الاستثمارات الإيرانية في مصر: هل تطغى على المشاريع الخليجية!

تاريخ النشر: 11 سبتمبر 2012 - 12:47 GMT
يجب على دول الخليج استغلال الفرص الاستثمارية في مصر من خلال مشاريع ذات بعد اقتصادي واجتماعي وسياسي
يجب على دول الخليج استغلال الفرص الاستثمارية في مصر من خلال مشاريع ذات بعد اقتصادي واجتماعي وسياسي

وجه مسؤول سعودي رسالة تحذيرية تفيد بوجود خطر يحدق بالاستثمارات الخليجية في مصر ويتمثل في تأهب المستثمرين الإيرانيين للدخول بقوة هناك، وإزاحة استثمارات دول مجلس التعاون، وتهديد بقائها، خصوصا بعد التحركات القوية الأخيرة التي ظهرت من قبل حكومة طهران ودعمها لمستثمريها الذين يبحثون مشاريع جدية في القاهرة. وقال لـ "الاقتصادية" الدكتور عبد الله دحلان رئيس مجلس الأعمال السعودي المصري الذي كان يتحدث أمس من مقر إقامته في القاهرة: "أحذر دول الخليج من استثمارات إيرانية مقبلة بقوة لمصر خلال الفترة المقبلة، تنافس الاستثمارات الخليجية في مختلف المجالات"، مطالبا دول المجلس بضرورة التحرك السريع والفعال في سبيل المحافظة على وضعها الاستثماري ودعم نموها في الأعوام المقبلة.

وجاء حديث دحلان بعد أن أعلنت السعودية أمس عن اتجاه وفد رسمي اليوم برئاسة الدكتور توفيق الربيعة وزير التجارة والصناعة ومسؤولين ورجال أعمال ومستثمرين سعوديين إلى مصر في إطار زيارة رسمية. من المنتظر أن يبحث خلالها ملف الاستثمارات السعودية المتعثرة هناك وسبل دعمها ومضاعفتها، ووضع إطار لمستقبل أفضل للعلاقات بين البلدين الشقيقين. في مايلي مزيد من التفاصيل:

حذر الدكتور عبد الله دحلان رئيس مجلس الأعمال السعودي المصري دول الخليج من استثمارات إيرانية قادمة بقوة إلى مصر خلال الفترة المقبلة، لمزاحمة الاستثمارات الخليجية في مختلف المجالات، مطالباً دول المجلس بضرورة التحرك السريع والفعال في سبيل المحافظة على وضعها الاستثماري، ودعم نموها في الأعوام المقبلة. وقال دحلان الذي كان يتحدث لـ ''الاقتصادية'' من مقر إقامته في القاهرة: ''يجب على دول الخليج استغلال الفرص الاستثمارية في مصر من خلال مشاريع ذات بعد اقتصادي واجتماعي وسياسي، والجميع يعلم أن جذب الاستثمارات لا يهتم بهوية المستثمر بقدر ما يركز على عوائد الاستثمار على الاقتصاد المحلي وعلى المستوى الشعبي، وبالتالي من خلال ذلك لا يوجد تفضيل دولة على أخرى إلا بمدى الفارق الإيجابي من هذه الاستثمارات من خلال الشعب، والنمو الاقتصادي، ومعالجة الفقر والبطالة''.

وجاءت زيارة الوفد السعودي للتأكيد على عمق ومتانة العلاقات التجارية والصناعية بين السعودية ومصر كعلاقات استراتيجية، ومناقشة المعوقات وتذليلها. ودعا رئيس مجلس الأعمال السعودي- المصري دول الخليج إلى وضع استراتيجية استثمارية لمضاعفة الاستثمارات في مصر، مضيفاً: ''هناك مشاريع إيرانية يجري بحثها حالياً على أرض الواقع، كما أن بعضها موجود بطريقة مباشرة وغير مباشرة، ويجب على الخليج أن يقف موقفا داعما للحكومة والاقتصاد المصري، وألا تتغير طبيعة المشاريع الاستثمارية من دول الخليج إلى دول أخرى''. وتابع: ''ما رأيته خلال اليومين الماضيين يشير إلى وجود خلية نحل من الشركات الأمريكية، والأوروبية، والصينية، واليابانية والإيرانية تتسابق على السوق المصرية، وآمل ألا تشوه صورة الاستثمارات في مصر نتيجة المعوقات التي حدثت في السابق بسبب عدم الاستقرار السياسي، أو بسبب الفساد المالي والإداري في العهد السابق''. وأفاد دحلان بأن مصر الجديدة حالياً تمر بخطط تصحيحية تقودها مجموعة جديرة ذات كفاءة عالية، متوقعاً أن تزال أوقات الاستثمارات العصيبة بالنظر إلى أن الرئيس والحكومة المصرية واضعون كل جهودهم لضمان الاستثمارات الحالية والقادمة لبلادهم. وقال رئيس مجلس الأعمال السعودي- المصري: ''أتمنى أن تكون ضمن حسابات دول الخليج المقبلة دعم حليفهم المصري القديم، لأن أمن الخليج من مصر، كما أطالب بضرورة الوقوف جميعاً مع مصر في ظل الظروف التي تواجهها اقتصادياً، لأن هناك من يدرس الدخول بقوة لمصر، لأنها من الدول الجاذبة للاستثمارات''. على صعيد ذي صلة، طالبت مصادر استثمارية سعودية خلال حديثهم لـ ''الاقتصادية'' بضرورة إيجاد حلول جذرية من قبل الحكومة المصرية لمشاكل تعثر استثماراتهم هناك، أو تعويضهم عن سحب تلك الاستثمارات منهم وتعطلها. وأضافت: ''مصر سبق لها أن طالبت بتعويضات لمواطنيها الذين تعرضوا لمشاكل في بعض الدول العربية بعد تأزم الأوضاع السياسية هناك، ومنها العراق، ليبيا، وبالتالي يجب أن ينظر بعين العدل إلى المستثمرين السعوديين الذين تعرضوا لمشاكل في مصر بعد الثورة، وأن يتم حل مشاكلهم خصوصاً بعد قيام وفد رسمي سعودي بالذهاب إلى هناك، ونتمنى من الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية حل هذا الملف بالكامل، لتفادي تصعيد الملف إلى التحكيم الدولي''. وتابعت المصادر التي فضلت عدم ذكر اسمها: ''مصر تبحث حالياً عن جذب الاستثمارات الأجنبية إليها، ولديها استثمارات سعودية تقدر بـ 27 مليار دولار على أرضها وهي أعلى استثمارات أجنبية هناك، فالواجب عليها حماية تلك الاستثمارات قبل التفكير في استقطاب استثمارات جديدة، والسعودية ومصر بلدان شقيقان تجمعهما روابط تاريخية قوية، وبإمكانهما تطوير تلك العلاقات بما يخدم اقتصادهما''. ولفتت المصادر إلى أن الأهم من لقاء مسؤولي البلدين في القاهرة هو نتائج هذا الاجتماع وما يتمخض عنه من حلول لتعثر الاستثمارات السعودية هناك، متسائلين: هل سنرى نتائج على أرض الواقع لهذا الملف خلال الأشهر الستة المقبلة لتسهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين أو تعويض المستثمرين المتضررين؟ وبحسب المعلومات التي حصلت ''الاقتصادية'' عليها فإن جدول أعمال وزير التجارة السعودي والوفد المرافق له سيتضمن الالتقاء بالرئيس المصري صباح اليوم، فيما سيتم بعدها اجتماع تنسيقي بين وزير التجارة وأعضاء الوفد، بعد ذلك سيكون هناك حفل غداء يقيمه السفير السعودي هناك.

وفي المساء سيتم افتتاح حفل مجلس الأعمال السعودي المصري بحضور وزيري تجارة البلدين، وأعضاء المجلس. وقال المهندس عبد الله المبطي رئيس مجلس الغرف: إن زيارة الوفد السعودي تحمل عديدا من الرسائل الإيجابية فيما يخص عمق ومتانة العلاقات السعودية المصرية وخصوصيتها كعلاقات استراتيجية، إضافة إلى بث الطمأنينة بشأن الاستثمارات السعودية في مصر ورغبة الجانب السعودي في مضاعفة حجم تلك الاستثمارات، مضيفاً: إن هناك حجما كبيرا للاستثمارات السعودية في مصر معظمها ناجح وأن الزيارة ستعمل على رسم مستقبل أفضل وأكبر لحجم العلاقات الاقتصادية بين البلدين من خلال مناقشة المعوقات وتذليلها. وأكد المبطي استعداد قطاع الأعمال السعودي وأجهزته المؤسسية في مجلس الغرف والغرف التجارية للعمل على مضاعفة الاستثمارات السعودية في مصر من خلال التعاون مع الحكومة المصرية وكذلك تنمية الاستثمارات المشتركة والتجارة البينية، مستفيدين في ذلك من المقومات الإيجابية المتوافرة لتعزيز وتدعيم العلاقات الاقتصادية وحماس ورغبة قطاعي الأعمال السعودي والمصري للنهوض بحجم علاقاتهما التجارية والاستثمارية، استناداً إلى رغبة قيادتي البلدين وما تقدمانه من دعم واضح لهذه العلاقة من أجل مصلحة شعبي البلدين. وحول العلاقات الاقتصادية السعودية المصرية قال المبطي: ''إن المعطيات والتقارير الاقتصادية تشير إلى أن هناك نموا مستمرا ومتصاعدا لحجم التبادل التجاري بين البلدين، رغم انخفاضه في عام 2009م، إلا أنه عاد ليرتفع في العامين الماضيين، كما أن هناك فرصا كبيرة لرفعه لمستويات أعلى في ضوء ما يمتلكانه من إمكانات اقتصادية، وللعلاقة المتينة والتاريخية المتجذرة بين البلدين''، وهو ما قال المبطي ''إنه يتطلب إيجاد خطة مشتركة لتنمية التجارة بين البلدين''. وكانت ''الاقتصادية'' قد نشرت الأسبوع الماضي على لسان مصادر مطلعة قولها ''إن حكومتي الرياض والقاهرة تتجهان إلى مناقشة مقترح بتعديل الاتفاقية الاقتصادية بين البلدين، وإدخال بند التحكيم التجاري بين المستثمرين السعوديين والحكومة المصرية ضمنها، حيث ستتم مناقشة ذلك خلال زيارة الوفد الحكومي والتجاري السعودي لمصر والتي لم تتحدد حتى الآن''.

وقال لـ ''الاقتصادية'' في حينها الدكتور عبد الله دحلان رئيس مجلس الأعمال السعودي-المصري: إن المجلس سيقترح خلال اللقاء المقبل مع المسؤولين في الحكومة المصرية إنشاء جمعية للصداقة تضم جميع أطياف المجتمع من البلدين، وذلك بهدف توطيد روابط الأخوة والمحبة، وإزالة أي توترات قد تحدث، مبيناً أنه سيتم طرح فكرة نواة تشكيلها أثناء اجتماع الوفد السعودي بالحكومة المصرية الأيام المقبلة. وأضاف: ''زيارة الوفد السعودي إلى مصر برئاسة الدكتور توفيق الربيعة وزير التجارة والصناعة وبمشاركة رئيس مجلس الأعمال السعودي-المصري ورئيس مجلس الغرف السعودية وأكثر من 30 رجل أعمال إلى جانب مصارف وشركات اتصالات تأتي في ظل ظروف سياسية واقتصادية مستقرة، وأن هذه الزيارة ستعمل على تطوير العلاقات التجارية بين البلدين''.

معلوم أن خادم الحرمين الشريفين استقبل في أيار (مايو) من العام الجاري وفداً رفيع المستوى من مصر برئاسة الدكتور محمد سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب، والدكتور أحمد فهمي رئيس مجلس الشورى، وعدداً من أعضاء مجلسي الشورى والشعب، وأبرز القيادات السياسية، وممثلي القطاعات. ودارت خلال اللقاء الأحاديث الودية التي أكدت عمق العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين وتعهدهم بدعم تلك العلاقات مستقبلاً. كما ساهمت زيارة الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي للسعودية التي كانت في تموز (يوليو) من العام الجاري التي تعد أول زيارة خارجية للرئيس المصري المنتخب حديثاً، في تجديد العلاقة بين البلدين ودفعها للأمام، بالنظر إلى أنها تطرقت لقضايا سياسية واقتصادية ذات أهمية. يذكر أن حجم التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين بلغ عام 2011 17.7 مليار ريال، حيث بلغت الصادرات السعودية إلى مصر 10.7 مليار ريال، وبلغت الواردات السعودية من مصر سبعة مليارات ريال. د. عبد الله دحلان د. توفيق الربيعة صورة ضوئية للخبر الذي انفردت «الاقتصادية» بنشره بتاريخ 6/9/2012.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن