السعودية أقرب دول المنطقة للفائدة الصفرية على أدوات الدين المقومة باليورو

تاريخ النشر: 12 ديسمبر 2019 - 06:40 GMT
كانت السعودية قد أصبحت في تموز (يوليو) أول دولة خليجية تصدر سندات مقومة بعملة المنطقة الأوروبية وسادس دولة عربية تستعين بعملة اليورو مع برنامج استدانتها
ارتفعت الديون سالبة العائد حول العالم إلى مستوى قياسي مع تدافع المستثمرين نحو الأصول الآمنة
أبرز العناوين
السعودية كانت أقرب دولة عربية للانضمام إلى قائمة الدول المصدرة للديون سالبة العائد

أظهر رصد صحيفة "الاقتصادية" لتقييم أداء سندات اليورو لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الأسواق الثانوية للعام الجاري، أن السعودية كانت أقرب دولة عربية للانضمام إلى قائمة الدول المصدرة للديون سالبة العائد، بعد أن كانت تبعد 14 نقطة أساس عن الفائدة الصفرية التي ستليها الفائدة السالبة، بعد النظر إليها كأحد أهم الملاذات الآمنة بين منظومة دول الأسواق الناشئة.

وكانت السعودية قد أصبحت في تموز (يوليو) أول دولة خليجية تصدر سندات مقومة بعملة المنطقة الأوروبية وسادس دولة عربية تستعين بعملة اليورو مع برنامج استدانتها، بعد مصر والمغرب والجزائر وتونس ولبنان.

على الجانب الآخر، أفاد متعاملون في أسواق الدخل الأوروبية قيام المستثمرين المؤسسين "من شركات التأمين والبنوك الصغيرة والمتوسطة الحجم" منذ الربع الثالث حتى الآن بالتخلي تدريجيا عن ممتلكاتهم من أدوات الدين ذات الفائدة السالبة، واستبدال قيمتها بسندات الأسواق الناشئة المقومة باليورو القادمة من دول ذات جدارة ائتمانية عالية كالسعودية "حاصلة على خامس أعلى تصنيف ائتماني من الدرجة الاستثمارية من قبل وكالة موديز" والصين وكوريا الذين تجمعهم درجات تصنيف استثمارية وتمنح عوائد إيجابية، وينتظر أن تستمر تلك الظاهرة حتى العام المقبل.

تأتي إعادة ترتيب مكونات محافظ أدوات الدخل الثابت من أجل تحقيق تدفقات نقدية مستقبلية تتواءم مع الالتزامات المادية لعملاء تلك المؤسسات التي بدأت تضغط على أرباح تلك المؤسسات.

وأظهر رصد "الاقتصادية"، أن من بين 17 إصدارا دوليا للمملكة "15 إصدارا دولاريا وإصداران من اليورو"، فإن وحدهما إصداري اليورو لم يتداولا على الإطلاق منذ إدراجهما دون القيمة الاسمية، بسبب عمليات الشراء القوية التي تتم على تلك الأوراق المالية عندما تصل إلى مستويات مغرية من قبل السيولة الذكية.

وكان أدنى إغلاق سجلته السندات الثمانية "التي يحين أجل استحقاقها في 2027" 100.3 سنت لليورو، فيما حققت سندات السعودية ذات الأجل الطويل "يحين أجل استحقاقها في 2039" أدنى إغلاق عند 101.3 سنت لليورو، منذ إدراجها وتداولها في يوليو من هذا العام.

ومع معدلات الفائدة السالبة المستدامة على ديون ذات آجال استحقاق طويلة الأجل، تقوم شركات التأمين وصناديق المعاشات التقاعدية والبنوك التجارية التي تتسلم الودائع بإعادة تحقيق التوازن في محافظهم الاستثمارية من الأصول الآمنة.

وما يقارب 5 في المائة من أصول شركات التأمين الأوروبية بما يعادل 250 مليار يورو، يتم استثمارها في أدوات الدخل الثابت مقارنة بـ 2 في المائة قبل خمسة أعوام، وفقا لبيانات "رويترز".

وارتفعت الديون سالبة العائد حول العالم إلى مستوى قياسي مع تدافع المستثمرين نحو الأصول الآمنة.

يُذكر أن إجمالي ديون السندات السالبة قد تقلص في نوفمبر لتصل قيمتها إلى نحو 12.5 ترليون دولار مقارنة بالرقم القياسي الذي تم تسجيله في سبتمبر وهو 17 تريليون دولار.

