الكويت: تعقيب مركز الجُمان للاستشارات الاقتصاديةعلى اللقاء الصحفي لوزير التجارة والصناعة

تاريخ النشر: 20 فبراير 2005 - 03:28 GMT

نشرت جريدة القبس بتاريخ 13/02/2005 لقاء ً مع السيد / عبد الله الطويل وزير التجارة والصناعة تناول من خلاله العديد من القضايا المرتبطة بوزارته وقد أثار هذا اللقاء ردود سلبية في معظمها نشرت بالصحف مؤخرا ً وكذلك تداعيات عملية على أرض الواقع والتي تمثلت في معارضة الوزارة لبند زيادة رأس مال شركة مجموعة الأوراق المالية بعلاوة إصدار بحجة تلازم تلك الزيادة مع توزيعات نقدية الذي أقلق الوسط الاقتصادي حول ما اسماه بالتدخلات الغير مبررة في حقوق أصيلة لمساهمي الشركات.

لقد كان أداء الوزير الطويل ايجابيا منذ توليه حقيبة وزارة التجارة بل كان أداؤه أكثر من رائع في تصديه الحازم للمخالفات الجسيمة الخاصة ببيع البطاقات المدنية والتوكيلات المرتبطة بالاكتتاب بالشركات المساهمة الجديدة وكان موقفه هذا مثار إعجاب الحريصين على مصلحة البلد الذي كان بمثابة استعادة جزء ولو بسيط من هيبتها التي فقدت لأكثر من عقدين من الزمن .

ويبدو أن الوزير الطويل ينوي مواصلة مسيرة الإصلاح والنجاح التي بدأها في موضوع منع الاكتتاب الغير قانوني في تأسيس بنك بوبيان وهذا أمر مطلوب بلا شك منه ومن باقي الطاقم الوزاري لكن وجهة نظره الإصلاحية التي أبداها في اللقاء المشار إليه تثير الاستغراب والدهشة في بعض نقاطها وفيما يلي وجهة نظرنا بشأن بعض النقاط التي أثارها سعادته والمرتبطة باهتمامنا كمؤسسة استشارية تعمل في الحقل الاقتصادي .

أولا ً : التوكيلات لحضور الجمعيات العمومية خاصة بالشركات تحت التأسيس :
حيث أفاد الوزير بعزمه على مكافحة تلك الظاهرة وإنهائها على نمط حسمه لموضوع الاكتتابات نظرا ً لتفشي هذا الموضوع خاصة في شأن شركة القرين للبتروكيماويات ، فرغم عدم تخصصنا في الشئون القانونية ومدى توفر الغطاء القانوني لذلك التصرف إلا أنه من الناحية العملية يستحيل ضبط هذه الظاهرة أو الممارسة العملية السائدة في الجمعيات العمومية للشركات القائمة أو التي هي التي تحت التأسيس إلا بإجراء تحقيق مستقل لكل توكيل على حدة لعشرات الآلاف من التوكيلات هل تمت بمقابل أو بغير مقابل وطلب المستندات الموثوقة لعملية البيع إذا كانت هناك شكوك لدى لجان التحقيق الوزارية التي لا بد أن تكون بالآلاف للتأكد من شبهة أو تهمة البيع إن صح التعبير الذي قد يسفر عن إحالة عشرات الآلاف من المواطنين إلى النيابة العامة.... !

إن وجهة نظر الوزير بهذا الموضوع غير موفقة تماما ً رغم نيته الحسنة فيما يبدو حيث انه من المنطقي ان يتصرف صاحب السهم بحقوق التصويت بمقابل أو دون مقابل أو يمارس تلك الحقوق بنفسه الوضع الذي يختلف تماما ً عن موضوع الاكتتابات الذي كان خرقا ًً واضحا ً وسافرا ً للقانون بالإضافة إلى إضراره بشريحة كبيرة من المكتتبين بحصولهم على فتات الأسهم في مقابل استئثار فئة محدودة على الأسهم المطروحة بشكل يتنافى مع أبسط قواعد العدالة .

ثانيا ً : مدققي الحسابات
شكك الوزير بمصداقية دور مدققي الحسابات ومدى استقلاليتهم عن إدارة الشركات نظرا لكونهم مكلفون بالتأكد من مدى صحة البيانات المالية التي تقدمها الإدارة للمساهمين والجهات الرسمية ، حيث نعتقد أنه ربما كان رأي الوزير سليما ً بهذا الشأن والذي هو في حقيقة الأمر مصدر قلق لقطاع عريض من المساهمين في الشركات من وجهة نظرنا على الأقل إلا أن الوزير لم يكن موفقا ً في التعاطي مع الموضوع الفني والدقيق بل إن حديثه عن هذا الموضوع بالذات يعتبر إدانة شخصية له حيث أنه هو المسئول عن تطبيق قانون ممارسة مهنة تدقيق الحسابات ورصد المخالفين ومعاقبتهم وليس التذمر من ذلك الوضع الذي يعتبر هو المسئول الأول عن إصلاحه سواء بمحاسبة المقصرين أو تطوير التشريعات المنظمة لهذه المهنة الحساسة والمهمة .

ثالثا ً : تلازم زيادة رأس المال بعلاوة إصدار مع التوزيعات النقدية
منذ عدة سنوات طرأت ظاهرة بأن تعلن بعض الشركات توزيعات نقدية للمساهمين وفي آن واحد تطلب الأموال النقدية منهم على شكل زيادة رأس المال بعلاوة إصدار ، ورغم استغراب المتخصصين لهذا الإجراء على طريقة قول الوزير " خذ من كيسه وعايده " إلا إن تلك الظاهرة استمرت كونها تحصل على موافقة الجمعية العامة للمساهمين دون أي تعليق أو معارضة من الوزارة إلى أن دعا الوزير إلى منع مثل تلك التوصيات بشكل مفاجئ والذي حدث فعلا ً عندما طلب مندوب الوزارة من شركة مجموعة الأوراق المالية سحب ذلك البند من جدول الأعمال في بداية انعقاد اجتماع المساهمين رغم عدم اعتراض الوزارة فيما يبدو على ذلك البند عند تقديمه إليها لتحديد موعد الجمعية العامة للمساهمين علما ً بأن اللجنة الفنية في الوزارة اجتمعت بعد تصريح الوزير وقبل الجمعية العمومية المشار إليها وأفادت بأن قرار المساهمين هو الفيصل الوحيد في هذا الشأن ورغم ذلك حدث ما حدث ، علما ً بأنه هناك 6 شركات أعلنت مثل هذه التوصية حتى الآن فما هو مصير اجتماع مساهميها ؟

نود أن نكرر استغرابنا لتلك الظاهرة كما أسلفنا لكن كان من الأجدى من الوزارة عدم تحديد موعد الجمعية العمومية دون الوصول إلى حل حول هذا الموضوع مع كل شركة معنية للحيلولة دون إرباك اجتماع المساهمين السنوي الحيوي والمفصلي دون مبرر ، كما كان الأجدى بالوزارة أن تعلن نهاية العام الماضي على أبعد تقدير عن عدم موافقتها المسبقة على ذلك النوع من التوصيات حتى تكون الشركات على علم بذلك بشكل مسبق علما ً بأن قرار الوزارة يجب أن يكون وفقا ً للقوانين والأحكام المنظمة لاختصاصها في هذا الشأن الذي يقول البعض بعدم إلزامية موافقة الوزارة على جدول الأعمال   وتاريخ الجمعية العمومية وحتى ضرورة حضور مندوب منها لتلك الاجتماعات  !

