أعلن أمين الناصر الرئيس التنفيذي لشركة "أرامكو" السعودية، تلقيه تكليفاً من وزارة الطاقة برفع مستوى الطاقة الإنتاجية القصوى المستدامة إلى 13 مليون برميل يومياً من 12 مليون برميل حالياً، وذلك بعد إعلان روسيا زيادة إنتاجها في إبريل/ نيسان، ما يعني مضي المملكة في واحدة من أشرس الحروب النفطية ضد روسيا، في تنافس على أسواق دولية تشهد تراجعاً في الطلب النفطي.
ويبدو أنّ الإجراءات السعودية التي تعززت مع طلب المملكة من الإدارات الحكومية خفض ميزانياتها بما لا يقل عن 20% لمواجهة الانخفاض الحاد في أسعار النفط، أتت أكلها في روسيا، التي أعلنت عبر وزير طاقتها ألكسندر نوفاك، اليوم الأربعاء، أن الحوار مستمر مع "أوبك"، وسترسل روسيا ممثلاً إلى اجتماع اللجنة الفنية المشتركة المنبثقة عن المنظمة يوم 18 مارس/ آذار في فيينا. وقال نوفاك إنّ الوضع في السوق غير مستقر بسبب تفشي فيروس كورونا.
وانطلقت المعركة بعد عدم التزام روسيا بقرار "أوبك" خفض إنتاج النفط 1.5 برميل يومياً حتى نهاية 2020، تضاف إلى 2.1 مليون برميل تم الالتزام بخفضها سابقاً.
وسبق الإعلان السعودي، تصريح نوفاك، الثلاثاء، اعتزام بلاده زيادة إنتاج النفط بواقع 200 - 300 ألف برميل يومياً على المدى القصير، اعتباراً من إبريل/ نيسان المقبل.
رفع الإنتاج الروسي
وقال نوفاك، في مقابلة مع قناة "روسيا 24"، إنّ "إنتاج النفط الروسي على المدى البعيد قد يرتفع بواقع 500 ألف برميل يومياً"، فيما يبلغ متوسط إنتاج روسيا النفطي حالياً 11.29 مليون برميل يومياً.
وإعلان زيادة الإنتاج النفطي يترجم التنافس الشديد ما بين المملكة وموسكو على الأسواق النفطية، وسط تباطؤ الاقتصاد العالمي، وتراجع الطلب النفطي بسبب تداعيات فيروس كورونا الذي انتشر في أكثر من 100 دولة حتى اليوم. ويؤدي هذا الصراع، والمزيد من الإمدادات، إلى تحقيق المزيد من خفض أسعار النفط، ما يلحق أضراراً واسعة بالدول المنتجة التي تعتمد ميزانياتها على الإيرادات البترولية.
وذكر الوزير الروسي أنّ خفض الأسعار الحالي للنفط لم يمنع من إبقاء الصناعة النفطية الروسية قادرة على المنافسة.. "نحن من بين أوائل دول العالم الأقل تكلفة في إنتاج الخام".
وقد انتهى التعاون بين المنتجين في "أوبك+" الذي استمر ثلاث سنوات، يوم الجمعة، بعدما رفضت موسكو دعم تخفيضات إنتاج أكبر لتعزيز الأسعار التي تضررت جراء تفشي فيروس كورونا.
وقال نوفاك، الثلاثاء، إنّ روسيا لا تستبعد اتخاذ إجراءات مشتركة مع منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك"، لتحقيق الاستقرار في سوق النفط. وأضاف نوفاك أن تعافي أسعار النفط سيستغرق شهوراً عقب نزولها لأقل مستوى في أربعة أعوام (30 دولاراً) إثر انهيار اتفاق "أوبك+"، الأسبوع الماضي.
كما قال المتحدث باسم الكرملين الروسي ديمتري بيسكوف، أمس الثلاثاء، إنّ ما من أحد يستبعد إمكانية استئناف المفاوضات بين روسيا والسعودية بشأن التعاون الخاص بإنتاج النفط، رغم أن المحادثات بشأن المسألة انتهت بشكل غير ودي، يوم الجمعة.
وشرح بيسكوف، للصحافيين، أنّ من المرجح أن يستمر تقلب السوق الناجم عن انهيار أسعار النفط لفترة، لكنه أضاف أن التقلب كان متوقعاً وجرى وضعه في الحسبان.
وذكر أنّ الاقتصاد الروسي لديه احتياطيات كافية، وقوي بما يسمح لمواجهة عدم الاستقرار المؤقت في السوق.
لكن المملكة صعّدت من الموقف، إذ رد وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، قائلاً، أمس الثلاثاء، إن سوق النفط حرة، وأن كل منتج للنفط يحتاج لاستعراض تنافسيته والحفاظ على حصته السوقية وتعزيزها. وقال إنه لا يرى "ما يبرر عقد اجتماع لأوبك+ في الفترة من مايو/ أيار ويونيو/ حزيران فقط لنظهر الفشل في التعامل مع الأزمة الحالية".
السعودية تستعد للحرب
وقالت أربعة مصادر مطلعة، لوكالة "رويترز"، إن السعودية طلبت من الإدارات الحكومية تقديم مقترحات لخفض ميزانياتها بما لا يقل عن 20% في خطوات تقشف جديدة لمواجهة الانخفاض الحاد في أسعار النفط.
وأضافوا أنّ الطلب أُرسل قبل أكثر من أسبوع بسبب المخاوف بشأن تأثير فيروس كورونا على أسواق الخام وقبل انهيار اتفاق خفض الإنتاج بين أوبك وحلفائها يوم الجمعة.
وأبلغ أحد المصادر "رويترز" أنه عند إرسال الطلبات الخاصة بالميزانية كان المسؤولون السعوديون يتوقعون مفاوضات صعبة مع روسيا بخصوص الحاجة لتعميق تخفيضات الإنتاج من أجل استقرار الأسواق.
وقال مصدر "سوق النفط كانت منخفضة بالفعل بسبب تأثير فيروس كورونا على الطلب في الصين، وإلى جانب ذلك كانت هناك اتصالات على المستوى السيادي (السعودي) ولم يكن الروس إيجابيين".
وأرسلت وزارة المالية السعودية توجيهات للإدارات الحكومية بتقديم مقترحات لخفض بين 20 و30% في ميزانياتها للعام 2020. وقال أحد المصادر إن وزارة الخارجية نفذت بالفعل خفضا بنسبة 20%، مضيفا أن التخفيضات لن تؤثر على الأجور بل على المشروعات التي يمكن تأجيلها والعقود التي لم تتم ترسيتها بعد.
وتعتمد السعودية، أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، اعتماداً كبيراً على إيرادات الخام. وقال صندوق النقد الدولي إن الرياض تحتاج لسعر 80 دولارا للبرميل لضبط ميزانية 2020، التي يبلغ العجز المقدر فيها 187 مليار ريال (50 مليار دولار).