جاء التشوه السعري "لأسعار أدوات الدين ودخول بعضها المنطقة السالبة"، بعد تبني معظم البنوك المركزية استراتيجية التيسير الكمي.

أصدرت السعودية في يوليو باكورة إصداراتها من أدوات الدخل الثابت المقومة بعملة القارة الأوروبية، بعد أن بلغ إجمالي الطرح ثلاثة مليارات يورو "ما يعادل 12.70 مليار ريال".

وتم تقسيم الطرح على شريحتين، مليار يورو "ما يعادل 4.2 مليار ريال" لسندات ثمانية أعوام استحقاق عام 2027، ومليارا يورو "ما يعادل 8.4 مليار ريال" لسندات 20 عاما استحقاق عام 2039.

ومعلوم أن العائد النهائي لشريحة ثمانية أعوام بلغ 0.75 في المائة "ويدفع على شكل سنوي"، في حين بلغ العائد النهائي لشريحة الـ20 عاما 2.00 في المائة.

الملاذ الآمن

أظهر الرصد أن سندات السعودية لأجل ثمانية أعوام كانت قريبة من مستويات العوائد السالبة.

وكان العائد حتى تاريخ الاستحقاق للسندات الثمانية، لامس أدنى مستوياته على الإطلاق عند 0.14 في المائة في الرابع من أغسطس من هذا العام، أي أن السعودية كانت تبعد مجرد 14 نقطة أساس عن الفائدة الصفرية.

يذكر أن السندات الثمانية تبقى من أجل استحقاقها سبعة أعوام ونصف وقد تصل إلى تلك المستويات من العائد الأدنى في المستقبل القريب.

بذلك تصبح السعودية لهذا العام أقرب دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي كانت على وشك الانضمام لقائمة الدول المصدرة للديون سالبة العائد.

ودفع ازدياد الطلب في الأسواق الثانوية على الإصدارات ذات الدرجة الاستثمارية المرتفعة في الأسواق الناشئة، الى استبدال بعض شركات التأمين الأوروبية ممتلكاتها من السندات السالبة إلى نظيرتها المقومة بعملة اليورو وتكون صادرة من دول خارج الاتحاد الأوروبي ككوريا والصين والسعودية، حيث إن هناك "علاقة عكسية" بين ارتفاع أسعار تلك الأوراق المالية وانخفاض العائد.

وكانت وكالة "رويترز" نقلت تصريحات إعلامية لمسؤولين في إدارة الأصول لمصرف بي إن بي باريبا الفرنسي ونظيرتها السويسرية لإدارة الأصول التابعة لبنك يو بي إس قولهم، "إنهم لا يميلون إلى الاحتفاظ بالسندات ذات العائد السالب في محافظهم مع تجنب شرائها والتوجه نحو السندات ذات العائد الجذاب".

وأسهم توجه سيولة اليورو الأوروبية نحو سندات الأسواق الناشئة في جعل بعض سندات اليورو الصادرة من كوريا والمكسيك تسجل فائدة سالبة خلال التداولات الثانوية في الربع الرابع.

وكشف رصد "الاقتصادية" أن أذرع إدارة الأصول التابعة لـ"بي إن بي باريبا" BNP Paribas و"يو بي إس" UBS تمتلك في سندات السعودية المقومة باليورو بحسب الإفصاح الرسمي الذي ظهر في بيانات "بلومبيرج".

ويكثر الطلب حاليا على أدوات الدين الدولارية الصادرة من السعودية وأبوظبي والكويت التي تمتاز جميعها بارتفاع تصنيفها الائتماني "الذي يجعلها أقرب إلى الملاذات الآمنة في نظر البعض"، إضافة إلى العائد المتميز الذي يأتي في وقت وجد فيه مستثمرو الدخل المتخصصون في الأسواق الناشئة والمتقدمة أنفسهم بين خيارات عدة كالاستثمار في السندات السالبة أو المغامرة مع سندات الدول والشركات التي تعرف بسندات الخردة التي تمتاز بالعائد المرتفع ومخاطر عدم السداد المحتملة، بسبب انخفاض درجة التصنيف الائتماني لجهة الإصدار لما دون الدرجة الاستثمارية sub-investment grade.

وعلى الرغم من تفاوت المصادر التي تحدد العدد الفعلي للدول المنضوية تحت مسمى "الأسواق الناشئة أو الصاعدة"، فإن هناك إجماعا على أن تعداد تلك الدول يراوح ما بين 38 و45 دولة ضمنها دول الخليج وروسيا والصين وكوريا والهند.