إن وجهة نظر الوزير بهذا الشأن لها ما يبررها ونحن نسانده في ذلك إلا أن طريقة تصرف الوزارة تثير الاستغراب وتربك وتعقد الأمور وتضيع الوقت وتعرقل العجلة الاقتصادية والتي نعتقد بأن الوزير شخصيا ً مهتم بالإصلاح ولا يرغب بالتسبب بمثل تلك التداعيات ، حيث نقترح عليه تطبيق منعه لهذه التوصيات التي نعتقد أنها في محلها اعتبارا من العام القادم إن كانت وفقا للقانون والصلاحيات الممنوحة لوزارته ، ليكون تطبيق الإصلاح بعلم مسبق كما حدث في موضوع المتاجرة في البطاقات المدنية حيث تم إعلام الجميع من خلال الصحف بعدم قانونية مثل تلك التصرفات وإن كل من يقوم بها يتحمل المسئولية كاملة وهذا ما حدث فعلا ً وليس أن يكون المنع دون تنبيه أو تمهيد وبشكل مفاجئ.
 رابعا : قول الوزير بأن الكبار يهضمون حقوق الصغار ولا بد من حماية الصغار من الكبار
لا شك بأن كلام الوزير صحيح في هذا الموضوع ونؤيده في حرصه على مصالح صغار المستثمرين وقد أثبت عمليا تلك التوجهات في محاربته الشهيرة لتجار البطاقات المدنية والتوكيلات الخاصة بالاكتتابات كما أسلفنا حيث أنصف شريحة عريضة من المواطنين خاصة ذوي الإمكانيات المادية المحدودة من جشع بعض الكبار ، لكننا نود أن نستطرد بعض الشيء بما يتعلق بمصالح الصغار والكبار حيث لا يجب عرقلة مصالح كبار المستثمرين ما دامت مشروعة بحجة إضرارها بالصغار كما يجب أن لا ننسى بأن معظمنا ينادي بالاقتصاد الحر ويؤيد المبادئ الخاصة بالحد من هيمنة الدولة وإفساح المجال للقطاع الخاص لأخذ دوره المناسب في ظل الفشل الذريع للاقتصاديات الشيوعية والاشتراكية والريعية علما بأن خيارنا المتمثل بالاقتصاد الحر حتما - والمرتكز على نشاط كبار المستثمرين بالدرجة الأولى - سيكون له ضحايا كونه نظاما وضعيا وليس إلهيا الذي يتطلب من الدولة التدخل في بعض الحالات للحد من التداعيات السلبية لذلك التوجه ولكن ليس على حساب مقومات الاقتصاد الحر والمصالح الإستراتيجية للقطاع الخاص الذي ينبغي تشجيعه وحفزه لتقديم المزيد من الاستثمارات والمبادرات ولا يقلل من ذلك إلزامه ببعض التنظيمات التي قد تقتضي منه تقديم بعض التنازلات مثل ضرورة استيعابه لنسبة مهمة من العمالة الوطنية وربما دفع ضرائب مدروسة مستقبلا بعد تمهيد مناسب لتحمل أعباء معقولة تناسب المزايا التي يتمتع بها ، أي بعبارة أخرى فإنه يجب تشجيع كبار المستثمرين والقطاع الخاص عموما وعدم تثبيط عزائمه لأنه من المفترض أن يكون المحرك الرئيسي لاقتصاد والبلد مستقبلا وليس هناك خيار آخر .

وفي الختام نود أن ننوه إلى مشاطرتنا للوزير قلقه بما يتعلق بالمرجعية المشتتة في الدولة وسلبيات قانون الإفصاح الخاص بالملكيات الرئيسية للشركات المدرجة وأيضا بظاهرة ما يسمى بتفريخ الشركات كما نسجل تقديرنا للتحسن النسبي الذي تم بصدد سرعة اتخاذ القرارات وحسم الأمور ، من جهة أخرى فإن تعقيبنا على ما طرحه الوزير مساهمة متواضعة منا للمحافظة على المكاسب التي أنجزها وحرصا منا لاستمراره في أداء واجباته بالشكل السليم نظرا لندرة الرجال في هذا الزمن - ونقولها بكل أسف وأسى - المؤهلين لإدارة شؤون الوزارة والدولة عموما ً بالكفاءة المطلوبة والأمانة المنشودة .

© 2005 تقرير مينا(www.menareport.com)

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن