تتوقع آخر الدراسات الاقتصادية الصادرة عن المجموعة المالية القابضة-هيرميس، المؤسسة المصرفية الرائدة في المنطقة في تقديم الخدمات الاستثمارية المتكاملة، أن يبدأ النمو الاقتصادي في دولة الإمارات بالدخول في مرحلة نمو مستدام تدريجياً (نحو 4-5% سنويا) مع اتجاه الولايات المتحدة و دول الخليج لرفع أسعار الفائدة تدريجيا و اقتراب معدلات الإنتاج من طاقتها القصوى في العديد من القطاعات و بالأخص قطاعي البترول و البنوك، وذلك بعد فترة من النمو المتسارع التي شهد فيها الاقتصاد في الدولة ازدهاراً قوياً مقروناً مع قدرة هذا الاقتصاد على استيعاب المزيد من النمو.
وقد صرح هاني جنينة، كبير الاقتصاديين في المجموعة المالية القابضة – هيرميس الذي أجرى هذه الدراسة: "لقد تطور الاقتصاد الإماراتي بشكل سريع من اقتصاد شاب إلى اقتصاد بدأت تظهر فيه مؤشرات النضوج. وقد وصلت طاقة إنتاج البترول في الوقت الراهن إلى أقصى معدلاتها في حين أن نسبة القروض مقارنة بالموارد المستقرة في القطاع المصرفي توشك أن تقترب من حدودها القانونية المفروضة من قبل البنك المركزي (100%) بينما اقتربت إيجارات السكن في دبي خاصة من مثيلتها في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية في الوقت الذي واكبت فيه أسعار الأسهم الارتفاع في صافي العائدات."
وأضاف جنينة قائلاً: "وبناء على ذلك، نحن نعتقد أنه من الحكمة أن نرصد ونراقب عن كثب معدل الإنفاق على الاستثمارات في هذه المرحلة من الدورة الاقتصادية حتى نتلافى خطر الاستثمار في طاقات إنتاجية فائضة عن الطلب المتوقع. ولأن سوق الأسهم يوفر التمويل اللازم بسهولة، فإن هذا الخطر سيبقي قائما حتى لو تراجع التمويل من القطاع المصرفي."
في عام 2004 وصل معدل نمو إجمالي الناتج المحلي إلى 7.4 في المائة منخفضاً من 11.9 في المائة في عام 2003، وذلك بسبب النمو الحدي المتناقص في إنتاج النفط الخام. ويقترب معدل إنتاج دولة الإمارات في الوقت الراهن من حده الأقصى إذ تعكف البلاد حالياً على الاستثمار لرفع الطاقة الإنتاجية في هذا القطاع. ونظراً لأن الإضافات الجديدة في السعة لن تتحقق حتى عام 2006، تتوقع المجموعة المالية القابضة-هيرميس أن يكون التأثير الحدي من جراء ارتفاع معدلات إنتاج النفط الخام طفيفاً جداً خلال عامي 2005 و2006 وعلى الأرجح على المدى المتوسط أيضاً في حال لم تواكب الإضافات في الطاقة الإنتاجية الارتفاع الحالي في أسعار النفط.
ومع ذلك، فإن التقرير يقول أن التوقعات باستمرار أسعار النفط الخام المرتفعة ومعدلات الإنتاج العالية في الإثني عشر إلى ثمانية عشر شهراً القادمة لا زالت تؤجج ثقة المستثمرين، كما يبدو جلياً في الأداء المنتعش الذي تشهده سوق أبوظبي للأوراق المالية وسوق دبي المالي. ففي الفترة ما بين نهاية عام 2004 وحتى 30 أغسطس 2005، سجل مؤشرا سوق دبي المالي وسوق أبوظبي للأوراق المالية ارتفاعاً قدره 143 في المائة و71 في المائة على التوالي، ليحتلا بذلك المركز الأول والسادس بين أفضل المؤشرات أداءً في المنطقة العربية.
وهناك دلائل أخرى على ثقة المستثمرين تتجلى في الطلب المتعاظم على الدرهم الإماراتي والفرق الضئيل بين الودائع بالدرهم والودائع بالدولار الأميركي.
وقد استمرت هذه الثقة في تأجيج الطلب المحلي الكلي كما يبدو واضحاً في النمو القوي والمتصاعد في معدلات الإقراض إلى القطاع الخاص نسبة بالأعوام السابقة. ففي مارس 2005 قفز معدل النمو السنوي إلى 35 في المائة، لتُصنف دولة الإمارات بذلك كثاني أعلى دولة في مجال الإقراض في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي بعد المملكة العربية السعودية حتى أوائل هذا العام.
و يوضح جنينة قائلاً: "خمسون في المائة تقريباً من النمو في إجمالي القروض المقدمة للسكان سببها النمو في الطلب على القروض في القطاعين الإنشائي والتجاري والقروض الشخصية – بما في ذلك التمويل بغرض شراء الأسهم و الاكتتابات العامة. ونحن نعتقد أن معدل نمو القروض سينخفض تدريجيا في عام 2006 لأن البنك المركزي يدرس حالياً إمكانية رفع الاحتياطي الإلزامي علي الودائع بالعملة المحلية و تشديد معايير الموافقة علي منح القروض للحد من تراكم مخاطر الائتمان في النظام المصرفي كما حدث في دول الخليج الأخرى (و بالأخص الكويت و قطر) في عام 2004."
وبالنسبة للنمو في معدلات الإنفاق الحكومي، فيشير التقرير إلى أن السياسة المالية (و هي أهم السياسات الحافزة للطلب الحلي الإجمالي في دول الحليج عامة) كانت متوازنة في عام 2004 مما يعكس سياسة مالية حذرة. فقد انخفض معدل النمو السنوي في إجمالي النفقات والمساعدات المالية كما ورد في الميزانية الموحدة الصادرة عن الحكومة، من 5.6 في المائة في عام 2003 إلى 4.2 في المائة في عام 2004، وذلك بالرغم من النمو الهائل في الإيرادات المشمولة وغير المشمولة في الميزانية.
و اختتم جنينة قائلاً: "من الجدير أن نلحظ أن الميزانية الموحدة المُعلنة، والتي تستثني في المقام الأول عوائد الاستثمار التي تجنيها الهيئات والمؤسسات الحكومية وشبه الحكومية، كانت شبه متوازنة في عام 2004، وذلك لأول مرة منذ 20 عاماً، كما يتوقع أن يشهد عام 2005 فائضاً في الموازنة. ونتوقع أيضاً أن تحافظ الحكومة على صافي مركزها الدائن في مقابل النظام المصرفي على المدى المتوسط."
وفيما يتعلق بالتضخم، فإن التقرير يشير أن المحرك الرئيسي للتضخم يبقى الارتفاع في إيجارات السكن. ففي عام 2004، زادت تكاليف الإسكان والتكاليف الأخرى ذات الصلة، والتي تُمثل 36 في المائة من مؤشر أسعار المستهلكين، بنسبة 6.7 في المائة لتدفع معدل التضخم نحو الصعود إلى 4.6 في المائة من 3.2 في المائة في عام 2003. ويتوقع تقرير المجموعة القابضة-هيرميس أن يتجاوز معدل تضخم مؤشر أسعار المستهلكين نسبة 6.0 في المائة في عام 2005 وبالأخص بعد الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود.
© 2005 تقرير مينا(www.menareport.com)