الرئيس القادم‏ والاقتصاد المصري

تاريخ النشر: 18 يونيو 2012 - 02:00 GMT
تتمثل أولى المهام للرئيس المقبل الحفاظ علي إستقلالية البنك المركزي
تتمثل أولى المهام للرئيس المقبل الحفاظ علي إستقلالية البنك المركزي

في نهاية يوم الأحد ‏17‏ يونيو‏ 2012‏ انتهي المصريون من اختيار رئيسهم الجديد بعد ثورة شعبية طالبت بالتغيير والديمقراطية‏.‏ ولحسن الطالع لن يحتاج الرئيس الجديد لإعادة بناء الإقتصاد‏. لإن ما تحقق منذ بداية عملية الإصلاح الإقتصادي مطلع التسعينيات, وحتي إندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011 كثير, وأهم ما تحقق البنية الأساسية والفوقية التي نقلت مصر نقلة حضارية واسعة خاصة ما يتعلق ببنية الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات التي كانت أداة الثوار لتحقيق التحول السياسي الكبير الذي تحقق. وأهم سند للرئيس الجديد وعلي مدي الأربع سنوات المقبلة هو البنوك المصرية التي للأسف لم يتطرق للحديث عنها أي من المرشحين للرئاسة, فهي الحاضر الغائب أو هي العامل المساعد الذي يؤدي لنتيجة المعادلة دون أن يظهر بوضوح علي السطح.

ووفقا لمقال قيم نشر مؤخرا في جريدة النيويورك تايمز تحت عنوان القطاع المصرفي.. بارقة الأمل الممكنة في مصر أكد أن البنوك المصرية تستحق أن تكلل بالزهور للإدارة الحكيمة التي مكنتهم من تجنب كارثة الأزمة المالية العالمية, أو الإختناق بأشواك السياسات الإئتمانية السابقة والتي أدت لأزمات ديون صعبة. وشرح المقال التطور الكبير في بنية الجهاز المصرفي المصري, وتحسن معايير الرقابة, والإدارة الحكيمة من البنك المركزي المصري لعملية الإصلاح المصرفي والتي جعلت من مصر منطقة جذب للبنوك العالمية الكبري حتي بعد الثورة, والقيادات المصرفية التي تمثلت في عقول مصر المهاجرة والتي حققت هذا الإنجاز الكبير. وسنترك المقال لشرح أكثر تفصيلا الأسبوع المقبل لنتحدث قليلا عن أهمية أن يضع الرئيس القادم الجهاز المصرفي في مقدمة إهتماماته كسند ومحرك رئيسي للإقتصاد. وأن يعتمد علي هذا القطاع, وعلي العقول التي أدارته علي مدار عقد كامل من الزمان والتي تمثلت في عقول مصر المهاجرة التي عملت في بنوك العالم الكبري وعادت لتساهم بدور فعال في إقالة البنوك المصرية من عثرتها.

وتتمثل أولي المهام للرئيس المقبل الحفاظ علي إستقلالية البنك المركزي التي مكنته من الإدارة الحكيمة للسياسة النقدية, ومكنته من تصويب أوضاع المديونيات المتعثرة بالبنوك, كما إختزلت الجهاز المصرفي من نحو 62 بنكا تعاني ضعفا عاما في رسملتها, أو إدارتها إلي39 بنكا صحيحة البدن ومعافاة تماما. الأمر الثاني أن تستقر القيادات المصرفية التي حققت نجاحات قوية لبنوكها في أماكنها علي الأقل علي مدي العامين المقبلين, ومنح الصف الثاني من القيادات المصرفية الفرصة للظهور والعمل والأخذ عن القيادات السابقة تجاربهم الإصلاحية ومهاراتهم القيادية حتي نحقق إنتقالا هادئا لا يتسبب في أي قلق لهذا الجهاز الذي يعد الشريان الرئيسي للإقتصاد.

الأمر الثالث أن يولي الرئيس المقبل سياسات البنك المركزي الداعمة للبنوك لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة المزيد من الرعاية والحماية, الأمر الرابع تأمين أموال البنوك التي تم إستثمارها في أدوات الدين الحكومي عبر سياسات مالية وتأمينية تحقق الأمان الكامل لهذه الأموال خاصة بعد التوسع الكبير في تمويل أذون الخزانة وسندات الحكومة بعد الثورة. نحتاج إلي كلمة شكر نوجهها لهؤلاء الذين قاموا بدورهم الوطني علي أكمل وجه, وحافظوا علي سيولة الإقتصاد, وأمنوا الأموال التي إستوردت بها الحكومة إحتياجات السوق من الخارج, فبقيت الأسواق عامرة بالسلع, والمصانع قادرة علي الدوران.

كلمة شكر لهؤلاء الذين إستمروا في ضخ الإئتمان للقطاع الخاص والعام علي حد سواء, وإستمروا في مساندة الدولة وسد عجز موازنتها, كلمة شكر لهؤلاء الذين حموا أموال المصريين خلال الثورة وبعدها, وابقوا البنوك رابحة بالرغم من ترنح الإقتصاد, وبالرغم من الوقفات الإحتجاجية, والمطالب الفئوية. نحتاج أن يدرك الرئيس القادم العلاقات بين المؤسسات المختلفة في الدولة, ويحافظ علي المؤسسات التي حققت إنجازا مهما سيكتبه التاريخ بحروف من نور.