 

ظهور بارز للبنوك الأوروبية

كشف الرصد عن وجود بنوك أوروبية "ذات أحجام صغيرة ومتوسطة" تمتلك في سندات السعودية الأوروبية التي يراوح عائدها ما بين 0.75 في المائة وشريحة الـ 20 عاما عند 2.00 في المائة.

يعود ذلك بسبب الضغوطات التي واجهتها تلك البنوك على هوامش أرباحها بسبب الفائدة السالبة التي على إثرها تزايد أعداد تلك البنوك الأوربية التي تبحث عن ملاذات آمنة بعوائد إيجابية.

يذكر أن الفائدة السالبة يتم تطبيقها على التعاملات المالية التي تتم بين البنوك التجارية فيما بينها، والتعاملات التي تتم بين البنوك التجارية مع البنك المركزي الأوروبي.

ويظهر رصد الصحيفة وجود أسماء مصارف أوروبية تمتلك في سندات السعودية المقومة باليورو كبنك إنتيسا سانبولو الإيطالي وLBBW الألماني ورايفيسين الروماني ودانسك الدنماركي.

وتعاني بنوك ألمانيا وهولندا وفنلندا والنمسا وبلجيكا معضلة إعادة استثمار ودائع العملاء بسندات دولهم، ذلك بعد أن أظهر الرصد أن أدوات الدين التي يراوح أجل استحقاقها ما بين شهر إلى تسعة أعوام في تلك الدول تسجل جميعها عوائد بفائدة سالبة.

شركات التأمين

أفاد العاملون في أسواق الدين الأوروبية في وقت سابق أن الجولات الترويجية لسندات دول مثل السعودية وأوكرانيا شهدت مشاركة شركات التأمين الألمانية والإيطالية والفرنسية.

وتفضل تلك الشركات الانكشاف على السندات المقومة باليورو بدلا من الاستثمار في السندات المقومة بالدولار، والانكشاف على مخاطر تباين أسعار الصرف الأجنبي.

ويظهر كشف الملاك لسندات اليورو للسعودية ظهور أسماء بعض شركات التأمين كشركة جينيرالي الإيطالية وأليانز الألمانية.

الاستدانة الخارجية
عن الاستدانة الخارجية، قامت السعودية هذا العام بإصدار سندات المقومة بالدولار بقيمة 7.5 مليار واليورو ثلاثة مليارات خلال شهري يناير ويوليو. وخلال أكتوبر أغلقت السعودية إصدار الـ2.5 مليار دولار من الصكوك الدولارية.

حيث تمكن "المركز الوطني لإدارة الدين" في وزارة المالية من تحقيق عائد وصل إلى 2.96 في المائة على آخر إصدارات المملكة الدولية من الصكوك.

ومعلوم أن مجلس الوزراء قرر في أكتوبر من هذا العام تحويل "مكتب إدارة الدين العام" في وزارة المالية إلى "المركز الوطني لإدارة الدين"، وسيتمتع المركز بالشخصية الاعتبارية المستقلة، والاستقلال المالي والإداري، ويرتبط تنظيميا بوزير المالية ويقع مقره في مدينة الرياض.

وتتضمن أهداف "المركز الوطني لإدارة الدين" الإسهام في وضع سياسة الدين العام للمملكة وتطويرها وتأمين احتياجات المملكة من التمويل على المدى القصير والمتوسط والبعيد، وضمان استدامة وصول المملكة إلى مختلف أسواق الدين لإصدار أدوات الدين السيادية بتسعيرة عادلة ضمن أطر وأسس مدروسة لإدارة المخاطر. ومتابعة شؤون التصنيف الائتماني للمملكة بالتعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة.

ذلك علاوة على تقديم خدمات استشارية واقتراح خطط تنفيذية للأجهزة الحكومية والشركات التي تمتلك فيها الدولة أكثر من 50 في المائة من رأسمالها والمؤسسات العامة في مجال اختصاص المركز، بما في ذلك تجميع بيانات الدين العام المباشر وغير المباشر ومعالجتها ومتابعتها، والتفاوض حول إعادة هيكلة الديون أو إعادة تسعيرها أو إعادة التعاقد عليها، أو خدمات تتعلق بسياسات التحوط أو إدارة علاقات المستثمرين في أدوات الدين العام، أو شؤون التصنيف الائتماني، وغيرها من الخدمات ذات العلاقة.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن