يقول باحث في معهد تخطيط الدولة في سوريا (يفضل عدم ذكر اسمه) ، أن الارقام المتوفرة حول البطالة في سوريا، لا تعدو أن تكون مجرد مؤشرات لا تعطي البيانات الحقيقية عن حجم البطالة في البلاد.
وأضاف أن الارقام التي وضعت للمرحلة مابين 1999 و 2000 ، هي أقل بكثير من واقع البطالة الآن، وقال ان نسبة المتعطلين من مجموع قوة العمل عام 2001 ارتفعت عنها في عام1999 حيث وصلت الى حوالي 10,33 % من مجموع قوة العمل، وقدر حجم المتعطلين بحوالي 545 ألف متعطل عن العمل، 43,2% من الاناث والباقي من الذكور ولكن مايجب ملاحظته أن مايقارب 53% من الاناث يعملن في الزراعة بينما بلغ عددالمتعطلين لعام 1999 بلغ 432 ألف عاطل عن العمل ، 38 % منهم من الاناث والباقي من الذكور، ويعود ذلك لارتفاع معدلات نمو قوة العمل خلال هذه الفترة والتي وصلت الى ما يزيد عن 5% سنويا وبالتالي فان هناك أعداد متزايدة من السكان الداخلة الى سوق العمل وخاصة من الاناث نتيجة الاقبال المتزايد بينهن للالتحاق بسوق العمل ويلاحظ أن نسبة كبيرة من الاناث تعمل في القطاع المنظم والعام حيث تبلغ نسبتهم حوالي 30% عام 2001
ويعلق (خالد حواصلي) الشاب المتخرج من كلية الاقتصاد بجامعة دمشق والذي ما يزال ينتظر حصوله على فرصة عمل بالقول: " انني ضد كل أشكال التمييز العنصري أو الجنسي، ولكن لا تستغرب ان قلت لكم بأنني أتمنى لو كنت امرأة سيرلانكية، فقد تكون فرص عملها أفضل مما هو متاح لي"
حواصلي يضيف:" كل المشكلة تتصل بالنهب والفساد، وبثقافة الناس أيضا" ويبرر كلامه بالقول:" احتكرت الحكومة وخلال ما يزيد على أربعين عاما ادارة الاقتصاد وجعلت حتى بيع الخضار والفواكه محتكرا لها، وخلال الاربعين سنة تم نهب قطاع الدولة فبات البقرة التي لا تحلب، وصار المطلوب ذبحها، والذين يطلبون ذبحها الآن هم الذين يتطلعون الى السيطرة على الاقتصاد المقبل الذي يسمونه اقتصاد السوق، وهو اقتصاد سمسرة لا يعطي لا فرص عمل ولا تنمية وطنية طيبة، وانما يكرس أشكالا جديدة من الفساد والنهب، وانتقلنا من تحت الدلف الى تحت المزراب".
ردينة المحمود وهي طبيبة أسنان، ستعقب على حواصلي بالقول:" انها عاجزة وعبر العمل في عيادتها عن تحقيق الكفاية بحدها الادنى، وعملها في عيادتها لا يتجاوز في عائده تسديد الفواتير المترتبة على العيادة وبالتالي فالفارق بينها وبين العاطلين عن العمل أنها تعمل مجانا والعاطل عن العمل ينام مجانا وهي تفضل البطالة على العمل اذا كان الدخل في هذا المستوى"
سامر العلي، يعتقد أن مشكلة البطالة في سوريا ستتفاقم يوما بعد يوم، ويراهن على ذلك بالقول:"ان الاستثمارات تتضاءل وقطاع الدولة يفلس والناس يتكاثرون بأعداد مدهشة".
جمال عماطوري، شاب يعمل في الهندسة الزراعية يقول بأن الحكومة مسؤولة عن الكثير من أسباب البطالة بين الشباب، فالتخطيط العام للدولة لم يأخذ بالاعتبار أن ثلثي سوريا مهجورة من السكان، وأن مساحات هائلة من الاراضي الزراعية مهجورة وكان على الدولة تقديم التسهيلات الضرورية لاستثمار هذه الاراضي ومنحها للشباب وتقديم القروض اللازمة لهم كما المعدات الزراعية لاستثمار هذه الاراضي والعمل بها" و:" وتخليص المدن من الفائض السكاني وتخليص الشباب من فكرة الموظف الحكومي والحكومة بصفتها رب عمل".
هداية شعاع، وهي خريجة علم اجتماع تتساءل أين تذهب الاموال الطائلة لرجال المال الذين شكلوا ثرواتهم من نهب المال العام ، وأين تستثمر هذه الاموال وفي أي البنوك تودع وهل من حق الناس استعادة أموالهم المنهوبة أم لا ؟ وتضيف: اثنان من نمرة رامي مخلوف ورفعت الاسد قادران فيما لو أعادوا المال العام الى الناس تخليص سوريا من البطالة بين صفوف شبابها،فالسرقات المنظمة ونهب المليارات من أموال الشعب تكفي لتشغيل معظم الشباب السوري لو وظفت في الداخل بدلاً من ايداعها في بنوك أجنبية أو استثمارها في بلاد أخرى ثم أردفت حرامية دون خجل فقول رامي مخلوف بصراحة أمام الاعلام السوري بأن احدى شركاته تساهم ب7% من الدخل القومي أي مايعادل معاشات موظفي الدولة لمدة سنة مامعنى ذلك ورثها من والده أم سرقها من أموال الشعب الذي لايجد قوته اليومي وتصف حال البطالة بانعكاساتها بالقول:" الجريمة تطورت في سوريا، والدعارة تفشت في كل مكان، والعائلة تفككت، والمخدرات انتشرت، واذا أردتم الوقوف على الحقيقة فاعلموا أن في نفق كلية آداب دمشق دكاكين متخصصة في ترويج المخدرات وأخرى لترويج الدعارة، وأن كل ذلك ينتج عن اليأس الذي يعانيه الشباب واذا أردتموني مثلا فبوسعي القول أنني لا أرى أي أفق للمستقبل، حتى الزواج وهو آخر ما كنت أظنه حلا بات صعبا بفعل الفقر وانعدام فرص العمل والنسب التي تعرضونها لى عن أرقام البطالة، هي نسب غير صحيحة بالمطلق فالبطالة أعلى من تلك الارقام وأكبر، والعمل في جوهرة الراهن ليس عملا فالبنت التي تشتغل سكرتيرة هل تقوم بعمل السكرتارية أم أنها تعمل بالاضافة لكونها سكرتيرة أعمالا مضافة تتصل بكرامتها وجسدها؟ الشاب الذي يعمل بما لا يحقق لقمة خبزه هل تعتبرونه يعمل؟".
حتى اليوم لم نتطلع على محاولة واحدة لخلق حلول شافية لمشكلة بطالة الشباب في سوريا، هذا ما تقوله (هداية شعاع) وتضيف هداية:" هل نوقشت ولو لمرة واحدة مشكلة البطالة في مجلس الشعب وبعلانية وعلى شاشة التلفزيون؟ واذا ما نوقشت هل شارك أصحاب القضية أنفسهم بطرح مشكلتهم؟ وماهي المؤسسات الخاصة بالشباب والمستقلة عن هيمنة الحكومة التي يمكن للشباب العودة اليها؟ لا شئ من ذلك" ، هداية تضيف :" اذا استمرت الحال على ما هي عليه فستجد شبابنا وكما قال حواصلي:" سيتمنون أن يكونوا سيرلانكيات، ولكن نحن البنات ماذا سنكون؟".
نبيل الملحم
© 2006 تقرير مينا(www.menareport.com)