، ومن ثم، لم تبدِ البنوك اهتماماً بإقراض القطاع العقاري إلا من كان منها ملتزماً فعلاً بالإقراض، وتضافرت كل تلك العوامل مجتمعة لمحاصرة نمو القروض في النظام المصرفي.
أما في بقية أنحاء العالم، فقد أدت الأزمة المالية العالمية، بحسب الخبير الاقتصادي نفسه، إلى اتجاه الكثير من السلطات إلى تشديد الأنظمة المفروضة على القطاع المصرفي، وفي الإمارات، استحدثت السلطات الكثير من الأنظمة الجديدة، مثل القيود على الإقراض للأفراد والجهات الحكومية والتابعة للحكومة، فضلاً عن التوجيهات بشأن مستوى المخصصات التي ينبغي للبنوك احتسابها.
ولفت شوكل إلى أن دعم نمو القروض في النظام المصرفي يتطلب تخفيض معدل المخصصات إلى مستوياتها الطبيعية، علماً بأنه توجد دلائل على الاستقرار في مجال المخصصات، لكن الطريق لا يزال طويلاً لتحقيق المستوى المنشود، مؤكداً أن نسبة القروض إلى الودائع بلغت 94 بالمئة بنهاية مارس 2012، تراجعاً من نسبة 100 بالمئة في نهاية العام 2011، الأمر الذي سيسهم في تمهيد الأجواء لنمو القروض في النظام المصرفي.
وأضاف شوكل أنه بالحديث عن عوامل أخرى، فإنه ينبغي للإنفاق الحكومي أن يزيد لأنه يظل إحدى قوى الدفع الأساسية لنمو القروض، ولاشك في أن الوضعين السعودي والقطري يشكلان مثالين تقليديين على زيادة الإنفاق الحكومي المفضي إلى زيادة نمو القروض في النظام.
وعلى الصعيد الدولي، لابد من توافر قدر أكبر من الاستقرار لا للمساهمة في الإبقاء على أسعار النفط عند مستويات مرتفعة فحسب، وإنما لاستعادة الكثير من ثقة الشركات بالنظام المالي، أيضاً.
وتابع إنه لابد من تحقيق هذه الشروط من أجل تحفيز النمو في قطاع القروض، وعلى الرغم من أنه من غير المرجح تحقيق كل هذه الشروط في المستقبل القريب، إلا أن الملاحظة المهمة تكمن في أن النمو الاقتصادي آخذ على ما يبدو في العودة إلى مساره الصحيح، الأمر الذي ينبغي أن يفسح المجال أمام نمو القروض حتى تتناسب مع معدل النمو الاقتصادي، وهو الأمر الذي يتوقع حدوثه، مطلع العام المقبل.

ان النظام المصرفي لأي دولة يعكس طبيعة اقتصادها